الانتصار الهادئ ..

مقالات 14 أغسطس 2006 0

 

وددت لو وضعت عسكر على مين عنواناً لمقالتي اليوم. أستعيره من كتاب الشهيد الصديق سمير قصير الذي سخر فيه من تشبّه لبنان بالأنظمة العربية التي تستعمل العسكر أداة لسياستها حين لا يكون هناك سياسة. لكنني لم أفعل إذ أنني افترضت أن عليّ استئذان العزيزة جيزيل خوري وهذا يفتح حساباً بيني وبينها شهدته والدتها لم يسدد بعد.

قصدت من العنوان الحديث عن الجيش اللبناني الوارد ذكره وعدده وعتاده وخريطة تواجده في القرار الصادر أول من أمس عن مجلس الأمن الدولي المتوّج بكل أرقام القرارات السابقة عن لبنان والذي يحمل الرقم 1701 إذ أن تجربة الجيش اللبناني في الجنوب دخولاً وخروجاً هي تعبير عن الظروف السياسية التي تحيط بالمنطقة وليس لبنان فقط منذ العام 1969 حتى الأول من أمس.

حتى العام 1969 كان لبنان يتصرف على أنه الدولة العربية المحايدة برغبتها عن الصراع العربي الإسرائيلي وحروبه. يتفرج النظام اللبناني على عجز الجيوش العربية فيتفاخر أنه بسياسته الغربية استطاع أن يحمي البلاد من الاحتلال ولو جزئيا والعباد من تضرر أعمالهم وأرزاقهم. وإذا كان بعض العرب مثل المسؤول السوري السابق عبد الحليم خدام يرون في احتلال الأرض فدية لإنقاذ النظام كما قال بعد حرب العام 1967 واحتلال الجولان، فإن النظام اللبناني تمتع بحد مقبول من الحرية والديموقراطية تضمن خروج رئيس الجمهورية برضاه ولو دون رغبته من القصر الجمهوري بعد ستة أعوام من الولاية. فلا ضرورة لحماية النظام ولا لخسارة الأرض بواسطة الحروب.

أنشأت فتح أول قاعدة عسكرية لها في جنوب لبنان في منطقة العرقوب الحدودية المعروفة باسم فتح لاند عشية الخروج الفلسطيني من الأردن تحت ضربات الجيش الأردني بقيادة الملك حسين رحمه الله. ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم لم يكن للجيش اللبناني دور فعال في المنطقة الحدودية مع إسرائيل.

إعادة عقارب الساعة..

تبدو الصورة اليوم وكأن قرار مجلس الأمن الدولي وتصريحات المسؤولين العرّابين للقرار 1701 يريدون إعادة عقارب الساعة الى الوراء 37 سنة من الصراعات والحروب والاحتلالات فهل هذا ممكن؟

إن قراءة مبسطة للقرار توضح أنه تم وضع خريطة سياسية بأربع زوايا هي لبنان وإسرائيل وسوريا وإيران وأن على الدول المعنية تنفيذ ما جاء في القرار الدولي ضمانة لسياستها وحماية لوجودها الدولي. بالطبع يلعب حزب الله دور الجوكر في الخريطة إذ أنه موجود أو مؤثر أو متصل أو قادر في الزوايا الأربع. جميل القرار الذي يطلب من سوريا عدم التدخل في الشؤون اللبنانية وإقامة علاقات دبلوماسية بينها وبين لبنان وأن توافق على ترسيم الحدود بينهما أيضاً بدءاً من النقطة التي تسهّل تعجيل الانسحاب الإسرائيلي من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وأن تستقبل الأمين العام للأمم المتحدة حين يأتي الى دمشق لتعطيه الموافقة على ما جاء في القرار الدولي وآخره عدم تسهيل إمداد حزب الله بالسلاح.

لماذا يفعل النظام السوري ذلك وهو قادر على تكليف الدكتورة بثينة شعبان مترجمة اللغة الإنكليزية للرئيس الراحل حافظ الأسد ووزيرة المغتربين في عهد الرئيس اللاحق الدكتور بشار الأسد، قادر على تكليفها بإبلاغ اللبنانيين أن عليهم الفرحة والانشراح والفخر بما تفعله المقاومة في جنوب لبنان دون أن تلاحظ المترجمة السياسية للنظام أنها تتحدث من دولة محتلة أرضها من إسرائيل ولا تبادر إلا الى فتح ديوان الرغبة في الحوار مع أميركا حول لبنان بينما يقوم الجيش الإسرائيلي بتدميره كل يوم. ودون أن تأخذ في الاعتبار أن اللبنانيين أدرى بما يفرحون له. وأنه لا تنقصهم لا المعرفة ولا الرغبة في دعم مقاومتهم حتى في أصعب ظروف معيشتهم. لا بد أن تكون الدكتورة شعبان بقراءتها الإنكليزية للقرار تعلم أن كثيرا من الظروف قد تتغير في مضمونه ولكن المؤكد أن هناك قرارا دوليا بالإجماع على نهاية الدور السوري في لبنان وعلى وفاة الدور السوري في العراق في واحدة من المذابح اليومية هناك وأن على الدور أن يختار ما بين النجف وبغداد مكانا لمراسم الدفن. الم يحن الوقت لقراءة هادئة ثانية وثالثة من الدكتورة شعبان لتتأكد أن مسارا هادئا لسياسة حكومتها هو المسكّن الوحيد الممكن استعماله والحصول على فائدة منه. بالطبع لن تأخذ وزيرة المغتربين بالرأي الداعي الى الهدوء. وستسأل وهذا من حقها ما هو الثمن الذي ستناله سوريا من وراء هذه الدعوة الى الهدوء؟

الإجابة بسيطة وغير معقدة. لتضع الخريطة العسكرية السورية أمامها وتحدد المواقع التي ضربها الجيش الإسرائيلي خلال اعتدائه على لبنان وحجم الخسائر التي تكبدتها هذه الخريطة في الدفاع عن حزب الله حليفها في لبنان. لن تجد شيئا تعلنه. فلماذا تفترض أن لحكومتها حصة مما تعتقد أن غيرها حققه من أرباح.

إن المشاركة في التغيير شيء واستعمال قوى التغيير شيء آخر. لكلا الحالتين ظروفاً ومقاييس لا تنطبق على الأخرى. لذلك فإن الاتجاه السوري سيكون بعد عودة الهدوء الى التلغيم الداخلي سياسيا وربما غير ذلك من فرع التلغيم. ولا يبدو أن ميزان القوى السياسية اللبناني ولا مزاجها بما في ذلك حزب الله يسهّل تنفيذ أفكار من هذا النوع.

ارتباك بائع السجاد الإيراني

بدا الارتباك منذ اللحظة الأولى على الموقف الإيراني من القرار الدولي الجديد. استعجل وزير الخارجية متكي برفض القرار الدولي وأدانه وأكد على عدم تنفيذه. انتبه لاحقا الى أنه لم يعد الى مركز القرار في طهران قبل مواجهة قرار بهذا الحجم وبهذه الطريقة. فما كان من الناطق باسم وزارة الخارجية إلا أن قام بعملية إخراج للموقف الإيراني بالقول إن لبنان يقرر بتوافقه موقفه من القرار .1701

لم يلاحظ الوزير متكي أن هناك قراءة جديدة للنفوذ الإيراني في المنطقة عربيا ودوليا وأن هذه المراجعة تجعل الحذر من إيران مطلوبا في هذه المرحلة. إذ أن قدرتك على توجيه أو دعم قوى مسلحة في هذا البلد العربي أو ذاك لا تعني أن تضع نفسك علنا في مواجهة مجلس الأمن الدولي في موضوع لا يتعلق ببلدك أو في سياساتك الاستراتيجية.

أولى علائم هذه السياسة الجديدة هي المبادرة التي قام بها العاهل السعودي بزيارة تركيا الدولة الإسلامية الوحيدة العضو في حلف الناتو والموازية لإيران من حيث العدد والعقيدة والواقعة على الجانب الآخر من العراق.

يقول الدكتور رضوان السيد مولانا في دراسة نشرتها الشرق الأوسط أن الإيرانيين يحاولون القيام باختراق استراتيجي للهيمنة الأميركية. فيضربون في توازن المنطقة العربية من العراق الى سوريا وفلسطين ولبنان. أما الأتراك الذين يعانون من المشكلتين الكردية والقبرصية ومن الإعراض الأوروبي فإنهم أكثر الجميع اطمئنانا على الحاضر والمستقبل. عندهم تجربة مصالحة رائدة بين الدين والدولة وعندهم تجربة تنموية كبيرة وبلادهم الفقيرة بالنفط غنية بالماء. وقد عادت امتداداتهم الطورانية والآن الإسلامية في آسيا الوسطى والقوقاز. وتتجدد لهم عند الغرب والعرب وظائف وتوظيفات. ويضيف ان الشكوى من التفكير الإمبراطوري الجديد ومن عودة إيران لاستراتيجيات تصدير الثورة والتلاعب بأمن الجوار ومصالحه حتى مع تركيا يطور لتركيا دورا ووظيفة مهمة حاضرة للدخول كعنصر توازن لا صراع على خريطة الشرق الأوسط الجديد .

الهدوء السعودي

من هنا جاءت الزيارة الملكية السعودية الأولى منذ عشرات السنوات لتعطي الانطباع أن ضبط التوتر الإيراني يحتاج الى القدرة الهادئة لتركيا .

ليست هذه هي الخطوة الدبلوماسية السعودية الوحيدة في اتجاه الهدوء الذي تسعى إليه. فقد انتقل الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية الى القاهرة حيث تشاور مع الرئيس حسني مبارك باسم مليكه على ضرورة عقد قمة عربية طارئة وسريعة من أجل الموضوع اللبناني. وأكمل طريقه الى العاصمة اليمنية لتأكيد ضرورة عقد القمة مع الرئيس علي عبد الله صالح الذي كان صاحب الاقتراح بها أصلاً ثم سحبه احتجاجاً.

كان واضحا لدى المسؤولين السعوديين أنه لولا الجهد الذي بادرت إليه السعودية لعقد مؤتمر وزراء الخارجية العرب في بيروت الذين أجمعوا على دعم النقاط السبع للحكومة اللبنانية وكلفوا الأمين العام للجامعة العربية ورئيس الدورة وزير خارجية الإمارات وصاحب المقعد في مجلس الأمن وزير خارجية قطر. لولا هذا الإجماع العربي لما صدر القرار .1701 ودون قمة عربية تعقد لأجل لبنان فلن يتم تنفيذ هذا القرار.

وزير الخارجية الإيراني بدا وكأنه كان ينتظر في المطار انتهاء زيارة العاهل السعودي الى تركيا ليدخل الى أنقرة. ثم ذهب الى الإسكندرية لينتظر خروج الأمير سعود الفيصل فيدخل للقاء الرئيس المصري. وبعدها الى اليمن حيث أنهى الأمير سعود الفيصل مهمته فيجتمع متكي بالرئيس اليمني.

لا بد من تسجيل النشاط الدبلوماسي الإيراني الذي يجعلك تعتقد أن هناك مسؤولاً دبلوماسياً إيرانياً وراء كل الأبواب. إلا أن الوقت تأخر كثيرا على إمكانية طمأنة السياستين السعودية والمصرية، وربما التركية أيضا. ستجد إيران نفسها محرجة أكثر وأكثر أمام إجماع عربي يصدر عن القمة العربية لصالح تنفيذ القرار حتى لو حاول الرئيس السوري أن يعلن تحفظات لن تكون مقنعة لأي من مستمعيه في حال عقد القمة.

تاريخية الصيغة الإسرائيلية

الزاوية الثالثة في القرار الدولي هي الزاوية الإسرائيلية.

بدت وزيرة الخارجية الإسرائيلية حزينة وهي تعلن موافقة حكومتها على القرار ظهر أمس. لم يظهر عليها الحماس لأي من بنود القرار. ولا استشف المستمع من كلامها تأكيدها على قدرة الحكومةالإسرائيلية على دعم تنفيذ مثل هذا القرار.

لماذا؟

إن متابعة التطورات السياسية داخل الحكومة الإسرائيلية خلال العدوان أي منذ شهر واحد فقط، أوضحت أن الهيكل السياسي الإسرائيلي يعاني من مشاكل بنيوية أعقد بكثير مما كنا نعتقد في غياب الزعامات التاريخية.

عبّرت عن ذلك وسائل الإعلام الإسرائيلية بأسلوب حاد جعل من أي حركة سياسية يقوم بها رئيس الحكومة أو وزير الدفاع أو وزيرة الخارجية وكأن الهدف منها فقط هو الرد على وسائل الإعلام أكثر مما هو عمل يقصد منه الإمساك بالوضع المتدهور.

إن المشروع الإسرائيلي قائم على عنصرين رئيسين تتهاوى صورتهما المشجعة على استقبال مهاجرين يهود جدد من أنحاء العالم في إسرائيل.

العنصر الأول هو الجيش القوي، القهار، الجبار، الذي يستطيع من خلال قدرته لا حماية بلده فقط بل خلق نتائج سياسية على الأرض العربية تناسبه دون غيره.

لقد استطاعت عصابة حسن على حد التعبير الإسرائيلي، المسلحة بسلاح لا علاقة له بالتقنيات المتقدمة أن تضرب صورة هذا الجيش ليس في عين العرب فقط بل في عين الإسرائيليين وهو الأمر الأشد خطورة في التطور الذي سببته الحرب المستمرة حتى اليوم بين حزب الله والجيش الإسرائيلي.

لو ظهرت هذه الخسائر وهذا الصمود في حرب مع جيش آخر لكان بالإمكان تبريرها. أما أن يحدث ذلك مع أعداد محدودة من المخربين اللبنانيين مهما بلغ عددهم فهذا يسقط الكثير من المبررات التي يمكن استعمالها لتفسير ما حدث. وحتى لو استطاعت إسرائيل التقدم في الفترة الفاصلة بين القرار الدولي وبين تنفيذه فهذا سيجيّر الى القوى التي ستستلم من الجيش الإسرائيلي لا الى قدرة الجيش نفسه على التقدم في وجه حرب العصابات التي شنت عليه.

العنصر الثاني هو العقيدة التاريخية للمشروع الإسرائيلي. لقد بدأت هذه العقيدة بالسقوط منذ زيارة الرئيس الراحل أنور السادات الى القدس. انسحب الجيش الإسرائيلي من الأراضي المصرية المحتلة كاملة بعد طول حديث عن حدود تاريخية لا يتراجعون عنها.

هكذا حدث أيضا في الأردن بعد اتفاق وادي عربة. وهكذا تحقق أيضا وأيضا في جنوب لبنان حين انسحبت القوات الإسرائيلية على وقع ضربات المقاومة دون اتفاق سلام للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل.

حين حاولت إسرائيل التلاعب بهذا الأمر في الداخل الفلسطيني بعد اتفاق أوسلو دخلت في اشتباك لم ينته منذ سنوات. فذهبت نحو أكثر الطرق بدائية في وسائل الحدود. بناء جدار تسير بمحاذاته دبابات الميركافا لحمايته.

قد يبدو هذا الكلام مستغرباً. إذ أن آذاننا لم تتعود سماعه. يقول جنرال متقاعد إسرائيلي لقد أصبحت إسرائيل دولة عادية لديها جيش متقدم تريد الهدوء. إذا بالعادية من الدولة يتحقق لكن الهدوء لا يتحقق .

لبنان بخير

لبنان بخير طمنونا عنكم. كما كتب الناشر طلال سلمان. لقد أثبتت الصيغة اللبنانية في هذه المحنة الصعبة من الاحتلال الإسرائيلي أنها قادرة على التماسك كما لم يحصل من قبل. وأنها تعرف أن تصمد بهدوء في كل مؤسساتها كما لم يكن أحد يتوقع. ترى هل للنصر سحر يجعل الجميع يصبرون على بعضهم البعض كما لم يفعلوا من قبل؟.

سياسي من الدرجة الأولى

الرئيسان فؤاد السنيورة ونبيه بري مارسا دبلوماسية على أعلى مستوى يمكن لأي كان أن يفعل. أدارا بتنسيقهما أزمة كان يمكن لسطر واحد أو تصريح تافه أو خطوة ناقصة من مغرور أن تفجّر وضعاً لا قدرة لاحقة على ضبطه.

استطاع الرئيس السنيورة بتماسكه وصبره ورصانته واستعجاله الخطأ بعض الأحيان. استطاع أن يكوّن مصداقية دولية وعربية جعلت لكلمته وقع الرجل المقلّ في كلامه. القادر على ما يقوله. أكسبت الحرب لبنان سياسياً من الطراز الأول. كان الوطن بحاجة الى أمثاله.

المايسترو

الرئيس بري أمسك بحبل الصبر من اليوم الأول حتى بدا وكأنه لا يتابع ما يحدث. اعتصم بالصبر والصمت ومارس دور القائد المايسترو الذي يضبط إيقاع الجميع حتى لو اضطر الى تجاوز من له الحق في ضبط إيقاعهم.

يقال والعهدة على الراوي أنه أسمع وزير الخارجية السوري بعد تصريحاته في بيروت ما لم يحب سماعه.

يقال أيضا إنه شرح للسفير الإيراني أول من أمس درس التفسير المناسب للكلام المناسب في الموضوع اللبناني.

مارس خفة دمه الحادة في المفاوضات مع مسطّح وجه مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش.

بهدوء وببساطة وبوصف النكتة الموافِقة لشكل الضيوف ومهماتهم وأحاديثهم استطاع الرئيس بري أن يرش عسل نكاته على الموت وأن يجعل من المفاوضات عملاً روتينياً لا يحتاج إلا الى قليل من الابتكار وهو يملك منه الكثير.

بين مفاوض وسياسي وضيف يجد الرئيس الحرّيف الوقت والرغبة لضبط النازحين حرصاً على تصرفهم وكأنهم مدعوون الى مطعم من الدرجة الأولى له أصول وآداب بمن في ذلك الساكنون في الهواء الطلق.

يشرف على غرفة عمليات أمنية اجتماعية تعوّدها منذ سنوات الحرب الأولى لكنه بالتأكيد لم يشتَق إليها.

وليد بك: شجاعة الاعتراف

وليد بك وقف على خاطر تاريخه العربي فكان أول المعلنين لانتصار حزب الله ولو زيّنه بالسؤال عن الجهة المستحقة لهذا الانتصار.

فتح الجبل بيوته لأبطال جبل عامل على حد تعبيره. قال بالفم الملآن وعلناً لا صورة ترفع لأهلنا من جبل عامل إلا صورة السيد حسن نصر الله. شبّهه بجمال عبد الناصر كما لا يفعل أحد غيره.

شجاعة جنبلاط في الاعتراف أقوى حتى من شجاعته في الانتصار. علم أن تاريخه يكتب الآن على صفحات السلم الأهلي. فكان أول من خطا الى الأمام.

العماد عون: سياسة الاستقرار

لم يكن العماد ميشال عون أقل جرأة في الحرص على النازحين واعتبار ورقة العمل بين تياره وبين حزب الله عنصر استقرار لبناني قبل أي شيء آخر.

وقف الجنرال أمام جمهوره على الجسور المهدمة لمناطقهم ليعبّر عن طريقته بالرزق ولا بأصحابو مانعا لأي احتمال كلام خارج المسؤولية الوطنية التي مارسها بشجاعة.

السيد: أقلّنا نصراً.. أكثرنا صبراً

بهدوء وصبر وحزن المؤمن على الشهداء يجلس السيد حسن نصر الله إذ أنه لا يقف هذه الأيام في رسائله التلفزيونية. يعلن ببساطة صادقة رؤيته السياسية، يتحمّل مسؤوليته بعين المحب لشعبه الساعي الى صدق وعوده. الساهر على المعرفة الأكيدة لكل ما يقوله.

لا تغرّه المظاهرات العربية الداعية له بالنصر. لا يرى في انتشار صوره سبيلاً للتغيير. يعرف أن هذا كله عبء ومسؤولية تنوء الجبال بها. فكيف ببشر مثله يرى أهله ومحيطه وبيئته ولبنانيته يتعرضون لما لا يريده لهم.

وجد الجواب في المقاومين. يستمد منهم الهدوء. الثقة بالله. الشجاعة في قدرته. الهدوء. الهدوء. الهدوء.

تصرّف كأنه أقلنا نصراً. وأكثرنا صبراً. يريد للآتي من الأيام أن يكون أقل عبئاً على الناس. وأكثر مسؤولية على المقاومين. سوف تمر أيام طويلة عليه. أطول مما هي على غيره حتى يرى تحقق ما يريده.

هل تمسك الزوايا الأربع بالقرار الدولي وتوصله الى بر التنفيذ؟

رغم الشكل الدولي الحاد الذي أعطي للقرار بتصويت أربعة وزراء خارجية لأكبر دول في العالم فإن بنود القرار لا تحدد هويته السياسية التي تجعله خارج منطق وقف إطلاق النار محاطا بما يحتاجه من حقائق للتنفيذ. لا تستطيع السياسة الأميركية المعنية بالأمن اللبناني الإسرائيلي وحده أن تؤمن تنفيذ هذا القرار مهما بلغت عظمة الدول الراغبة بتنفيذه وقوتها. والكلام عن أن الحوار الإيراني الأميركي يساعد في تسهيل تنفيذ مثل هذا القرار فيه الكثير من التبسيط والقليل من الواقعية.

حمّالة السياسة الأميركية

ان السياسة الأميركية التي بدأت على الأرض تنفيذها لسياستها عسكرياً في أفغانستان ثم في العراق وصولاً الى إهمال كامل لسوريا والتخلي عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. إن هذه السياسة التي أخذت ياسر عرفات الزعيم الفلسطيني التاريخي الحائز على جائزة نوبل للسلام الى فرنسا على حمّالة بعد سنتين من حصار إسرائيلي له وتخل أميركي عنه ليموت دون معرفة السبب الحقيقي حتى الآن.

ليس هناك ما يشجع أحدا على اعتماد هذه السياسة حماية لقراره أو لاتفاقاته، أول من تنبّه الى هذا الأمر وسط العدوان على لبنان هو الملك عبد الله الثاني في حديث لتلفزيون BBC البريطاني حين قال إن استمرار الاعتداء الإسرائيلي على لبنان قد يؤدي الى إنهاء حزب الله ولكن ماذا أفعل ب حزب الله الأردني و حزب الله المصري. وذلك في إشارة الى الأحزاب الإسلامية.

أكمل العاهل الأردني كلامه بالقول إن العصب الحقيقي للنزاع في المنطقة هو الموضوع الفلسطيني ودون حل هذا الموضوع سيجتاح المد الإسلامي المنطقة كلها.

الثاني هو وزير الخارجية القطري الذي طلب الكلام بعد كلمة المندوب الإسرائيلي في مجلس الأمن الدولي ليقول إن النزاع في المنطقة هو الموضوع الفلسطيني وليس الإرهاب. وطالما أن هذا الموضوع على حاله من الاشتباك فسيجد الإرهاب مشروعية دينية أينما ظهر.

إذا كان هذا رأي أصدقاء إسرائيل من العرب فكيف بالمعادين؟

السعودية التقطت هذا المؤشر وتعمل على قمة عربية يبحث فيها الموضوعان اللبناني والفلسطيني ويتخذ بشأنهما قراران واضحان. الأول ينهي الاحتلال للأراضي اللبنانية المحتلة مع ما يعني ذلك من فكفكة العقد اللبنانية السورية فتصبح الأسباب المعلنة لسلاح حزب الله فاقدة المضمون، على أن يعطى الحزب كل الضمانات السياسية لوضعه ولانتصاره الهادئ.

الثاني العودة الى مشروع الملك عبد الله للسلام أي الأرض مقابل السلام وفتح المجال لمناقشة واعتماد صياغة نهائية للسلام الذي لا حياة لأنظمة المنطقة من دونه.

هل تنجح السعودية في مشروعها؟ لننتظر انعقاد القمة قبل نهاية الشهر الحالي بدل أن نشتبك مبكراً على نزع السلاح في مجلس الوزراء.