“الحد الفاصل” – الرئاسة الثالثة في مهب القمصان السود

مقابلات تلفزيونية 25 يناير 2011 0


س- الرئيس ميقاتي في تصريح له اليوم : اذا كانوا يتحدثون عن السُنة فأنا سُني بالإداء وسني بالإيمان وسني بالسياسة، أنا كنت المدافع الأول عن السُنة في لبنان، أنا أكثر شخص في لبنان حصل على نسبة أصوات سُنه. كفرد في صناديق طرابلس 87 بالمئة من السُنة أيدت نجيب ميقاتي. ما تعليقك ؟
ج- تعليقي أنه ليست هذه طبيعة ولا طريقة كلام الرئيس ميقاتي وأعتقد أنه لا يجب ان يترك نفسه يتوتر بالطريقة التي يظهر فيها .
الرئيس الحريري هو السُني الأول في لبنان حتى أنتخابات أخرى، هذه المسألة لا تُقرّر لا بالصلاة ولا بالصوم ولا بالديانة ولا بالإنتساب. صحيح لا أحد يستطيع أن يزايد على سنية الرئيس ميقاتي، هو فعلاً رجل دولة مسؤول بمفهوم الأمة وبالمفهوم السُني الشامل، ولكن هذا لا يعني أبداً أنه السني الأول. هذه مسألة تقررها صناديق الإنتخابات وصندوق الإنتخابات في العام 2009 قرر ان الرئيس سعد الحريري هو السُني الأول في لبنان بدون منازع فهو عنده 21 نائب سني في كتلته فضلاً عن نواب من كل الطوائف، والحد الاقصى الذي ناله الرئيس ميقاتي في الإستشارات ستة نواب سُنة ثلاثة منهم من المعارضة وثلاثة منهم زملاءه في طرابلس، أي الاستاذ احمد كرامي والوزير محمد الصفدي ودولة الرئيس ميقاتي .
أنا أريد أن أكون أوضح وأصرح في هذا الموضوع، الرئيس ميقاتي ليس بحاجة ليدافع عن تاريخه ولا بحاجة لأن يدافع عن سنيته، ولا بحاجة أن يدافع عن إيمانه ولا بحاجة أن يدافع عن أخلاقه، كل هذه الأمور لاشك فيها ولكن من يقرر هذا الموضوع هو صندوق الإنتخابات اولاً.
ثانياً: الإعتراض ليس على سنية الرئيس ميقاتي، الإعتراض على الطريقة التي أتى بها وكُلّف بها برئاسة مجلس الوزراء، فهذا ليس عرضاً بأن من أعطاني أصواته أنا لا أرفضها هو يعلم بأن التوافق على رئاسة الحكومة تتم أولاً وقبل أي شيء آخر عبر مؤسستين: أولاً المؤسسة السياسية التي يعبّر عنها مجلس النواب، وهذا يعني أغلبية النواب السُنة في مجلس النواب، وهي التي سمّت الرئيس سعد الحريري، ثانياً المؤسسة الدينية التي أبلغته بموقفها اليوم عبر مجلس المفتين، ولا أعتقد أنهم أبلغوه انتقاصاً من سنيته إنما بلغوه إنتقاصاً من الطريقة التي سُمي بها رئيس للحكومة أو كُلّف بها رئيساً للحكومة، فأتمنى أن نفصل بين التاريخ وبين الوقائع الحديثة. التاريخ لصالح الرئيس ميقاتي ولصالح سنيته ولصالح عروبته ولصالح لبنانيته، أما التكليف الأخير فلا علاقة له بتاريخه ولا بطبائعه ولا بسنيته ولا بأي موضوع آخر.

س- اليوم تسمّون الرئيس ميقاتي بأنه مرشح “قوى 8 آذار”؟
ج- نعم هو مرشّح “قوى 8 آذار” هذا ليس افتعالاً، هو أتى في الوقت الذي قررت فيه المعارضة القيام بانقلاب بالوسائل الدستورية، وكان هذا الأمر هو الذي أوصل الى تكليف الرئيس ميقاتي، فلماذا الدوران حول الموضوع؟ الرئيس ميقاتي مُلزم بشرح والدفاع عن وسائل تكليفه والظروف السياسية التي أدت الى تكليفه، ومطلوب منه أن يتفهمها ويشرحها بطريقة أفضل، لا أن يشرحها بطريقة تتناول مسألة لاشك فيها، وهي سنيته أو عروبته أو لبنانيته، فالأمور لا تُعالج بهذه الطريقة. هو يعلم أن المؤسسة الدينية أبلغته موقفها بشكل صريح وواضح، والمؤسسة السياسية أي مجلس النواب فيه 21 نائب سني صوّتوا لتكليف الرئيس سعد الحريري، وهذا يوصل الى أزمة مطلوب من الرئيس ميقاتيأان يبدأ بمعالجتها وبمناقشتها بطبيعتها وليس برفض وجودها.
يوجد إشكال حقيقي يتعلق بالطريقة التي سُمّي فيها الرئيس ميقاتي رئيساً للحكومة.

س- اليوم يقول السيد حسن نصرالله أن القول بأن الرئيس ميقاتي هو مرشّح “حزب الله” هو تحريض مذهبي؟
ج- أنا لا أريد الدخول في موضوع المذهبية مع السيد نصرالله، ولكن أريد تذكير السيد نصرالله وأذكرّ الذين سمعوا بأنه في الخطاب ما قبل الاخير للسيد نصرالله كان هو من يُنظم دخول وخروج رؤساء الحكومات إلى الترشيح . فلمّا شخص مثل عمر كرامي من بيت فيه ثلاثة رؤساء حكومات سلالة من رؤساء الحكومات وهو من بيت عروبي عريق ومسلم عريق وسُني عريق ووطني من الدرجة الأولى، ينتهي الأمر بأنه في خطاب السيد نصرالله يُرشح أو يسحب ترشيحه بهذه الطريقة، فماذا ينتظر الرئيس ميقاتي من السُنة ان يفعلوا؟ ماذا ينتظر منهم أن يفكروا؟ ماذا ينتظر منهم ان ينظروا الى الأمر؟ الرئيس ميقاتي بسبب تاريخه وبسبب سنيته وبسبب عروبته كُلّف لتجميل هذا الإنقلاب وجعله وكأنه صاحب وجه جميل. يؤسفني وأنا تربطني به صداقة ومحبة، وتربطني بأخيه الأستاذ طه، فضل وجميل كبير سياسي وغير سياسي عليّ، ولكن هذا لا يغيّر من الوقائع التي قلتها. على الرئيس ميقاتي أن يهدأ ويبحث في الأمر بشكل جدّي ويراجع ما حصل ويرى أين مكامن الخلل الحقيقي وليس بالدفاع عن تاريخه فتاريخه لا يحتاج الى دفاع .

س- يقول النائب وليد جنبلاط الشارع سلاح قاتل نتائجه الكارثية لا تقتصر على طرف دون آخر، الشارع يلغي الجميع اليوم الشارع، غداً ماذا؟
ج- هذه وسيلة من وسائل التعبير السلمي التي يحق للناس ان يعبّروا فيها عن رأيهم وعن إصرارهم وبدفاعهم عن خياراتهم السياسية سواءا أكانت باتجاه الرئيس الحريري أو بغيراتجاه الرئيس الحريري، هناك قضايا استراتيجية مطروحة الآن على طاولة البحث السياسي لا تتعلق فقط بتسمّية الرئيس الحريري رئيساً للحكومة أو عدم تسمّيته، هي تتعلق بما هو مصير هذا البلد وأين يقف هذا البلد الآن، موقعه السياسي رؤيته للأمور علاقته بالمجتمع الدولي موقفه من المحكمة الدولية وحقه بالتعبير بحرية عن رأيه، لا أحد يشجع الفوضى ولا أحد يقول بأن ما حدث كله سلمّياً. اليوم بالتأكيد للحقيقة أنا لم أتابع الصور، ولكن في اجتماع “كتلة المستقبل” سمعت من الإخوان الذين تابعوا شكاوى واعتراضات على بعض المظاهر التي حدثت، ونحن اعتذرنا في بيان الكتلة من كل وسائل الإعلام أياً كان اتجاهها السياسي على ماحدث، واعتذرنا مما حدث للمكاتب أو المقرات الخاصة، وأنا ايضاً أكرر الإعتذار وخاصة بما حدث في مكاتب الوزير الصفدي لأنه هذه ليست وسيلة تعبير سلمية، ولا من حق الناس أن يفعلوا ذلك سواءَ، كانوا معترضين على موقف الوزير الصفدي أو متفقين معه، ولكن هذه مسألة والمسألة السياسية شيء آخر.
ماذا نطلب من الناس؟ نطلب منهم ان يتجاوزوا ما تعبوا من أجله كثيراً وبذلوا من أجله دماً ووقتاً وجهداً، وذهبوا الى صناديق الإنتخابات مرتين في العام 2005 و2009 فنأتي ونقول لهم كل ما فعلتوه في الإنتخابات لا قيمة له، وعليكم أن تقرروا الآن أن تنسحبوا وأن تستسلموا لمنطق سياسي لا توافقون عليه .
إذاً ماذا نفعل؟ كل مانراه الآن هو نتيجة اتفاق الدوحة، كل مانراه هو نتيجة مُخالفة الدستور في اتفاق الدوحة، وتشكيل حكومة في أساسها لا يمكن أن تقف على رجليها لأن أساس نشؤها فيه تشوّه بنيوي إسمه الثلث المعطّل، والتي أدت إلى انها لم تُقدّم نتائج سياسية ولا أي تنميه ولا بمقدورها أن تؤمن أي وفاق سياسي بين الناس. ماحدث الآن هو إنقلاب آخر هو شبيه باتفاق الدوحة هو اتفاق دوحة آخر.

س- السؤال في مرماكم انتم . فأنتم أمام خصم يخطط يفعل ما قال شيئاً إلا وحققه في نهاية المطاف فما هو المخطط الذي قام به ” 14 آذار”؟
ج- نحن مجموعة سياسية سلمية نواجه سلماً ولن نستسلم، كل ما نفعله هو بالسلم وليس بالمواجهة العسكرية، اذا كانت هناك اخطاء حدثت اليوم فهذا لا يعني انها ستحدث غداً ولا بعد غد، وكلام الرئيس الحريري في البيان الذي لا أوافقه على توقيته وكأنه فيه اعتراض على ما قام به الناس اليوم، أنا لا أوافق عليه ومع ذلك أنا أعتقد بأن الناس ستلبي افكارها وستلبي حاجاتها وستلبي حقها بالتعبير عن رأيها بحرية وبالوسائل السلمية، وأنا أدعو جمهور رفيق الحريري بدون استثناء ومن كل الطوائف، وهو جمهور عابر من الحدود الى الحدود بأن يعبّر عن رأيه كل يوم بالوسائل السلمية والحضارية التي يتيحها له القانون، والتي هي أساس وجود لبنان وأي كلام آخر هو كلام استسلامي لن نقبل به.

س- يكتب ساطع نورالدين في “السفير” في 22 الجاري “قرار الرئيس الحريري الاستمرار بالمعركة التي انتهت ولم يبق منها سوى التقدير الأخير للخسائر” هو ايضاَ نوع من المخاطرة التي ليس لها أي مبرر؟
ج- هذه ليست أول مخاطرة ولن تكون الأخيرة. أنا أتحدث عنها ليس فقط عن الرئيس سعد الحريري أنا أتحدث هنا وأتكلم بخطابي إلى جمهور رفيق الحريري، من حقنا .. من حقنا.. من حقنا أن ندافع عن حريتنا، من حقنا أن نُعبّر عن رأينا، من حقنا أن نحمي المحكمة الدولية التي هي الوسيلة الوحيدة لاستمرار الحياة السياسية وحرية التعبير في لبنان. لا أحد يستطيع منعنا من هذا الحق، لا أحد، لا أحد، لا أحد. وهذا ليس كلاماً إنشائياً، هو كلام واقعي وحقيقي والناس بصراحة أحسن منا وأفضل منا ومبادرين أكثر منا وعاطفتهم أحسن منا وأصدق منا، ايضاَ فلا يبالغن أحد في هذا الأمر وكأن ما حدث هو ارتكاب، ماحدث هو حق بحرية التعبير وبحماية حق التعبير السياسي السلمي، نحن لن نتراجع عن هذا الأمر.
أكرر مرة أخرى مطلوب من كل صادق ومؤمن ومواطن من جمهور رفيق الحريري أن يحترم تاريخ الرئيس ميقاتي، وأن يحترم سنيته، ولكن أن يؤكد اعتراضه السلمي على الطريقة التي تم فيها تكليفه، والتي لا تتوافق مع روح الميثاق، ولا تتوافق مع حق الناس بالتعبير عن رأيها واختيار الشخص الذي يناسبها، لولا طريقة التكليف والأسلوب الذي تمّ به لا تشوب الرئيس ميقاتي شائبة على الإطلاق، لا يجوز تناول شخصه بأي كلمة من الكلمات، هذا الشخص تاريخه يحميه ولكن تاريخه لا يكفي لحماية الطريقة التي كُلّف بها.

س- لو سألتك من أتى بالرئيس ميقاتي ماذا تقول؟
ج- أتى بالرئيس ميقاتي مجموعة من القوى السياسية قررت تجميل إنقلابها لإقناع الرئيس ميقاتي بترشيح نفسه أو بترشيحهم له، وباعتبار انه وجه معتدل يمكن من خلاله التدرج في الإنقلاب بل من التسّرع عبر مرشح آخر هذا هو الأمر بكل بساطة.

س- أين هو الدور القطري والفرنسي؟
ج- أنا لا أعلّق أهمية خاصة على الدور القطري أو الفرنسي، أنا أتحدث هنا عن رأيي بصفتي مواطن، إذا كنا نريد التكلم بالسياسة، الدور القطري والدور الفرنسي داعم لهذه الحركة ويعتقد أنها طريقة مناسبة لإدارة الأمور في لبنان، ولكن أنا لا أوافق على هذا الأمر.

س- حتى أن ردّ الفعل الأميركي الذي بدأ من المتحدث باسم البيت الأبيض بقوله ربما يكون هناك تعقيد في العلاقات بين لبنان وأميركا إذا كان لـ”حزب الله” نصيب في هذه الحكومة وربما يصل الأمر إلى المساعدات استعمل تعبير ربما؟
ج- بصراحة أنا لم أعلق منذ سنوات طويلة أي مصداقية على السياسة الأميركية، لا في لبنان ولا في المنطقة، أنا من الدعاة الدائمين والملحين والمصّرين ان لبنان دولة عربية وانه مسؤولية العرب، وانه مسؤولية أهله والسياسة الأميركية لم تكن في حياتها لصالح لبنان ولن تصبح في حياتها لصالح لبنان، هي لا تملك ميزان عادل لا في لبنان ولا في منطقة الشرق الأوسط ولا في أي مكان آخر. لذلك لا أنتظر الموقف الأميركي ولا يعنيني الموقف الأميركي مع احترامي للقوى العظمى ولقدرتهم على التأثير السلبي في كل مكان يتدخلون فيه، ولكن هذا ليس رهاني، أنا رهاني الدائم والذي لن أتراجع عنه هو أن لبنان دولة عربية وهو مسؤولية العرب، وأن من يدافع عن النظام العام في لبنان يدافع عن كل عاصمة عربية، لأن لبنان في غير هذه النظرة العربية وتأكيد عروبته سيتحول الى ساحة أو الى منطقة أو الى موقع لتصدير الفوضى الى كل عاصمة عربية.
وهنا أنتهز هذه المناسبة لأقول كلاماً مخالفاً للسائد، اليوم أنا أناشد الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن يعود الى الإمساك بالملف اللبناني، وأناشد ايضاَ وأطالب الرئيس بشار الأسد أن يكون شريكاً له لضمان الإستقرار في لبنان وتحقيق الحق، بدلاً من الدخول في لعبة الفوضى التي لا توصلنا ولا توصل أياً من العرب الى أي مكان. الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو أب العروبة وهو راعيها وهو كبيرها، والرئيس الأسد هو المعني الأول والدائم بعروبة سوريا وكل ما يحدث في لبنان يؤثر على عروبة سوريا، وكل ما يحدث في سوريا يؤثر على عروبة لبنان.

س- في حديثك للـ”الشرق الأوسط” دعوت سوريا إلى الإستيقاظ على عروبتها؟
ج- ربما لم اُحسن التعبير في هذا المعنى، لأن عروبة سوريا لم تكن في يوم من الأيام نائمة، ولم تكن في يوم من الأيام غائبة، نحن نختلف مع سوريا ونتفق معها نُسيء اليها أو تُسيء الينا، لكن عروبة سوريا مقيمة فيها لا تتركها ولا لحظة من اللحظات.

س- كلام جميل؟
ج- كلام واقعي.

س- لنعود الى الواقع السياسي غداً سيشكلون حكومة، سيأتون بحكومة ماذا لو ذهبت هذه الحكومة الى ما سمعناه من إقالات وفتح ملفات؟
ج- دعينا لا نبّسط الأمور لا أعتقد أن الحديث عن تشكيل الحكومة هو بالبساطة التي تتحدثين فيها، ولا أعتقد أن الرئيس ميقاتي يريد أن يواجه لا المؤسسة الدينية ولا المؤسسة السياسية، دعينا نتروى ونفكر بهذا الموضوع، ونتابع بالإعتراض السلمي على ما يحدث، وبالتالي لا نستعجل النتائج كأنها ستحدث غداً، هذا كلاميلزمه المزيد من الوقت والمراجعة وتفصيل. أصلاَ هناك استعجال في الأمور وكأنها بدأت وأنتهت.

س- البعض يعتبر أن” 14 آذار” بدأت حركتها في هذا التظاهر للحفاظ على أصواتها التي ذهبت في الإنتخابات النيابية وبأنكم تأخرتم؟
ج- ليس للحفاظ بل لحماية حق هذه الأصوات هذا حقهم الطبيعي، فلا نستطيع أن نطلب من مليون شخص نزلوا على صناديق الإنتخاب القبول بإلغاء النتائج، هذا كلام غير صحيح وهذا حقهم لهؤلاء الناس نحن نتحدث هنا عن الحق ولا نتحدث هنا عن حماية، هذا حق للذين صوّتوا وحق للذين مارسوا وحق للذين تظاهروا وحق للذين استشهدوا، لا يستطيع أحد أن يتخلى منهم عن هذا الحق أياً كان لا الرئيس سعد الحريري ولا الرئيس ميقاتي ولا أي رئيس آخر يستطيع أن يُلزم هؤلاء اللبنانيين بالتخلي عن حقهم .

س- اليوم دعاكم السيد حسن للّم الشمل حتى لا نضيّع الوقت يقول تعالوا؟
ج- جيد ولكن لماذا لم يلّم الشمل من قبل، أنا ابحث على جواب على سؤال منذ عشرة أيام، قيل ان هناك تسوية وُضعت أو أفكار أو ورقة أو التزام في 20 آب الماضي، لماذا لم تُنفّذ المعارضة أي من بنود هذه الورقة؟ ولماذا لم تُنفّذ هذه المعارضة بادرة واحدة لحسن النية لتنفيذ هذه الورقة؟.
الرئيس سعد الحريري في 6 أيلول قال في حديثه للـ”الشرق الأوسط” بتبرئة سوريا من اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأنا أؤكد أن هذا صحيحا وسليما وأؤيده، وتحدث عن مسألة شهود الزور بطريقة تسببت بارتباك سياسي وكأنه سلّم موضوع من لا يملك يعطي لمن لا يستحق فماذا أعطوه مقابل ذلك؟ أتمنى لمرة ان ألقى إجابة على هذا السؤال، لماذا بقي هذا الملف لمدة أربعة اشهر في درج المعارضة أو في الدرج السوري أو في الدرج الإيراني؟ أريد جواباً .

س- مصدر في المعارضة يقول للـ”الشرق الأوسط” لأننا لا نثق بسعد الحريري، هناك أزمة ثقة بالرئيس الحريري؟
ج- أزمة الثقة هي في المسائل العاطفية أما في المسائل السياسية فهناك أزمة تنفيذ بما أنه قدّم الخطوة الأولى بصوابها أو بخطئها أريد جواباً لماذا لم يقدّموا له أي بادرة حسن نية. ماذا كان يمنع احمد جبريل الذي ورد سلاحه في الورقة ماذا كان يمنعه من الخروج في مؤتمر صحافي وأن يقول أني أتعهد للأسباب التالية الموجبه بأني سأنسحب من الناعمة ومن قوسايا خلال ثلاثة أشهر فماذا كان سيحصل؟ هل كان سيذهب اللبنانيون ويضعون المسدس في رأسه، وقالوا له عليك أن تنسحب غداً، أريد أن يجاوبني أحد، ولكن ليس لدى أحد جواب لأنهم كلهم يريدون لبنان ورقة لكي يفاوضوا عليها. الأميركي يريد لبنان ورقة لكي يواجه بها وأنا أرفض هذا المنطق تماماً، والإيراني يريد لبنان ورقة لكي يضغط بها، والسوري ينتظر المفاوض الأميركي ربما لأنه يريد أن يتولى الشأن السياسي في لبنان بالاتفاق مع المجتمع الدولي، وليس في مواجهة مع المجتمع الدولي، ولكن نحن لسنا ملعباً للآخرين ولا ورقة للآخرين، وقد دفعنا ما يكفي من الدماء والجهد والتعب وقمنا بكل ما يمكن القيام به لكي نستحق الحق في الحياة، هذا دفاعاَ عن الحق والحياة وليس الدفاع عن الحق بأن تعتدي على الآخر. يجب على كل واحد ان يراجع نفسه ويراجع الوقائع ليرى أين ابتدأ هذا الأمر وأين أنتهى .

س- هل ستشارك “14 آذار” في المشاورات التي سيجريها الرئيس ميقاتي لتشكيل الحكومة؟
ج- أنا أعتقد أن هذا الأمر لن يحدث لسببين :
السبب الأول: أنه لا يوجد أي مزاج أو رغبة جدية بالمشاركة .
والسبب الثاني: والأهم أنه ما من أحد سيعرض عليهم ليشاركوا، لأن تشكيل حكومة سياسية الآن من كل ألاطراف أمر شبه مستحيل.

س- لكن عُرض عليكم الثلث زائد واحد؟
ج- أعتقد ان هذا العرض له علاقة بالعلاقات العامة وبالرأي العام، أكثر مما له علاقة بطبيعة الحكومة المقبلة، هذه مسألة مختلفة تماماً، أنا لا أعتقد بأن أحداً سيعرض على أحد جدّياً المشاركة في هذه الحكومة، لأن كل الكلام الذي يُقال أو الذي يظهر وكل الوقائع تؤكد استحالة تشكيل حكومة سياسية من كل الأطراف، الشق واسع وكبير بمواضيع رئيسية بين من قاموا بالإنقلاب ومشروعنا السياسي.
الرئيس ميقاتي سُمّي باعتباره نقطة إلتقاء للطرفين، ولكن هذا الأمر ليس واقعياً ولن يُصبح واقعياً ولن يتحقق.

س- بالرغم من أنه يُشدّد على أنه وسطي، هذا ما عرّف نفسه به؟
ج- على كلٍ هذا النقاش قديم، بيننا وبينه، لأن كلمة الوسط آتية من آية من القرآن الكريم “وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً”. بمعنى ان الوسطي هو من يشهد للحق وليس بمعنى انه محايد بين هذه الجهة أو تلك، الوسطية لها مفهوم مختلف تماماً في الإسلام، والرئيس ميقاتي يعرف ذلك أكثر مني، ويعرف بالتأكيد آيات أكثر مني، وهو رجل مُتدّين فعلاً وصادق في إيمانه، ولكن الوسطية في لبنان هي غير الوسطية في الإسلام. فالوسطية في لبنان هي أن تحيد نفسك قدر المستطاع من الإشتباكات التي تدور حولك، وهذا الأمر فعلاً قام به الرئيس ميقاتي بشكل أو بآخر الى حين تكليفه.
أعود وأقول هو ليس بحاجة الى أن يدافع عن تاريخه.

س- أنتم مستمرون في حماية الحقوق التي سقطت في صناديق الإقتراع، في حماية أصوات الناس بالرغم من تبدُّل المشهد؟
ج- نعم، وليس لدينا أي خيار آخر.

س- سأقرأ مقطع كُتب في “النهار” للزميلة روزانا بومنصف أعطني صورة معاكسة لما سأقرأه عليك؟ “ان الخيار الراهن حتى الآن كما هو ظاهر هو بين الذهاب الى دولة مارقة وفاشلة لمصلحة “قوى 8 آذار” والذهاب الى دولة فاشلة لمصلحة “قوى 14 آذار”؟
ج- طبعاً هي تُعبّر عن حالة يأس موجودة، ولكن ما حدث اليوم يؤكد ان الناس وكما قلت أفضل منا وأصدق منا ومبادرة أكثر منا، أنا أوافق على ما تقوله السيدة روزانا، ولكن الناس ليست موافقة، وبالتالي مازال عند الناس نخوتها وعندها حسّها الوطني، وعندها حماسها وصدقها ومبادرتها بأن تُدافع عن كل السنوات التي أمضتها ذهاباً ومجيئاً، أما على مظاهرة وأما على جنازة لشهيد وأما على صندوق انتخاب. لا يمكن رمي كل هذا الرصيد في مجهول. الآن يجب أن يكون هذا واضحاً، أنا أتمنى من السيدة روزانا أن تصدّق الناس ولا تصدّق السياسيين، لأن الناس لا يسعون أبداً الى دولة فاشلة، ولن يقبلوا حتى “14 آذار” دولة فاشلة، وإذا كانوا تأخروا بالتعبير فبالتأكيد كانوا في يوم من الأيام سيعبّرون عن رفضهم لأي مظاهر الفشل الذي ظهرت في “قوى 14 آذار”.

س- على ماذا تعوّلون، فقط على الناس؟
ج- ليس لديّ خيار ولم يكن عندي خيار غير على لبنانية الناس، عروبة الناس، وصدق الناس وقدرتهم على التحرك السلمي لحماية حقوقهم وحريتهم، رهاني الآخر هو على الأب الراعي للعروبة الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعلى عروبة سوريا لتي يرأسها الرئيس بشار الأسد.
وأكرر رغم كل ما قيل عن الإنسحاب السعودي وعن الزعل السوري، لا خيار أمامهم سوى أن يرجعوا ويتشاوروا ويتحدثوا ووضع قواعد سليمة لما أسميته في وقت من الأوقات مربع الإستقرار، هذا الأمر هو الوحيد الذي يوصل الى نتيجة سليمة، وأي كلام آخر هو حل مؤقت يؤدينا الى مزيد من الأزمات، مزيد من المواجهة، مزيد من المشاكل، وبالتأكيد الرئيس ميقاتي ليس هذا ما يسعى إليه، لأنه مُخالف بطبائعه، مُخالف لتاريخه ومُخالف لرغبته الدائمة بالسلام والأمن للناس.

س- عدم تأجيل رئيس الجمهورية للإستشارات كما حصل الأسبوع الماضي ألا يطرح أسئلة بين العلاقة التي ستكون بين “14 آذار” وبين رئيس الجمهورية؟
ج- أبداً فقوى “14 آذار” والرئيس الحريري والرئيس السنيورة وآخرين، وأعتقد الدكتور جعجع والكتائب وكل القوى السياسية المنضوية، أنا لا أستطيع أن أتحدث نيابة عنهم، ولكن أستطيع القول ان رئيس الجمهورية كان صادقاً وجدّياً وبذل كل جهده لإيصال الناس الى التوافق، ولم يكن أمامه أي خيار سوى الإلتزام بموعد الإستشارات، هذا لا يغيّر أبداً من أنه كان جدّياً ورصيناً وراغباً في تنفيذ الدستور بحذافيره، وهو ما ندعو إليه دائما، وهو العودة الى الكتاب، ليعُد كل منا الى الكتاب الذي هو الدستور.

س- لكن هذا الكتاب يقول بمشاركة كل الألوان داخل الحكومة، كيف سيتصرّف رئيس الجمهورية؟
ج- أبداً، هذا الكتاب يقول بأن من ينجح في الإنتخابات هو من يشكّل الحكومة، ما حدث هو أمر معاكس للكتاب تماماً، وهو ما أوصلنا الى هذه النتيجة. دعينا نكون واضحين، والكتاب يقول بأن نتيجة الإنتخابات تُترجم في الحكومة، ما حدث أننا تنازلنا عن نتائج الإنتخابات وذهبنا الى حكومة الأزمات، هذه حقيقة وربما هذا ما عبّرت عنه السيدة روزانا في مقالها.

س- الحقيقة الأخرى هل يقبل بحكومة من لون واحد، وأنتم لن تشاركوا فيها؟
ج- أنا لم أقل أنه سيقبل بحكومة من لون واحد، أو من ألوان متعدّدة، أنا قلت أنه سيكون كثيراً كثيراً من الصعب تشكيل حكومة سياسية لا توافقية ولا غير توافقية ولا فيها كل الأطراف، هذا أمر شبه مُستحيل في الظروف الحالية، الازمة أكبر من ذلك بكثير، لأن العناوين الكبرى لا يمكن بحثها بعد تشكيل الحكومة، العناوين الكبرى هي العناوين المطروحة ولا جواب لأحد عليها، وهي أربعة.

س- بدأتم بالعلاقات اللبنانية-السورية سنة ونصف ما كانت النتيجة؟
ج- كانت تجربة غير ناجحة وفاشلة لأسباب كثيرة، أولها عدم القدرة على التفاهم على كثير من الملفات وربط الأمور ببعضها، ما أوصل الى لا نتيجة، وأنا مُقتنع تماماً بأنه لا يمكن للبنان أن يستقر ما لم تستقر علاقته بسوريا، ولا يمكن لسوريا أن تستقر ما لم تستقر علاقتها بلبنان، إنما واضح ن هناك الكثير من الأمور والمفاهيم والعناوين تغيّرت في لبنان في السنوات الخمس الأخيرة، وحتى الآن القيادة السورية لم تعتد عليها ولا اعترفت فيها، ومن جهة أخرى هناك عناوين اشتباك لا تزال موجودة بعد حديث الرئيس الحريري للـ”الشرق الأوسط” صدرت مذكرات التوقيف بحق 33 شخصية معظمها شخصيات رسمية لبنانية، فهل تُحسِّن هذه المذكرات العلاقات بين البلدين أم أنها دليل عدم ثقة، لا يوجد ما اسمه ثقة وعدم ثقة في السياسة، هناك شيء اسمه تسلّم أو لا تسلّم، هذا التسليم كان واضحاً انه مطلوب من الرئيس الحريري وأن يتخلى مُسبقاً عن المحكمة ومجاناً وأن يواجه جمهوره وأن ينتحر سياسياً، وهذا أمر لا يوجد عاقل أو منطقي أو موزون ولا في واحد يستطيع مواجهة جمهوره بهذا الأمر، وأعتقد ان الرئيس الحريري يشعر بأنه ربما أخطأ بأنه أعطى الكثير قبل أن يحصل على تأكيدات حاسمة وصارمة بشأن الدولة اللبنانية التي تحدث عنها، وبشأن الدستور وبشأن السلاح وبشأن العلاقات اللبنانية-السورية، كل هذه الأمور ليست محسومة ولا يوجد جواب عليها، ما لم يتم حسم النقاط الأربع التي تبدأ بالعلاقات اللبنانية.

س- ماذا عن سلاح “حزب الله”؟
ج- لا يستطيع “حزب الله” ولا قوى العالم كله أن تطلب منا تجاه سلاح “حزب الله” إلا بأن نحفظ له حقه في مواجهة إسرائيل، من ضمن التفاهم مع الدولة، وأي كلام آخر لا يمكن لأحد أن يوافق عليه، أنا واحد من الفخورين بما حدث عام 2006، لكن هذا الفخر هو بمواجهة إسرائيل، هناك إصابات حدثت في مفهوم هذا السلاح وبمضمون هذا السلاح وبقدرة هذا السلاح على مواجهة اللبنانيين بالداخل، ليس فقط في 7 أيار، حدث ذلك مرتين بعد اتفاق الدوحة داخل مدينة بيروت، وبالتالي لا أحد يطلب منا ما لا نستطيع أن نفعله، ما نستطيع أن نقوم به التزاماً بتربيتنا القومية وبعروتنا أن نحفظ سلاح المقاومة في مواجهة إسرائيل، وغير ذلك هو كلام خارج قدرة أي إنسان على التحمُل، وخارج قدرة أي لبناني على الإلتزام به.

س- في الواقع السياسي هل يمكن تغيير هذه القوة التي يمتلكها “حزب الله” اليوم، هذه الصورة التي هو عليها بدون أي تغيير في المشهد الإقليمي؟
ج- أنا لا أتحدث عن التغيير، أنا أقول اني أريد أن أحمي سلاح المقاومة.

س- أنا أتحدث عن السلاح الموجود في الداخل؟
ج- السلاح الموجود في الداخل هو جزء من تفاهم لبناني إقليمي، وهذا كان موجوداً أصلاً في ورقة العمل، وكان موجوداً أيضاً في مربع الإستقرار الذي تحدثت عنه.
نحن لا نستطيع أن نحتمل لحياة سلمية ومستقرة لكل اللبنانيين وأولهم جمهور “حزب الله” ومن ثم باقي اللبنانيين، غير أن يكون هذا السلاح هو سلاح المقاومة في مواجهة إسرائيل، وإلا الأزمة ستستمر وفي لبنان لا أحد يستطيع أن يُلغي أحد مهما اتضح له في يوم من الأيام، أنه اليوم هو يستطيع وغدا يستطيع، ولكن الأسبوع القادم لن يستطيع ذلك، والأسبوع الذي يلي لن يستطيع أكثر وأكثر، وبالتالي هذا الأمر هو الوحيد الذي نستطيع الإلتزام به من ضمن التفاهم مع الدولة اللبنانية ولا أحد يمكن أن يطلب منا شيء آخر.

س- ماذ عن المسلّمة الثالثة التي تحدثتم عنها الطائف؟
ج- الدستور العودة الى الدستور، نحن أجرينا خمس دورات انتخابية من سنة 1998 ، والخمس دوارت كانت بقوانين مشوّهة بما فيها التي أُنتخبتُ فيها في آخر انتخابات، وهي مُخالفة للدستور كلياً، ولذلك النتيجة هي استمرار الأزمة، والنتيجة من عنده اعتراض على هذا الدستور سواءا من الذين يتحدثون عن صلاحيات الرئاسة أو الذين يعتقدون بأن لطائفتهم حقاً أكثر من غيرهم لمفاهيم أنا لا أعرفها ولا أُقر فيها، ولا أعترف بها، عليهم أولاً أن يجروا دورة انتخابية قاعدتها الدستور، وربما دورتين وبعد أن يكون هناك مجلس نواب على قاعدة الدستور كما جاء في الطائف، يبحث هذا المجلس بنواقص وطبائع وأمراض الطوائف اللبنانية المنتشرة عند الجميع وبدون استثناء والحمدلله. لكن قبل ذلك هو كلام افتعال لأزمة ولمزيد من الحروب ولمزيد من المشاكل ولمزيد من المذهبية والطائفية. أنا لا أفهم من له مصلحة في هذا الأمر.

س-المسلّمة الرابعة المحكمة، ألا تعتقدون بأن الورقة التركية -القطرية التي نُشرت في الصحف ستُمهد الطريق؟
ج- أنا ما قرأته الورقة السورية-السعودية، لم أقرأ الورقة التركية-القطرية.

س- هناك اختلاف حول هذا الأمر، البعض يقول سورية- سعودية، والبعض التركية-القطرية؟
ج- أنا ما قرأته في صحيفة “السفير”.

س- عظيم في الثلاثية التي تتعلق بقطع علاقات لبنان بالمحكمة سحب القضاة؟
ج- إنسحاب الشرعية اللبنانية من المحكمة.

س- عظيم رفع الغطاء اللبناني عن المحكمة هذا ما نُشر ضمن تسوية كاملة، ولكن هذه التسوية ألا تُمهّد الطريق لمن سيأتي في الحكومة، أو لأي فكرة في التخلي عن المحكمة؟
ج- دعينا نكون بسيطين، وأنا سأقول كلاماً مباشراً منذ اللحظة الأولى كانت كل المداولات التي بيننا على الأقل، أنا لم أطّلع على الورقة سوى في الصحف، وأعتقد ان ما اطلعت عليه ورقة سخيفة وتافهة ولا تعبّر عن أي مطلب جدي لأي واحد منا، ولكن قبل صدور القرار الإتهامي لا بد من وضع خارطة طريق لتفاهم لبناني لمعالجة تداعيات هذا القرار، والموقف من المحكمة، أما المجيء فوراً بشكل مباشر الى عنوان وحيد هو إلغاء المحكمة من الجانب اللبناني دون قرار اتهامي ودون توضيح من هو المُتهم؟ لأننا مازلنا نتحدث عن أخبار وروايات وتفاصييل دخلنا فيها في عاصفة من الغبار، مرة اسمها شهود الزور ومرة الإتصالات ومرة الكومبيوتر بصرف النظر، هذه كلها عاصفة غبار مُفترض بها إزاحة العين أو النظر عن الموضوع الرئيسي، على الأقل أستطيع التأكيد انه بتداولنا السياسي كان دائماً هناك استعداد لوضع خارطة طريق بشأن المحكمة والقرار الإتهامي تُنفّذ تزامناً مع صدور القرار، وهنا أنا لا أدّعي بوجود قرار بهذا الشأن، هذا الأمر لم يوضع على ورقة، ولكن إذا كنا نتحدث عن هذه الورقة التي نُشرت فلماذا لم يسأل أحد سؤال لماذا كل البنود الموجودة في الورقة لم يُنفّذ منها أي بند شكلي، وليس جدّياً، ومضمونه عظيم يغيّر من طبائع النظام اللبناني، مثلاً كقضية قانون قوى الأمن الداخلي وطريقة التصويت داخل مجلس القيادة، فما هذه القضية العظيمة التي لم تُنفّذ ولم تؤخذ بعين الإعتبار، وبالتالي نضع مذكرات التوقيف سيفاً مسلطاً عليكم حتى تنفّذوا. ما هذا الكلام؟ هذا كلام سياسي يعني أما أن تفعلوا ما نريد وأما تتم معاقبتكم يومياً، وبالتالي هذا ليس كلاماً بالسياسة، هذا كلام لا يعترف بلبنان ولا يعترف بالطبائع اللبنانية، لا يعترف بالتغييرات التي حدثت في لبنان، وبالتأكيد لا يريد الإعتراف بالسنوات الخمس الماضية، هذا الكلام على الأقل بالطريقة السلمية التي نعبًر فيها لن نوافق عليه.

س- حين يُعلّق امين عام “حزب الله” على عبارة الإغتيال السياسي التي قالها الرئيس سعد الحريري، وقال ليس هو الذي يتعرض للإغتيال السياسي، ولكن الحزب هو من يتعرض؟
ج- أنا أسأل كلمة الإغتيال السياسي في حديث الرئيس الحريري، وردت في حديثه عن المحكمة أم عن رئاسة الحكومة؟ وردت في الحديث عن التخلي عن المحكمة الدولية مجاناً ودون أي مقابل له علاقة ببناء الدولة.
لنفترض ان هناك عدم ثقة بأن الرئيس الحريري سيقوم بما التزم به، فمن قال ان الرئيس الحريري يثق بأن الآخرين سيقومون بما التزموا به، ولذلك هذا كلام يُرد على أصحابه، وبالتالي الخطأ يطال الطرفين، ولكن هذا لا يوصل الى نتيجة.
ان المعني الأساسي والفعلي بالدفاع عن الإغتيال السياسي للمقاومة والمعني بمواجهة المحكمة الإسرائيلية-الأميركية الإمبريالية الإستعمارية، أنا أريد الجواب على سؤال واحد، المعني بكل هذه العناوين هل يجوز أن يضع ورقة في الجارور طيلة أربعة أشهر فهل بهذه الطريقة تواجه المحكمة؟ وهل هذه الطريقة السليمة لمواجهة المحكمة؟ والطريقة المسؤولة لمواجهة المحكمة؟ والطريقة التي تحمي المقاومة من المحكمة؟ أنا بعقلي البسيط لا أرى أن هذا الأمر كان ممكن أن يحدث، نتيجة الأسلوب التي عولجت بها الأمور من كل الجهات، وأنا أُحمّل هنا المسؤولية للجميع بشأن هذه الورقة بما فيها بعض الإدارات العربية التي تدخلت في هذا الموضوع، وهي قليلة الخبرة وقليلة المتابعة ليست متابعة بشكل دقيق وسليم ومثابر.
وأنا هنا أقول ذلك تعليقاً على كلام سماحة السيد نفسه، فإذا كان هذا الكلام يؤدي الى اغتيال المقاومة سياسياً ويؤدي الى انتصار القوى الكبرى وإسرائيل وأميركا فلماذا وُضعت هذه الورقة التي وافق عليها الرئيس الحريري كما قالوا هم؟ لماذا وضعت في الجارور لمدة أربعة أشهر؟ لماذا أُقيمت الحواحز بين لبنان وسوريا عبر مذكرات التوقيف؟ إذا كنت أنت تريد تنفيذ هذه الورقة، لماذا لم يأخذ أحد أي بادرة حسن نية تجاه ما ورد في الورقة؟ أنا أريد جواباً على هذا السؤال الذي أطرحه منذ شهر دون أن يتمكن أحد من إجابتي. كيف أنت ممكن تكون مُعرّض لخطر بهذا الحجم وتترك فرصة بهذا النوع دون أن تتابعها يومياً فقط لأنك لا تثق بالرئيس سعد الحريري، هذا لا يكفي والرئيس الحريري ممكن يقول أيضاً أنا لا أثق بالطرف الآخر، وبالتالي هذا كلام يُلغي بعضه.
يجب أن تُبادر وتعمل جهد وتشتغل وتتابع وتصل الى نتيجة وتؤلب القوى وتجمع الناس وتشرح لهم السياسيين القادرين على مساعدتك، القادرين على تفهم وجهة نظرك، أما أن تضع الورقة في الجارور أربعة أشهر وتأتي وتقول هذه محكمة استعمارية امبريالية إسرائيلية فقط دون أن تقول كيف سنواجهها، بغير إرهاب الناس وبغير أن تصرخ عليهم وبغير ظهور قيادات تُهدّد بقطع الأيدي والأرجل والأصابع.

س- ألا تعتبر ان ما قام به “حزب الله” هو ضربة بالمعنى السياسي بالسياسة وليس بمعنى ألحق ضربة موفقة بأن ليس هناك من حكومة اليوم لتستقبل القرار الإتهامي؟
ج- لكن هل المطلوب حكومة تستقبل القرار الإتهامي؟.

س- ولكن لمن سيتم توجيه القرار بعد صدوره؟
ج- وهل القرار سيتوجه للحكومة وكأن اليوم هناك فرقة من قوى الأمن الداخلي تقف الآن على باب وزارة العدل تنتظر استنابة قضائية من المحكمة الدولية للذهاب الى منازل من ترد أسماءهم في القرارالإتهامي، فهل الأمر بهذه البساطة؟ بعني ببساطة ان الشرطة القضائية أو المباحث أو أي جهة من الجهات ستركب في السيارات وتتوجه فوراً الى منازل من ترد أسماءهم تحت شعار ان الحكومة ستستلم القرار؟ أبداً هذه مسألة أكبر بكثير ، هذه مسألة سمّاها سماحة السيد اغتيال سياسي لا تُعالج بهذه البساطة، ولا يهم ان كان هناك حكومة تستقبل أو لا تستقبل، هذا قرار كبير يُواجه بالحوار وبالتفاهم وبالمثابرة والمتابعة وبالكف عن مخاطبة رئيس الحكومة بالتلفزيون، تذهب إليه يعجبك أم لم يعجبك، تثق به أو لا تثق به، تحبه أم لا تحبه، لا خيار أمامك سوى أن تذهب وتتحدث معه أو هو يأتي ويتحدث معك، هذه مسؤوليتك تجاه اللبنانيين مثلما هي مسؤولية رئيس الحكومة، وهذه مسؤوليتك تجاه جمهورك وتجاه المقاومة، وبالتالي الأمر ليس ببساطة أنك لا تثق بفلان فلا تتحدث معه، هذا فلان رئيس حكومة، توجد واقعية في السياسة.
الآن الحكومة اللبنانية كحكومة تصريف أعمال يفترض لا سمح الله أن صدر القرار الإتهامي غداً ماذا يفعل معها مجلس الأمن الدولي أو الحكومة الجديدة لا سمح الله أيضاً، ماذا يفعل معها؟ هذا تبسيط للأمر، وكأن الأمور يقررها قاضي لبناني وجهة أمنية لبنانية، هذا كلام أكبر من ذلك بكثير ويُعالج بأكبر جدية وعمق ورصانة أكبر بكثير بكثير بكثير مما يُحكى.

س- ماذا لو ذهب المجتمع الدولي، كما أتى على لسان كبير مستشاري الحكومة التركية الذي قال: ان المجتمع الدولي بحاجة الى البحث في مجموعة متنوعة من الخيارات بما في ذلك تأخير محتمل لعمل المحكمة للحؤول دون انفجار الوضع في لبنان؟
ج- هم يقولون ان هذا الأمر تمّ في وقت من الأوقات، بمعنى انه كان هناك إشاعات يومية عن صدور القرار الإتهامي وبعدها تبيّن ان أول خبر هو أصدق خبر، بأن ما تعهد به خادم الحرمين الشريفين في وقت من الأوقات قيل في الرواية الأولى قبل مجيئه الى لبنان بـ24 ساعة بأن القرار الإتهامي أُرجيء الى شهر آذار، وتبيّن بالفعل ان هذا الأمر حدث. وأنا لا أعرف متى نُشر كلام المسؤول التركي.

س- هو نُشر منذ بضعة أيام في “الواشنطن تايم”؟
ج- جيد، ولكن بصراحة أنا لا أرى ان الأتراك قادرين فعلاً على التأثير والتدخل.

س- أنا لم أتحدث عن الأتراك، أنا قلت ماذا لو ذهب المجتمع الدولي هذا المذهب الذي ذهب اليه شخص مسؤول تركي كي لا ينفجر الوضع في لبنان؟
ج- لماذا سينفجر الوضع في لبنان وبين مَن ومَن؟.

س- أليست الأرض خصبة اليوم وأي طرف يمكن أن يدخل ويولّع الوضع كله؟
ج- ولكن سيولّع الوضع على أي أساس، وكي يصل الى ماذا؟.

س- يجب أن نعرف هوية الطرف لنعرف لماذا سيولّع الوضع؟
ج- أنا أعتقد ان الجهتين المعنيتين واللتان يتردد اسمهما يومياً سواء جمهور الشهيد رفيق الحريري أو “حزب الله” ليس لهما قضية لكي يتصارعان من أجلها، لأن كلاهما لا يقرر في السياسة، والمقرر في السياسة هم أشخاصاً آخرين.
عندما يجلس السيد نصرالله ورئيس الحكومة يقرران ما هو ممكن وما هو غير ممكن بصرف النظر عن الكيمياء الشخصية أو الثقة وعدم الثقة، هذه مسألة أكبر من ثقتك بالشخص أو عدم ثقتك به، والمسؤولية أكبر من أن يوضع احتمال أو أفكار أو الأحلام حول التسوية بالدِرج لمدة أربعة أشهر.

س- ابتدأت بالحديث عن الناس هم الأصدق وناشدت الملك عبدالله والرئيس بشار الأسد ليعودا الى ذاك الجسر بينهما، ولكن في لبنان وعلى المستوى اللبناني ليس هناك حوار لبناني-لبناني، وأنتم قلتم ان إيران هي لم تقبل بالمسعى السعودي-السوري؟
ج- أنا قلت أنها واحدة من القوى التي أجّلت الحل أو التي لم تسمح بإنجاح التسوية هي إيران، وأنا عنيت هذا الكلام لأن هذه القوى المعنية بحماية المقاومة عجزت عن تسيير أمور هذه الورقة ويقولون انهم يريدونها، هذا غير صحيح، بالعقل غير صحيح، لم يقل لي أحد ذلك، ولا عندي معلومات، ولكن بالقلم والورقة غير صحيح، لو كان هناك حوار لبناني ناجح وقادر أتمنى لو يحصل غداً هذا الحوار، ويا ليت يجتمع الرئيس ميقاتي والرئيس الحريري والسيد نصرالله، ولكن كون هذا الحوار غير متوفر الآن، الحل الوحيد هو العودة والتأكيد على عروبة لبنان، ومسؤولية العرب عنه وضمان أمنه واستقراره، يكفينا هزائم وانقسامات ومشاكل.
أعود وأقول الأب الراعي للعروبة ورئيس سوريا التي تُقيم فيها العروبة منذ أن كانت، هما مسؤولان عن العودة الى الحوار وبشكل هادىء وسليم يُحقق لسوريا ضمان أمنها القومي وأن تعترف سوريا بالوقائع اللبنانية الجديدة التي لا تُعاديها وأن تحمي سلاح المقاومة المواجه لإسرائيل فقط لا غير.
======