الجيش خيارنا الأوحد لكننا لن نسكت عن حادثة عبرا

مقابلات مكتوبة 23 يوليو 2013 0

مي عبود ابي عقل، النهار

النائب المشنوق: نريد حكومة “سياسيين عالريحة” حتى جلاء الصورة. نسير بما يرتئيه سليمان في الحكومة والحوار والتمديد لقائد الجيش
لم تنتظر سفيرة الاتحاد الاوروبي في لبنان انجلينا ايخهورست صدور القرار القاضي بادراج ما سمي الجناح العسكري لـ”حزب الله” في قائمة الارهاب رسمياً، لتنتقل الى عقر دار الحزب في الضاحية الجنوبية، وتجول تحت جناح جهازه الامني وعينه الساهرة، وتقابل مسؤولين فيه، اعلن احدهما صراحة ان “حزب الله جسد واحد، وله قيادة موحدة، فالعسكري فيه والسياسي موحد”. وهذا ما يدركه جيداً “تيار المستقبل”، ويخشاه في الوقت نفسه، ويترقب تبعاته.
من مقر اقامته في السعودية، يحاول الرئيس سعد الحريري ادارة اللعبة السياسية الزرقاء في لبنان ومتابعتها، عبر الاتصالات والوفود واللقاءات. فماذا حمل آخر وفد من مواقف وقرارات؟ سؤال يجيب عنه عضو كتلة “المستقبل” النيابية نهاد المشنوق، الذي سبق ان حذر احمد الاسير في محاضرة له في آذار الفائت في صيدا بالذات ان” دخوله في لعبة السلاح، هي قضاء عليه”، وهذا ما حصل فعلا
إلام أفضت مشاورات السعودية؟
– كان هذا اللقاء ضرورياً، خصوصاً ان الوضع الى مزيد من التوتر والمشاكل والعناوين الاشتباكية. بحثنا في 3 عناوين رئيسية : العلاقة مع الجيش، الحوار، والحكومة.
بالنسبة الى الجيش، هو خيارنا الوحيد والاكيد والدائم. ولا تشكيك في علاقتنا معه، او في قراءتنا لدوره، او اعترافنا بدعمه بكل الوسائل الممكنة. وكان الرئيس الحريري واضحاً في هذا الموقف ولا تعديل فيه، وعندما تكلم على التمديد لقائد الجيش في الليلة التي حصلت فيها احداث عبرا، اعتبر البعض التوقيت غير مناسب، لكنني اعتقد العكس لانني اعرف حجم الحملة التي كان يمكن ان تقوم على الجيش ودوره، لولا الموقف – الصدمة الذي أحدثه موقف الحريري، بحيث امتص النقمة على حساب رصيده الشعبي.
في ما يتعلق بالحكومة، نحن على موقفنا، داعمون للرئيس تمام سلام، ونريد تشكيل حكومة “سياسيين على الريحة”، والبلد مليء بالمحايدين. كذلك نمشي مع رئيس الجمهورية وبما يرتئيه في شأن الحكومة والحوار والتمديد لقائد الجيش، وهذا ما ابلغه الرئيس الحريري الى الرئيس سليمان هاتفيا.ً

لماذا تشكيك “تيار المستقبل” في الجيش؟
– ليس هناك تشكيك في دور مؤسسة الجيش، هناك نقاط خلاف تتعلق بسير العمليات في عبرا ومن شارك فيها. هذا سؤال من حقنا كمواطنين ان نحصل على جواب عنه من القيادة السياسية التي يتبع لها الجيش، سلمياً، ووفق النظام الديموقراطي البرلماني الذي يعطينا حق السؤال، وحق الحصول على جواب..

ألم تطالبوا بالتحقيق معه في لجنة الدفاع النيابية؟
ابداً. هناك تعامل اعلامي مع “تيار المستقبل” في موضوع الجيش ظالم وغير حقيقي. نحن في لجنة الدفاع ناقشنا عنواناً رئيسياً واساسياً هو مشاركة “حزب الله” في العملية العسكرية في عبرا، ولم تحصل اي مناقشة لطبيعة دور الجيش ومدى الاعتداء عليه وحقه في الرد. هناك 4 بيانات صدرت عن الجيش: في الاول ادانة للسياسيين، وفي الثاني ادانة للاعلاميين، وفي الثالث توضيح لمسألة التعذيب التي تعرض لها احد الموقوفين، والرابع يتعلق بالشاب الفلسطيني البيومي الذي مات نتيجة التحقيق. ولم يصدر اي بيان يوضح طبيعة العملية وكيف تمت.

متى كان الجيش يصدر بياناً تفسيرياً عن عملية يقوم بها؟
حصل حدث امني كبير قتل فيه العشرات بين شهداء وضحايا ومقاتلين، ألا يستحق ان يعرف الرأي العام ماذا حدث؟ هذه العملية ذات طابع امني من حيث الاعتداء على الجيش، وهذا الامر ندينه بالطبع، ولكن لها ايضاً طابع سياسي. نحن لم نطالب ببيان سياسي، بل ببيان يوضح سير العملية، لان لدينا ادلة ثابتة واكيدة وشهادات حية حول عمليات دهم وتحطيم بيوت، واخراج الناس من منازلهم، واستعمال مقاتلين من “حزب الله” الشقق للقتال. ليس لي ان اسأل الحزب، بل الدولة والسلطة السياسية المسؤولة عن الجيش، ممثلة بوزير الدفاع وقيادة الجيش. لماذا يعتبر السؤال اتهاماً؟ ليس من الوارد عندنا التشكيك في الجيش أو في دوره أو في أي عمل يقوم به، فهو خيارنا الاوحد. اما اعتبار ما حدث في عبرا حادثاً عابراً ويجب تجاوزه والسكوت عنه لأن هناك شهداء من الجيش، فأمر غير صحيح

بري والحريري والحكومة
في اي اطار تضعون دعوة الرئيس بري للرئيس الحريري الى العودة وتشكيل حكومة وحدة وطنية؟
في الاطار الفولكلوري السياسي السائد في هذه الايام. هناك رئيس مكلف عنده قواعد محددة لتشكيل الحكومة، والافضل للرئيس بري ان يدعم الرئيس المكلف، الا اذا كان يطالب بحكومة وحدة وطنية تغطي مشاركة “حزب الله” في القتال في سوريا الى جانب النظام في وجه الشعب والثورة السورية، وهذا الامر غير وارد حالياً، ولا الرئيس الحريري في وارد مناقشته. ثم، ما الذي تغيّر سياسياً ليقول بري للحريري تفضل وشكّل حكومة وحدة وطنية؟ كل كلامهم يقوم على قاعدة اتفاق الدوحة، من دون ان يتذكر السيد نصرالله انه هو شخصياً من الغى هذا الاتفاق عندما استعمل الوزير الملك، وأقال الرئيس الحريري، وفاخر في خطاباته بأنه أبلغ وزيري خارجية قطر وتركيا أنه لا يريده رئيساً للحكومة قبل تكليف ميقاتي، كما فاخر الاسد بانه ابلغ الرئيس ساركوزي هاتفياً انه لا يريده ايضا. لذلك قبل ان يطرح الرئيس بري اسم سعد الحريري لتشكيل حكومة وحدة وطنية، الافضل له ان يراجع مرحلة اقالة الحريري، ويرى ماذا تغير في القواعد السياسية بما يجعله يقول له تفضل شكّل حكومة وحدة وطنية

هل ما زلتم على شرطكم بعدم مشاركة “حزب الله” في الحكومة؟
نحن نقول كلنا خارج الحكومة وليس “حزب الله” فقط، لكن الحزب يؤدي دور الضحية مرة، والبطل مرة اخرى. نريد حكومة تهتم بشؤون الناس

هل يمكن حكومة من غير السياسيين ان تواكب ما يحصل في المنطقة من متغيرات؟
البلد مليء باصحاب الكفايات، السياسيين والماليين والاقتصاديين والاداريين، ومن قال ان هؤلاء اقل كفاية من السياسيين؟ لماذا إلغاء الناس؟ نحن نعيش مرحلة انتقالية حين جلاء الصورة في سوريا، وتحتاج الى حكومة انتقالية، فهل نأتي بحكومة سياسية يحصل اشتباك في كل اجتماع لها، وكل اشتباك ينزل الى الشارع ويؤدي الى اضرار ومشاكل؟

لماذا الربط بين الحوار وتشكيل الحكومة؟
لان الأولوية هي لتشكيل الحكومة، والحوار ليس مجالاً للبحث في تشكيلها، بل للبحث في الازمة الاستراتيجية التي يعبر عنها السلاح واستخدامه في لبنان خارج دوره، واستخدامه خارج لبنان ايضاً خارج دوره.
وفي الحوار هل تحل هذه الامور؟
– كلا، بل هو مجال للنقاش والرد على مسألة الاقصاء والالغاء، باعتبار اننا لا ننكر للآخر تمثيله، ونعترف به، ونؤكد حقه في ان يكون موجودا على طاولة الحوار للبحث في السلاح ودوره في لبنان وخارجه. اما نقل هذا الحوار الى داخل الحكومة فقد سبق أن جربناه في 3 حكومات بعد الدوحة، حيث مورس الاقصاء والالغاء على قوى 14 آذار، وأقيل فيها سعد الحريري. ماذا جلبت هذه الحكومات غير المزيد من الخراب للبلد؟

الاتحاد الاوروبي والبليار
ما رأيك في ادراج الاتحاد الاوروبي للجناح العسكري لـ”حزب الله” في قائمة الارهاب؟
هذا خراب للبنان وضرب للبلد وللشعب اللبناني بكل شرائحه. وكل تصرفات “حزب الله” من حين دخوله ارض المعركة في سوريا، هي تصرّفات أناس غير معنيين بالسلام الوطني. كل لبناني اصبح الآن معرضاً للمساءلة، والدليل إبعاد لبنانيين من كل الطوائف والشرائح من بعض الدول العربية، إذاً تسبب بالخراب في الداخل والخارج. قرارات الاتحاد الاوروبي ودول مجلس التعاون تحول لبنان الى كرنتينا، اي دولة مريضة يلزمها علاج، وهذه الدولة هي دولة الجميع وليست دولة “حزب الله” فقط

ما معنى ان يدرج الاتحاد الاوروربي “حزب الله” في لائحة الارهاب ولا يمانع في دخوله الحكومة؟
هذه لعبة بليار، يضرب الطابة ليصيب الثانية. اعطوا بالحكومة ودانوا الجناح العسكري، اعتقاداً منهم ان هذا الامر يحمي وجودهم في “اليونيفيل”. رتبوا اخراجا اعتبروا فيه ان في امكانهم اعلان موقفهم بالمبدأ، ويحفظون في الوقت نفسه ما يسمى أمنهم في جنوب لبنان

هل تحول لبنان من الرعاية السورية الى الرعاية السعودية؟
لبنان حتى الآن ليس على الخريطة السياسية السعودية، ولا دول مجلس التعاون، وليس من اولوياتها، لسوء الحظ. ولو كنا كذلك لكان على الاقل وضع قوى 14 آذار أفضل بكثير من وضعها الآن. من ناحية ثانية، نحن نعيش منذ عام 2010 تحت الوصاية الايرانية، لا السورية ولا السعودية، ومتروكون للوصاية الايرانية التي تمارس في لبنان وسوريا على كل القرارات، الصغير منها قبل الكبير. وسنستمر وحدنا وبقدراتنا الاقل من عادية وبقوانا الذاتية، في مواجهة هذا المشروع الذي نعتبره تقسيمياً للمنطقة، ومدمراً للبنان، بكل متفرعاته المحلية والاقليمية، وفي انتظام اللبنانيين في اطار الدولة الواحدة التي نسعى اليها ونعمل لها دائما. ليس لنا الخيار الا الاستمرار في المقاومة السلمية والمدنية والسياسية لهذا المشروع بكل متفرعاته، سواء سياسة “حزب الله” في لبنان، او انخراطه العسكري في سوريا.