الجرأة على الخطأ.. ( 4\1 )

مقالات 02 أكتوبر 2006 0

حزنتُ على بيروت في الإفطار الرمضاني الأول الذي تشهده دارة الرئيس الحريري قريطم منذ استشهاده في الرابع عشر من شباط في العام الماضي. ليس لأن سعد الشاب الوريث لوالده سياسيا أعلن نفسه قادراً على الإجابة عن كل الأسئلة المتواترة شعبيا في جمهوره، ولا لأن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة توّج نجاحه السياسي والدبلوماسي بإعلان من سعد أنه يمثل قوى الرابع عشر من آذار مجتمعة، من دون أن يلزمه هذا الإعلان التخلي عن تمثيل القوى الأخرى سواء منها المشاركة في حكومته أو غير المشاركة، فهذا دوره الطبيعي مهما ذهبت المعارضة المشاركة في حكومته بعيدا في تعبيرها السياسي.
حزنتُ لأنني رأيت مجموعة من البيارتة الذين لا يقبلون عادة في تصرفهم غير أنهم الأمة وليس فقط أهل المدينة. رأيتهم يمارسون إعطاء المدينة تقاليد القرية وإلباس أهلها لبوس العشيرة التي لا تعرف في موالاتها غير مقاييس الموافقة العمياء على ما يقوله عادة في القبيلة شيخها الكبير.
كبير في العلم. كبير في السن. قانوني كثير الحضور.. اجتماعي.. تاجر أعطاه الله من رزقه ومن سماحة خلقه.. لن أضيف في الوصف حتى لا أصل الى ما لا رغبة لي في خسارته من أصدقاء وعِشرة السنوات.
كل هؤلاء لم يجدوا لمحبتهم تعبيراً إلا عباءة يضعونها على كتفي سعد الحريري مبايعة له وتأييدا لسياسته التي لم يُتَح لهم الوقت لمعرفتها بدقة، وإن كانت خطوطها العريضة واضحة للجميع.
من أين نزلوا بالقرية الى المدينة؟ من أين جاؤوا بتقاليد العشيرة الى واحدة من أحلى المدن في العالم وأكثرها إشعاعا بعقل أهلها وتنوّرهم وخيرهم وإيمانهم وكبار أعلامهم في كل مجال؟
هل يكفي أن مجموعة من أهل السُّنّة البيارتة تصرفوا بما ليس لهم وقرروا بما لا يستطيعون القرار فيه وظلموا أنفسهم قبل أن يظلموا سعد الحريري بهذه الصورة.
بيروت، مدينة الجامعات التي كان لرفيق الحريري فضل في استمرارها. مرتع اللغات المتعددة. ربما المجموعة البشرية النادرة في العالم التي تتحدث وتكتب وتقرأ باللغات الثلاث. عِلمُها يعود الى مئات السنين. أهلها يعرفون العلم منذ أن كان المحيط العربي كله يأتي إليها ليتعلم. موسيقاها تملأ السماء صخبا. رساموها يرسمون نجومهم على حائط السماء. علماؤها تفتخر بهم عواصم العلم الحديثة. خيرها قديم قِدَم خلق أهلها. تجارها ينجحون أينما ذهبوا. حرفيوها. صناعيوها، مدرسة لمن لم يعلم من العرب كيف السبيل؟
كل هذه الصفات للمدينة ولأهلها وأكثر، تبايع في السياسة؟ وكيف؟ بالعباءة؟
بيروت تلتزم بالكلمة. تترك لنفسها ولأهلها خيار الحوار. تقبل ما يناسب أهلها وتعدّل ما لا يرى أهلها فيه خيرهم وصلاحهم. دارة الحريري في قريطم لم تكن مرة إلا مجال حوار وأساس اختيار. وسعد الحريري لا يستطيع وهو لم يُرد أن يحيد عن هذه الطريق.
بدا سعد الحريري أكبر سنا، لابسا لعباءة من الماضي تخفي ما لديه من حداثة ورغبة في المستقبل ، الاسم الذي اختاره والده لتلفزيونه ولأسلوبه في العمل.
بالتأكيد في ما سبق من الكلام أكبر من العباءة نفسها. لكن يكفي سعد الحريري ما حملت كتفاه وما ستحملان من أثقال لا تبدو في ظاهرها الآن كم هي ثقيلة الوزن والوطأة.
الحدث الأهم في الإفطار هو الكلمة التي ألقاها سعد الحريري وبدا فيها كأنه يستعيد عصب الانتخابات، وينصر حلفاءه العرب، ويعيد التذكير بأن فؤاد السنيورة خرج من هذا البيت قريطم الى رئاسة الحكومة، وفيه ينال الحماية الكاملة والضرورية في وجه ما يتعرض له من هجمات.
ضرب الحريري عدة عصافير بحجر واحد، بعضها صحيح، وبعضها مبالغ في حجمه، وثالث لا غنى عنه في كل وجبة كلام، أي السياسة السورية تجاه لبنان.
الصحيح أن هناك مساحات فراغ في جمهور رفيق الحريري بدأت تتسع وتتعدد وتتنوع نتيجة إحساس هذا الجمهور بأن هناك مواجهة سياسية تتعرض لها سياسة سعد الحريري ومن يمثله في السلطة، وليس هناك من يتصدى
كان واضحا أن الاعتماد الدولي والعربي للرئيس السنيورة لا يجيب عن أسئلة هذا الجمهور، حتى وإن كان الاعتماد مطلقا الى حد قول سعد الحريري إن فؤاد السنيورة هو الشخصية الدولية الأولى في لبنان. وكان الأوضح أن هناك غليانا يعبئ النفوس من دون الإحساس بالقدرة على التعبير في جمهور رفيق الحريري.
لم يكن هذا الغليان نتيجة انتصار حزب الله عسكريا على الجيش الإسرائيلي، وهو أمر يؤكده رئيس الحكومة الإسرائيلية شخصيا في حديثه أمام الكنيست الإسرائيلي، ولا بالحوار المغلوط حول من بدأ حرب تموز وما هي كلفتها على لبنان واللبنانيين. إذ إن السؤال في هذا المجال يعيد الأحداث الى بداياتها. رئيس الحكومة الإسرائيلية نفسه يدافع في صحيفة معاريف عن قراره شن الحرب على لبنان معتبراً أن إسرائيل انتصرت فيها، في الوقت الذي يقول فيه زعيم ليكود بنيامين نتنياهو إن إسرائيل أخفقت في تحقيق أهدافها من الحرب، خصوصاً لجهة عدم تجريد حزب الله من سلاحه وعدم إعادة الجنديين المخطوفين.
الغليان إذا صح التعبير ليس لكل هذه الأسباب، بل لأن القيادة السياسية ل حزب الله اعتمدت منذ اللحظة الأولى لوقف إطلاق النار سياسة الاستدارة نحو ترجمة نتيجة هذه الحرب داخليا: مرة عبر الكلام عن اتفاق الطائف، ومرة أخرى عبر الحديث عن تنفيذ البند الأول من الاتفاق، أي تشكيل حكومة اتحاد وطني تحقق أمرين: الثاني الإمساك بثلث معطل داخل الحكومة، والأول تمثيل كتلة العماد عون في الحكومة.
لا أغالي في القول إن الغليان السياسي أكبر بكثير من تعبيراته الشعبية بين أهل السنّة. فمهما كانت صور الدمار والشهداء والمساكن المدمرة والخسائر الاقتصادية والاجتماعية التي تُحجب عن الأعين، على حد قول سعد الحريري في كلمته، إلا أنها لا تستطيع أن تحجب طبيعة الانتصار العسكري الذي تحقق في جنوب لبنان.
عبّر عن ذلك الشيخ فيصل المولوي الأمين العام ل الجماعة الإسلامية في كلمة ألقاها في إفطار رمضاني بقوله إن موضوع المقاومة ضد إسرائيل هو خط أحمر بالنسبة للجماعة، موضحاً أن تحالفات الجماعة مع تيار المستقبل لا تغيّر ولا تؤثر في هذا العنوان.
الكلام الداخلي الأول للحريري
ما لم يقله الحريري في كلمته أنه أبلغ قيادة حزب الله قبل الحرب بأسابيع طويلة نقلاً عن مسؤول أوروبي رفيع المستوى، أن الوضع السياسي لرئيس الحكومة الإسرائيلي الوارث لشارون ضعيف، وأنه لن يتورع عن الرد على أي عملية للمقاومة مهما كان حجمها بعملية عسكرية كبيرة يحاول عبرها تحسين وضعه الداخلي.
صحيح أن رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يوفَّق في تحقيق هدفه الداخلي، لكنه أحدث من الدمار للبنان ما يكفي للحديث عنه.
إذاً، حقق سعد الحريري الهدف الأول من كلامه لشد عصب جمهور والده ومنعه من التشرذم في هذا الاتجاه أو ذاك.
الهدف الثاني هو التصدي لكلام الرئيس الأسد حول تخوين وتأنيب القيادات العربية والجيوش العربية والأشقاء الحقيقيين الذين وقفوا مع لبنان ودعموه بالفعل لا بالقول ، على حد تعبير الحريري. ثم يصل بالكلام عن هذا الجانب الى أقصاه من الحدة فيعتبره يتعارض تماما مع مفاهيم الوحدة الوطنية.
لم يكن هذا الكلام غريباً على سعد الحريري برغم خطورة المحاور العربية حتى لو كانت هذه السياسة آتية من السعودية أو مصر أو الأردن.
أراد الحريري القول إن دمشق لم تعد الحدود السياسية العربية للبنان بعد كل القرارات الدولية الصادرة حول الموضوع اللبناني، بداية ب1559 وليس نهاية ب.1701
برغم خطورة هذا المفهوم فإنه يعبّر حقيقة عن جمهور رفيق الحريري أكثر مما يعبّر عن سعد الحريري نفسه. إذ إن أداء الإدارة السياسية السورية للموضوع اللبناني لا يترك لعاقل أو متزن أو حتى لراغب، الالتزام بحركة هذه السياسة أو نتائجها. في الوقت الذي يبذل فيه التحالف السعودي المصري الأردني جهدا كبيرا ومستمرا للظهور بمظهر القادر على حماية الاعتدال اللبناني والفلسطيني من دون نتائج حتى الآن.
الهدف الثالث الذي حققه الحريري في كلامه الأول الى الداخل منذ الانتخابات النيابية، هو استعادة الرئيس السنيورة الى حضن قريطم علنا وصراحة وحماية وتقديرا بعد أن بدا للكثير من المتابعين السياسيين أن الرئيس السنيورة أصبح خارج محيط الأداء السياسي لقريطم. لم يثبت الحريري ذلك بالكلام فقط، بل بعناق مع السنيورة بدا فيه كأنه يشم رائحة والده، ممثلا اتفاق الطائف الذي اعتبره قاعدة للنظام وللحوار.
بالغ الحريري في اعتبار اتفاق الطائف بحاجة الى حماية والى دفاع والى اعتماد في وجه خصومه السياسيين، مع أنه يعلم أن أي تعديل لاتفاق الطائف في مثل هذه الظروف أو غيرها هو بمثابة انقلاب، ليس هناك من جهة مؤهلة للقيام به مهما استعرضت قوتها السياسية الذاتية أو المستوردة، وبرغم معرفته بأن اتفاق الطائف يحتاج على الأقل الى قمة عربية يسبقها تفاهم دولي لإجراء أي تعديل عليه، هذا من دون الحديث عن حرب تسبق هذين الإجماعين.
يقول الرئيس نجيب ميقاتي إن اتفاق الطائف يحتاج الى رعاية ودراية لا الى حماية، والى حسن إدارة لا الى تهديد، باعتبار أن الحديث عن الطائف هو خرق لسقف الوحدة الوطنية، سواء لمصلحة الداخل أو الخارج. أما الحديث عما يجري في الغرف المغلقة فهو مضمون غير مسند، كما توصف الأحاديث الشريفة غير المؤكدة ولا يُستند إليها. فلماذا اعتبارها قاعدة للحسابات السياسية في حين أن شكلها يعبّر عن عواطف بعيدة المنال ومستحيلة التنفيذ؟
ليس هناك من كثير من التماسك بالنص ولا من الحق في ما جاء على لسان الحريري. إلا أنه لا بد من الاعتراف بأنه حقق أهدافه الثلاثة وأكثر من كلامه، مظهرا قوة القادر على ما يقول، مغلّفاً النصف الثاني من خطابه بالانفتاح على الحوار، الجاهز للمكاشفة، الحاضر بمستنداته لا المهدَّد بمستندات الآخرين.
الصيغة لا تحتمل صداماً عربياً
الأهم من هذا كله أن الحريري أعلن من على منبر والده الرمضاني، أنه لن يقبل بالتعرض لقوى عربية يلتزم سياستها تلبس عباءة الاعتدال في وجه الانقلاب على السياسة العربية في لبنان الذي أعلنه الأمين العام ل حزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه في مهرجان الانتصار.
وصف السيِّد الدول العربية التي ذهبت الى مجلس الأمن تستجدي السلام، متسائلاً: لا تريدون أن تقاتلوا، ولا تريدون أن تقاطعوا، ولا تريدون استخدام سلاح النفط، ولا تسمحون للناس بأن تنزل الى الشارع، ولا تسمحون للمقاومة في فلسطين بأن تتسلح ولا تعطونها المال، وتجوّعونها من أجل السياسة الأميركية. كيف ستحصلون على تسوية مشرّفة وعادلة؟ هل الإسرائيلي يعترف بكم أصلا؟ هؤلاء الأذلاء لا يساوون شيئاً .
لم يقرأ السيد نصر الله في تاريخ لبنان أن اللبنانيين يخسرون دائما نتيجة الخلافات العربية ويدفعون ثمنها، فكيف إذا دخلت سياسة الأحلاف على الموضوع، وفوقها إيران أيضا.
من أين يأتي اللبنانيون بكل ما يترتب عليهم من خسائر. أليست قاعدة جمهور حزب الله هي جزءا من هذا الشعب يقع عليها ما يقع عليه؟ أم أن للسياسة القرار الأول والأخير بصرف النظر عما إذا كانت صادرة من الخارج أو من قناعات الداخل.
لماذا إكمال الاعتداء على السياسات العربية المعتدلة رغم عدم نجاحها من على المنابر اللبنانية بعد المنبر السوري؟
لقد كانت وما زالت علاقات حزب الله مع السفير السعودي في بيروت على أحسن ما يرام، حتى أنني تباسطت مع السفير الخوجة مرة بالقول إنه واقع في سحر السيد نصر الله. وهو الذي حمل الى الأمين العام دعوة الى السعودية لأداء مناسك العمرة قبل أشهر وكانت الترتيبات تعد لإكمال إتمام الزيارة. إذا كان هناك من معلومات جدية وموثقة ومسنودة عن دور سعودي شجع على استمرار الحرب، كما يقال في الغرف غير المغلقة، فلتعلن وعندها لا حاجة لما جاء في خطاب السيد نصر الله عن هذه الدول. فالدليل يقوم مقام الخطاب. أما إذا كان الأمر لا يتعدى الإشاعات والأقاويل فلا ضرورة لإيراد هذا الكلام في الخطاب أيضا.
إن الصيغة اللبنانية التي لا حياة ل حزب الله خارجها، لا تحتمل صداما عربيا على الأرض اللبنانية حتى لو كان سياسيا فقط.
الصراع مع إسرائيل يجمع اللبنانيين مهما كانت اتجاهاتهم، أما الصراع العربي فيفرق بينهم ولا نصر إلا للخراب. فمن يسعى إليه؟
الرئيس بشار الأسد الذي وصف السياسة العربية المعتدلة بأنها أنصاف الرجال، أنصاف المواقف سمح بترجمة كلامه عبر قنوات الحوار السوري السعودي بأنه كان يقصد عبد الحليم خدام، نائبه السابق، بكلامه أمام المؤتمر الرابع لاتحاد الصحافيين السوريين.
قبلت القيادة السعودية هذه الترجمة والتزمت الهدوء النسبي. فالعاطفة التي يحملها الملك عبد الله للرئيس الأسد ما زالت على حالها من الوجود إنما من دون حركة. كما أنه في السياسة لا يُخفي العاهل السعودي رغبته في تجنيب سوريا نتائج التحالف مع إيران في وجه العرب.
لماذا توقفت قنوات الحوار بين دمشق وجدة؟
حتى كان خطاب السيد نصر الله، فصدر القرار بالتدخل السلمي المباشر في كل الجوانب التي تحمي القوى السياسية المتبنية لسياسة الاعتدال في لبنان، وتوقفت قنوات الاتصال السوري السعودي عن العمل.
صديق للقيادة السورية، رجالا ونساءً، له رواية أخرى لا تختلف عن الأولى، بل تكملها. تقول روايته إن القيادة السورية أبلغت الحاكمين في جدة، حيث المقر الصيفي للحكم في السعودية، بأن عليهم وقف هجمة حلفائهم في لبنان على سوريا خلال 15 يوما وإلا فإن قيادة دمشق غير معنية بما يحدث نتيجة ذلك.
حاول السعوديون إقناع دمشق بأنه ليس لديهم القدرة على ضبط الساحة اللبنانية سياسيا، وأن صلات السعودية بالأطراف اللبنانية المنضوية تحت شعار 14 آذار لا تسمح لها بفرض رأيها على أي منهم، ربما ما عدا سعد الحريري الذي لم يكن قد تجاوز الخطوط الحمر في حركته السياسية قبل خطاب الرئيس الأسد.
لم تقتنع القيادة السورية، وكان ما كان من حدة في خطاب الرئيس الأسد وصلت الى حد اعتبار قوى الرابع عشر من آذار إنتاجا إسرائيليا، فكان المبادر الى إدخال الانتصار العسكري ل حزب الله الى أنفاق الصراعات الداخلية اللبنانية.
تولى الزعيم وليد جنبلاط الرد على الأسد بأعلى ما يمكن من المزاج الحاد الذي يجعله يحلق فوق سماء المختارة، فلم يترك مجالا لأي ضرورة لزيارة الرئيس السنيورة الى دمشق برغم الدعوات المتكررة الهادفة الى كسر الجليد بين البلدين.
تحقق الجزء الأول من الخطة التي لا يعرف أحد من وضعها، وتحقق الاصطفاف الداخلي مع درجة عالية من التوتر وبجرأة على الخطأ لا سابق لها منذ العام 90 حتى الآن.
سجلات الولادة في مصر سجّلت، بحسب مجلة الإيكونوميست ، 104 أطفال في الإسكندرية باسم حسن، ومن أعطاها الله توأما سمته حسن ونصر الله. هذا في مصر. أما في لبنان فإن الحدة التي يتمتع بها السيد نصر الله تجاه الأطراف الداخلية المناوئة لسياسته، ومؤخرا الأطراف العربية، لا تقل عن مثيلتها عند الآخرين. فما العمل؟
اليوم تصل وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس الى القاهرة لتجتمع الى ستة من وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي ووزيري خارجية مصر والأردن.
استبقت كوندي زيارتها بسلسلة من الأحاديث الصحافية لا تقل في جرأتها على الخطأ من اللبنانيين والسوريين.
تحدثت كأن القرار السعودي بدعم لبنان اقتصاديا وسياسيا هو جزء من قرار أميركي بدعم الحكومات الديموقراطية في المنطقة.
تنبأت باغتيال شخصيات لبنانية. وصفت الهجوم الإسرائيلي على لبنان بأنه يقف على حدود عدم انهيار الحكومة اللبنانية. لم تقل بأنها تتعرض لحملة داخل الإدارة الأميركية بسبب استعجالها القبول بالقرار 1701 ووقف إطلاق النار. ولم تجب بأن تفسيرها للأمر هو أن استمرار إطلاق النار كان سيعرض الحكومة اللبنانية للانهيار.
تجتمع رايس بالوزراء العرب قبل أن تذهب الى إسرائيل للبحث في الوضع الفلسطيني من جهة، والسوري من جهة أخرى.
في إسرائيل، لن تجد خططا جاهزة للتنفيذ، بل ملف سوري على طاولة النقاش. وفي مناطق السلطة لن تجد عند أبو مازن جوابا شافيا، بل اشتباكات لم تتوقف طيلة نهار أمس.
أما الجانب السوري المعزول عربيا ودوليا، فأرسل وزير خارجيته وليد المعلم الى نيويورك ليعلن تعاون بلاده لتنفيذ القرار 1701 واتخاذ الإجراءات المناسبة لضبط الحدود مع لبنان، في محاولة لتجميل دبلوماسي لما ورد على لسان الرئيس الأسد.
إيران من جهتها تتمشى على طاولة الحوار مع أوروبا حول التخصيب النووي وتعلن بجرأة على الخطأ عبر الزميلة الحياة بضرورة تغيير الحكومة اللبنانية.
إذاً، مرة أخرى، اصطفاف عربي ودولي في مواجهة هلال الأزمات الإيراني السوري حماس حزب الله .
هل من قدرة للصيغة اللبنانية على احتواء الصدام بدلاً من الوقوع بين جنباته؟
(يتبع)