“الجزيرة مباشر” – سعد الحريري ومشاورات حكومة الوحدة الوطنية: كباش المحاور

مقابلات تلفزيونية 04 يوليو 2009 0

س- أبدأ معك من آخر الاخبار، الى أين وصلت مشاورات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية حتى الآن؟
ج- الى حيث بدأت، لا زالت المشاورات مع كل الأطراف السياسية اللبنانية جارية على قدم وساق، والتعقيدات التي نراها أمامنا هي تعقيدات تقليدية، ظهرت أمام تشكيل كل حكومة. ولكن الظرف السياسي الآن لتشكيل هذه الحكومة اختلف، لذلك هناك اعتقاد بأنه لابد من مساعدة غير لبنانية لإنجاز هذا التأليف، ولكن رئيس الحكومة المكلّف أعلن اليوم، أن الحكومة ستشكّل داخل لبنان، وبالتالي سيستمر في عمله وفي إتصالاته وإجراء المشاورات، للتوصل الى تشكيل هذه الحكومة، بصرف النظر عن الأنباء التي تتحدث عن دور سوري مباشر أو غير مباشر في هذه الظروف .

س- انت كتبت وتحدثت عن الميليشيات التي تريد كما قلت، العودة للسيطرة على حياة الناس، عطفاً على الاحداث الامنية الاخيرة في لبنان؟
ج- هذا صحيح .

س- ماهو تأثير هذه الميليشيات في لبنان، الذي يستعد لأن يُشكّل مسرحا سياسياً جديداً عبر الإقتراع الأخير، وتشكيل حكومة وحدة وطنية كما هو مُنتظر؟
ج- ياسيدي، حدثت بعد الإنتخابات النيابية، وبعد إنتخاب رئيس مجلس النواب وتكليف النائب سعد الحريري بتشكيل الحكومة، حدثت استعراضات مسلحة حادة جداً في شوارع بيروت، وبطبيعة الحال هذه الإستعراضات لا يمكن فصلها عن محاولات تشكيل الحكومة، ويفترض من قام بها انه بستطيع التأثير على الرئيس المكلّف بواسطة نقل المشاورات الى الشارع، عبر استعمال المزيد من الأسلحة والمزيد من إطلاق النار. ولكن الواضح ان الرئيس المكلّف قرر أن لا يتأثر بهذا الموضوع، وأن يتصرف على قاعدة الإنفتاح على جميع القوى، ونواب بيروت تصرفوا باتجاه آخر، وهو مطالبة الحكومة والجيش، وتحديداً وزيري الداخلية والدفاع بأن يقوم الجيش بدوره ليس بالفصل بين البريء أو الضحية والقاتل، ولكن بالتعامل مع كل حاملي السلاح بأنهم مخالفين للقانون، ويجب اتخاذ تدابير مباشرة وحازمة معهم حفاظاً على أمن المواطنين وحياتهم .

س- هذا يذكرنا بما كتبت منذ سنوات في موضوع التواضع السياسي، حيث كتبت في “السفير” بتاريخ 22/10/2007 عن التواضع السياسي، وقلت ما معناه بأن السياسيين اللبنانيين بعيدون في تصرفاتهم السياسية عن التواضع ، ماهو المعنى الذي يمكن ان تقرأه الآن وهل هناك غلطة سياسية ؟
ج- أولاً، أشكرك على العودة الى هذا المقال، الغلطة السياسية بسيطة، ولكن المهم الغلطة الأمنية، هناك من يعتقد ان باستطاعته التأثير على تشكيل الحكومة، عبر إستعمال السلاح في الشارع، نحن أردنا من تحركنا أن نقول أمرين : أولاً أن نعلن بيروت مدينة آمنة لا يكون فيها السلاح إلا للشرعية وللمقاومة في مواجهة إسرائيل، أكرر المقاومة في مواجهة إسرائيل لا تعني ان هذا السلاح يجب أن يظهر أو أن يكون في الشارع، أو يكون مشاركاً في المشاورات الحكومية .

هذان السلاحان هما الوحيدان الموافق على وجودهما، الأول بمسؤوليته عن الأمن، أي الدولة، والثاني بمسؤوليته عن مواجهة إسرائيل، وليس مواجهة المواطنين الأبرياء العزل .

س- عندما نتحدث عن هذه الوضعية، نتذكر أيضاً ان الخلافات العربية – العربية لها تأثيرات على الداخل اللبناني، وهناك من يري بأن تأخر وجود أو ظهور حكومة وطنية مع الحريري تأثيراتها من الخلاف او التشنج السعودي – السوري؟
ج- أولاً، لم تتأخر الحكومة، ولم يمض حتى الآن أكثر من أيام قليلة على تكليف النائب سعد الحريري بتشكيل الحكومة.
ثانياً: ليس هناك من تشنج سعودي- سوري الآن، بل بالعكس هناك قربة وود وحوار وتفاوض وزيارة مرتقبة للعاهل السعودي الى دمشق، وكلام سوري إيجابي عن العلاقات مع السعودية، وعن خادم الحرمين الشريفين تحديداً .

هناك رغبة سورية بممارسة سياسة قديمة في لبنان، وهو التمنع عن التدخل بالمعنى الإيجابي، ومن ثم معرفة تماماً ماذا يمكن أن يحصلوا عليه مقابل ذلك . هناك رواية طريفة تقول ان تاجر دمشقي في سوق الحميدية في زمان بعيد وقع في بئر فمدّ بعض المحيطين بالبئر يدهم إليه وقالوا له أعطنا يدك، ولكنه بقي لدقائق لا يجيب، الى ان قالوا له خذ يدنا فأخذها باعتبار انه يأخذ ولا يعطي .

س- لكن قد تكون هذه القصص الشعبية عصية عن التفسير بالمعنى السياسي؟
ج- أنا أقصد ان هناك رغبة سورية بالإيحاء بأنهم يريدون القيام بدور إيجابي، لكن حلفاءهم في لبنان لا يستجيبون لمطالبهم . أنا أعتقد من خبرة العارفين بالسياسة السورية تحديداً منذ عشرات السنوات ان القيادة السورية قادرة على التأثير على حلفائها في لبنان، وانها حتى الآن تحاول ان تحصل على ثمن سياسي مسبق، لأي حركة إيجابية تقوم بها تجاه تشكيل الحكومة ، هذا مع العلم انه يجب أن نوضح تماماً بأن ما حصلت عليه سوريا من انفتاح عربي ودولي كبير جداً، وانه للمرة الأولى في لبنان، ربما منذ أكثر من عشر سنوات يكون كلام طبيعي عن علاقات طبيعية مع سوريا، ومطالبة طبيعية بدور إيجابي لسوريا، وهذا مكسب كبير من وجهة نظري للقيادة السورية .

أسئلة من المشاهدين :
– محمد ظاهر من فرنسا يسأل : حول اللغتين لغة لسوريا قاسية وانتقاد، ولغة لطيفة لأميركا، وأذكّر الضيف الكريم بأن اميركا أخّرت وقف إطلاق النار أثناء حرب تموز، وفي هذا التأخير قتل الكثير من اللبنانيين، إذاً اميركا ساهمت في قتل اللبنانيين؟

– ايضاً حضر مسؤول أميركي الى لبنان، وقال ان المساعدات الأميركية مرتبطة بنوعية الحكومة في لبنان، وهذا تدخل صارخ في لبنان، وبالتالي لماذا ينتقد ضيفك سوريا ولا ينتقد أميركا؟
– سؤال آخر عندما يُنزع سلاح “حزب الله” هل الحكومة اللبنانية قادرة على حماية قادة “حزب الله “؟

– محمد الرفاعي من ليبيا يسأل : لماذا ارتهنتم للغرب ليصبح مرجعكم، والذي مدّكم بالمال في حين شعبه يئن من الفقر؟ ولماذ انشقيتم عن القوى الوطنية مثل المقاومة والتنظيم الناصري وعمر كرامي وميشال عون؟

– محمد الحلبي من اليونان يسأل : على أي أساس ستكون العلاقات مع الجار القريب دمشق؟ ولقد أثارني ضيفك الكريم في كلامه عن التاجر الدمشقي الذي يأخذ ولا يعطي. وانا أذّكره بالتاجر السوري والمواطن السوري والأخ السوري، وأذكره ببعض الحقائق أنكم في حروبكم الأهلية، المنقذ كان سوريا، وفي الإعتداء على لبنان عمق الدفاع جاء من سوريا التي لم تبخل على لبنان بأي شيء ؟
ثانياً: ألا ترى ان العدو وحده هو الذي يزرع الفتنة وينتهك سيادة لبنان؟

– محمد ولد الشيخ من موريتانيا يسأل : هل الأخ سعد الحريري سيراوح مكانه كما كان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، بالنسبة للموقف من سوريا ؟

– حيدر نورين من السودان يسأل: كثيرا ما تتهمون”حزب الله” ولا أقصدك شخصيا، ولكن كتيار تتهمون “حزب الله” بأنه خارج لبنان، وأنتم الآن تنصبّون رئيس حكومة يحمل الجنسية السعودية قبل اللبنانية، وكذلك الجنسية الفرنسية، ولا يتحرك خطوة إلا بمشورة بندر بن سلطان، كيف تفسّرون هذا التناقض؟
ثانيا: أنت متهم بأنه لا عزّة ولا كرامة لك، فبعد أن إستبعدك رفيق الحريري بغض النظرعن الملابسات والضغوط، عُدت وارتميت في أحضان “تيار المستقبل” ألا ترى هذه التهمة حقيقية؟

ردود الاستاذ المشنوق على أسئلة المشاهدين:

ج- سوف أبدا من المتحدث الأخير، أعتقد ان قراءة الأخ المتصل من السودان، ان قراءته للأمور غير دقيقة، لا أقول انه قليل التهذيب. أنا لم أختلف مع الرئيس الحريري ، ولكن الأمن السوري هو الذي نفاني من لبنان لمدة خمس سنوات.

أيضا أنا لم أرتمِ في أحضان أحد، أنا كاتب سياسي مستقل، ترشحت على الإنتخابات اللبنانية على لائحة “المستقبل” وأنا أتمتع بهامش كبير من الحرية. ويستطيع الأخ الذي شتم أن يعود الى الموقع الالكتروني الخاص بي وأن يقرأ فيه مقالات لمدة أربع سنوات، لكي يتضح له ان هذا الشخص الذي يتحدث الآن على التلفزيون، شخص مستقل سياسيا وعنده القدرة للتعبير عن وجهة نظره دون العودة لأحد.

أيضا الرئيس المكلّف سعد الحريري يتحرك أينما يريد دون العودة لأي من الأمراء ، لا الأمير بندر ولا غيره، وهو لا يحمل الجنسية الفرنسية. وبطبيعة الحال هو يحمل الجنسية السعودية لأنه تربّى وعاش في السعودية، وهذا الأمر يعتبر تشريفا له، وليس اتهام. لذلك لا يجوز التعميم بالأوصاف والصفات باعتبار ان الآخ قرر أن يشتم فقط.

بالعودة الى الموضوع السياسي ، أولاً أنا لم أتِ على ذكر الدور الأميركي، ولا قلت ان الدور الأميركي إيجابي ولا قلت اني أريد دورا أميركيا ، ولم أكتب منذ أن كتبت منذ خمس سنوات إلا وقلت ان المشروع الأميركي في المنطقة مشروع سلبي، ولا مستقبل له، وبالتالي أنا لم أدعُ ولم أناشد ولا أريد دوراً أميركيا في لبنان.

ثانيا- أنا لم أتِ على ذكر سلاح “حزب الله” ولا “حزب الله” ، وأنا أُصر على صيانة وحفظ سلاح المقاومة في وجه إسرائيل.

ثالثا- أنا لم أنتقد سوريا بمعنى التاجر الشامي، أنا قلت هذا الكلام كطًرفة، أنا قلت بأن سوريا مقابل كل تدخل سياسي إيجابي لها في لبنان، تريد ثمنا سياسيا من اللبنانيين وغير اللبنانيين، وهذا أمر تقليدي بين الدول، والدول ليست جمعيات خيرية ولا تقدّم مجانا ، أي خدمة سياسية لدولة أخرى.

رابعا- لاأحد يهمّش “حزب الله” وهذا الحزب ممثل في الحكومة وفي مجلس النواب بشكل طبيعي، وهو لو أراد أحد أن يهمّشه فلا أحد يستطيع أن يفعل ذلك، وبالتالي لا داعٍي للمبالغات.

الرئيس المكلّف سعد الحريري انتصر في هذه الإنتخابات انتصارا طبيعيا نتيجة تصويت اللبنانيين له، ولمرشحي تياره السياسي في كل لبنان، ومع ذلك فهو منذ اللحظة الأولى لإنتصاره أعلن عن مد يده لجميع القوى اللبنانية، ودعاهم الى الحوار والتفاهم حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، هذه الحكومة يفترض أن لا يكون فيها ثلث معطّل ولا أكثرية لاغية. لا يسعى الرئيس المكلّف لحكومة تكون فيها للأكثرية، أكثرية لاغية ولا يقبل بأن يكون للمعارضة أو للأقلية ثلث معطّل، لأن تجربة الثلث المعطّل في اسمها ما يكيفي لرفضها.

خامسا- كل ما قاله الإخوان عن حرب تموز وصمود المقاومةـ أنا سبق وكتبت وقلت أكثر مما قالوه، ولا زلت على موقفي من أن هذا السلاح الموجّه ضد إسرائيل يجب أن يُحفظ ويُصان, أن يبقى على تأهبه في إطار دولة لبنانية حاضنة لجميع اللبنانيين. لا تستطيع المقاومة أن تكون نظاما يحتضن جميع اللبنانيين، الدولة هي التي تحتضن جميع اللبنانيين، بما فيه “حزب الله” وجمهوره، ويُفترض من خلال الحوار أن نجد طريقة للإبقاء على السلاح في وجهته الأصلية، والحرص عليه سياساً ومعنوياً وفعلياً، إنما هذا لا يعني أبدا انه لو قامت جهة ما باستغلال عنوان المقاومة لاستعمال السلاح في الشارع، وتسبيب الأذى والضحايا والخراب والإعتداء على الأرزاق، لأسباب أيا تكن سياسية أو غير سياسية، فهذا أمر لا يمكن أن يقبل به أي عاقل، ولا يمكن أن يقبل به أي غيور على المقاومة.

س- لقد كتبت سابقا وحتى الساعة، “يبقى “حزب الله” هو حزب لبناني بعناصره وقياداته، وهم أهلنا واخوتنا وجيراننا، ولا أستطيع أن أتصوّرهم في موقع الخصومة المجنونة”، كما قلت ولكن يبقى الإشكال في علاقة “حزب الله” بسوريا ، وأيضا علاقة الرياض التي ترغب في استثمار الأكثرية من أجل دعم الحريري، وأيضا سوريا تريد أن تستفيد من خروج قواتها لتقول انها لا تتدخل في الوضع ، ولكنها لا تريد أن تفقد نفوذها من خلال إضعاف حلفائها ، كيف تعلّق على هذا الموضوع؟
ج- أولا ، الدور السعودي في سوريا وفي لبنان هو دور واعي وعامل وفاعل للوصول الى الإستقرار في العلاقات بين البلدين، والسعودية لا تريد ولا تستطيع إستثمار الأكثرية، لا في سوريا ولا في غير سوريا، السعودية أو الدور السعودي الآن هو دور إيجابي هادف الى عودة العلاقات اللبنانية – السورية الى طبيعتها، وتطوير هذه العلاقة تدريجيا الى ان تصبح علاقة ممتازة، كما كانت في يوم من الأيام.

ثانيا- سوريا ربما الآن في أحسن أوضاعها السياسية في المنطقة وفي لبنان، إذ انه ليس هناك من شكوى أو رفض عريض وحاسم ونهائي للدور السياسي السوري في لبنان حين يكون إيجابياً، وبالتالي سؤالك فيه افتراضات ليست متوفرة لا في الدور السعودي، ولا في الدور السوري.

س- هناك من يرى بأن وزير الخارجية السعودية يدعم السنيورة، في حين ان الملك عبدالله يدعم سعد الحريري، وهناك مسألة الشيعة والسُنة كما تعرف؟
ج- ليس هناك من وزير للخارجية يدعم الرئيس السنيورة، أو الملك عبدالله يدعم الرئيس المكلّف، هناك سياسة سعودية تقوم على دعم الإستقرار في لبنان، هذا الإستقرار يستوجب علاقات سورية – لبنانية جيدة بعد سنوات من الخصومة السياسية التي نعرف ظروفها ومصاعبها، بالعكس الدور السعودي الآن يقوم على مزيد من الإيجابية، ويطالب بمزيد من الإيجابية من الرئيس المكلّف، ومن كل اللبنانيين القريبين من السعودية.

س- أنت تقول هناك توافق عربي سوري – لبناني ولماذا إذاً تأخر اللبنانيون في تشكيل هذه الحكومة؟
ج- أنا لا أوافقك بأن تشكيل الحكومة تأخر، وتشكيل الحكومات في لبنان يأخذ على الأقل أسابيع في الأيام العادية، نحن نعيش أزمة سياسية جدية منذ أكثر من سنة، منذ 7 أيار . وما يجري الآن هو محاولة تصفية آثار هذه الأزمة السياسية والأمنية للعودة بالعلاقات بين الأطراف اللبنانية الى طبيعتها، والعودة بالعلاقات اللبنانية – السورية الى طبيعتها. هذا التوافق على تشكيل الحكومة، أو على دعم الرئيس المكلف ستجري ترجمته ، إنما تحتاج الأمور الى وقت سواء بالعلاقات بين الأطراف اللبنانية أو بالعلاقات بين لبنان وسوريا.

س- لكن من مطالب “كتلة المستقبل” من رئيس الجمهورية الدعوة الى عقد مجلس الدفاع الأعلى واتخاذ القرارات اللازمة والعملية بدلا من الوقوف حاجزا في مسألة المسلمين ، وتعليق مشاورات الرئيس المكلف الى حين إتمام هذا الأمر؟
سنعود للإجابة على هذا السؤال بعد الإستماع الى أسئلة المشاهدين مجدداً.

أسئلة من المشاهدين:

– مازن أسعد من سوريا يسأل: كيف يمكن أن يكون الأستاذ نهاد ضد الدور الأميركي في لبنان بينما كان سعد الحريري يقوم بزيارات متكررة الى أميركا، وكذلك وليد جنبلاط ، ونسمع الهجوم المستمر على سوريا، ولماذا هذا الموقف ضد سوريا؟

– وجدي امين من تونس يسأل: لقد قال الاستاذ نهاد ان سوريا عندما تتدخل لمصلحة لبنان، فإنها كدولة تطلب ثمناً ومُقابلا، مقابل هذا التدخل، ولكن ألا ترى أيها السيد النائب المحترم، ان التدخل السعودي الذي وصفته بالمساهم في استقرار لبنان، ألا يُعد له مقابل أيضا؟

– كروان بهجت من الكويت يسأل: قال الشيخ سعد الحريري يريد تأليف حكومة وحدة وطنية، نحن معه، لكن أتمنى عليه أن يطبّق اتفاق الطائف دون تأخير؟

ردود الاستاذ المشنوق على هذه الأسئلة:

ج- أولاً، أريد أن أجيب على سؤالك عن دعوة المجلس الأعلى للدفاع للإجتماع ، هذا الكلام جاء في سياق تصريح أدليت به منذ يومين أو ثلاثة أيام، في الفترة التي كانت فيها الإشتباكات دائرة في شوارع مدينة بيروت، لأن هذه الإشتباكات ظلمت كثير من الأبرياء، ومن أهل المدينة، واعتبرت ان حجمها يستوجب دعوة مجلس الدفاع الأعلى ، وبالتالي هذا ليس موقفا لـ”كتلة المستقبل” أو لـ”تيار المستقبل” وحتى الدعوة الى تعليق مشاورات الرئيس المكلّف هي دعوة صدرت عني شخصياً، لوضع حد للإعتداءات التي كانت تحصل في الشارع، وهذا الكلام السياسي العالي والحاد، أعتقد أنه أعطى مفعوله بتهدئة الكثير من نفوس الناس، وأعاد شيء من الدور الطبيعي للجيش لحماية الأبرياء من المسلحين.

أما بالنسبة للزيارات الى أميركا، أنا أيضا ذهبت الى أميركا عدّة مرات، ولكن هذا لا يعني اني أوافق على الدور الأميركي ، نحن لسنا جزيرة معزولة حتى نقول لماذا نذهب الى أميركا أو لماذا لا نذهب، كل المسؤولين السوريين يريدون علاقات جيدة مع اميركا، ويقابلون مسؤولين أميركيين، وهذا طبيعي بالعلاقات بين الدول، وهذا ليس اتهاما حتى نعتبر ان هذا الأمر اتهام، وما سواه بريء.

الأمر الثالث- انا لم أقل ان الدور السعودي بريء، أنا قلت ان الدور السعودي له مصلحة في الإستقرار العربي، وله مصلحة في أن تكون العلاقات السعودية- السورية جيدة، ولذلك الملك عبدالله في قمة الكويت تجاوز كل خلاف شخصي، باعتبار ان هذه مصلحة بلاده، وليس لرغية شخصية. فمن مصلحة بلاده أن تكون العلاقات السورية-السعودية جيدة، ومن مصلحة بلاده أن تكون العلاقات السورية – اللبنانية جيدة، ولمصلحة بلاده أن يكون الوضع في هذا الجزء من المنطقة مستقراً، وبالتالي هذه ليست براءة ، بل مصلحة إيجابية.

أما بشأن الدور السوري، أعود وأقول أنا من دعاة منذ العام 2005 ، أنا من دعاة أن تكون العلاقات اللبنانية- السورية علاقات طبيعية، وأنا لي تصريح اليوم أدعو فيه الرئيس المكلّف الى أن يذهب بعد نيله ثقة مجلس النواب، لزيارة سوريا بصفته الدستورية وممثلاً لجميع اللبنانيين، نحن لا نستطيع في لبنان أن نعيش في موقع المعادي لسوريا.

أنا صرحّت بذلك بالأمس، لأن اشتراط الزيارة لتسهيل تشكيل الحكومة هو أمر غير منطقي، وحتى ان الزيارة نفسها للرئيس المكلّف دستورياً، هذا الرئيس لا يستطيع أن يلتزم بشيء، ولا يستطيع أن يوقّع أي شيء أو يوافق أو يرفض خلال الزيارة، وهو قبل نيله للثقة ليس له صفة دستورية يوافق فيها أو يرفض تحت شعارها أي اتفاق أو أي نقاش مع المسؤولين السوريين.

والامر الطبيعي أنه بعد نيل الحكومة الثقة أن يذهب رئيس الحكومة بصفته الدستورية الى سوريا، لأن مسؤوليته الرسمية والدستورية تفرض عليه أن يقوم بتحسين العلاقات بين البلدين، وأن يرعى تقدّمها على قاعدة ان لبنان لا يمكن أن يكون معادياً، أو مقرا لمعاداة سوريا، لكنه أيضا، لا يريد ولم يعد يستطيع تحمّل أن يكون مُستسلما لسياسة سورية لا يوافق عليها.

س- بالنسبة للسلاح الفلسطيني خارج المخيمات، هناك تصريحات فلسطينية اليوم بان هذا السلاح لا يشكل خطرا على الوحدة بين اللبنانيين، ما رأيك بهذه الأقوال؟
ج- أعتقد ان اللبنانيين هم المعنيون بوحدة مجتمعهم وبأمنهم وبقراءتهم لما هو صالح أو غير صالح لمجتمعهم أو لمدنهم أو لوجودهم.

الإخوان الفلسطينيون أياً كان من صرّح هذا التصريح ليس لهم الحق بأن يحدّدوا للبنانيين ما هي مصلحتهم، أو ما هي غير مصلحتهم، هناك إجماع لبناني حدث في آخر جلسات الحوار ولم يتحفظ عليه أحد من المشاركين، بضرورة نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيم وجود السلاح داخل المخيمات، وبالتالي هذا الأمر عليه إجماع، ليس لأي من الفلسطينيين لا الحق ولا يجوز أن يكون له رأي معاكس لذلك، بسبب حرصه الطبيعي أو المفترض على العلاقات اللبنانية – الفلسطينية، خاصة اننا شعبين متداخلين في مناطق متعددة ، وكانت علاقاتنا دائما إيجابية وودية وطبيعية.

س- هناك بعض الأوساط السياسية اللبنانية التي تتخوّف من أن يصدر المدّعي العام للمحكمة الدولية ما جاء سابقا في مجلة “دير شبيغيل” من اتهامات موجهة الى “حزب الله”، مما سيزيد الفرقة كما يخشى سياسيون لبنانيون بين السُنة والشيعة مرة أخرى؟
ج- نحن سلمنا أمرنا بما يتعلق باغتيال الرئيس الحريري للمحكمة الدولية، وبالتالي لا خيار لنا بقبول أو رفض ما يمكن أن يصدر عن المدّعي العام بقراره الإتهامي، وكذلك ما نُشر في “ديرشبيغيل” ليس بالضرورة أن يكون هو الحقيقة، فلننتظر ما سيقوله المدّعي العام ما دام غالبية الشعب اللبناني، وخاصة جمهور رفيق الحريري وافقوا على أن يكون هو المرجع القضائي لعملية الإغتيال، وبالتالي لا ضرورة للبدء بالشك منذ الآن، في ماذا سيصدر عنه ، ونتائج ما سيصدر وبما سيصدر غير ذلك ، فلماذا الإفتراض بأن ما جاء في “دير شبيغيل” صحيح.

س- دمشق أبدت تجاوبا كبيرا مع دعوتها الى المساهمة عبر أصدقائها بتسهيل عملية تشكيل الحكومة في سياق التحسن الذي طرأ بين سوريا والسعودية، وسوريا ومصر، كيف تنظرون الى هذه المساهمة التي يمكن ان تأتي من سوريا؟
ج- بدأت كلامي بأني من دعاة هذه المساهمة ومن الراغبين بهذه المساهمة، ومن المحبين لهذه المساهمة، شرط أن تكون إيجابية ولا تكون مشروطة بمطالبات أخرى لا للبنانيين ولا للسعوديين، وبالتالي إذا كان هناك فعلا رغبة إيجابية لدور سوري إيجابي في تشكيل الحكومة اللبنانية فأهلاً وسهلاً به ، وسوف نرى نتائجه ، لان الكلام وحده لا يكفي .

وعلى كل حال لا يجب استعجال الأمور، مازال هناك متسعاً من الوقت لكثير من الأمور، هناك تقدّم بالعلاقات السورية- السعودية واضح، وهناك تقدّم بالعلاقات اللبنانية-السورية واضح، وأنا لست متشائما ، أعتقد ان هذا الأمر سيتم خلال أسابيع قليلة سنكون قد تجاوزنا كل العقبات التي نتحدث عنها الآن.