“الاستحقاق” مع علي حمادة – دفتر شروط حكومة ميقاتي: حكومة الإلغاء


س- لماذا لم تشكّل الحكومة؟
ج- دعنا نبسّط الأمور كي لا نضيع في غبار خلافات “قوى 8 آذار” ومن يشتم مَن ومن يتعرض لمَن.
الموضوع الرئيسي انه في 25 كانون الثاني، كُلّف الرئيس ميقاتي بناءاً على دفتر شروط قائم على ثلاثة عناوين:
العنوان الأول: يتعلق بالمحكمة الدولية كي لا ننسى.
العنوان الثاني: يتعلق بالسلاح وبقاءه على ما هو عليه.
العنوان الثالث: يتعلق بالعلاقات مع سوريا بالشكل الذي هم يرونه، تطوير هذه العلاقات.
هذا دفتر الشروط تغيّر في نفس اليوم الذي كُلّف فيه بدأ التغيير في مصر واستمر واستمر، وفتحت الجبهات في كل مكان، في ليبيا واليمن وسوريا، وتكررت الثورة في مصر، وانقلب النظام في تونس، فهذا المشهد العربي تغيّر، وبالتالي دفتر الشروط الذي كُلّف على أساسه لم يعد مُجدّياً ولم يعد هو قادراً على تنفيذه، فلماذا اللف والدوران بأنه هو غيّر رأيه أو “قوى 8 أذار” مختلفة في ما بينها، وكل هذا غير صحيح. فدفتر الشروط انتهى مفعوله ولم تعد القوى التي كانت تعتقد ان باستطاعتها، بالتحالف مع الرئيس ميقاتي تنفيذ دفتر الشروط هذا، لم تعد قادرة لا على حماية دفتر الشروط ولا حماية تشكيل حكومة مواجهة.

نحن ننسى ومن خلال غبار النقاش ان القرار كان بتشكيل حكومة مواجهة، وكُلّف الرئيس ميقاتي على هذه القاعدة، ولم يُكلّف على أساس تشكيل حكومة محايدة، أو كما كنا في السابق بالتجربة الأسوأ المُسمّاة حكومة وحدة وطنية.

س- أنت كنت من أول الناس الذين تحدثوا عن حكومة تكنوقراط؟
ج- أنا منذ اللحظة الأولى، منذ بدأ التغيير في مصر، قلت بأنه أصبح هناك استحالة لتنفيذ دفتر الشروط، وقلت في وقت من الأوقات عن خطأ أو عن صواب، إذا كانوا يستطيعون تشكيل حكومة بدوننا فليفعلوا ذلك. والآن لم يعد بالإمكان في ظل الظرف العربي والدولي والداخلي الناشيء تنفيذ دفتر الشروط، وبالتالي متى يقتنع من وضع هذا الدفتر فهذه مسألة وقت، ومتى يمكن أن يغامر الرئيس ميقاتي كما كان مُنتظراً منه في الشهر الأول، يُغامر بتشكيل حكومة.
ماذا قصدت أنا بحكومة تكنوقراط؟ انها ليست حكومة مواجهة، المقصود من حكومة تكنوقراط أن تأتي حكومة “سكر خفيف” سياسية بعدد مُصغّر، وللرئيس ميقاتي تجربة في العام 2005، وكانت ناجحة لا أحد ينكر نجاح تلك التجربة، ولكن هذه التجربة عليها أن تضع الوضع السياسي في البلد في مكان، والحكومة في مكان آخر، يعني الإهتمام بقضايا وشؤون الناس المُحقة بكل ما تطالب به والذي هو مسؤولية القوى السياسية التي تمنع تشكيل حكومة محايدة، قد يُقال لا يوجد أحد محايد في البلد، فلنقل حكومة “سكر خفيف”سياسية لكن تكنوقراط ليست من السياسيين المختلفين والملتزمين.

س- هل أفهم من كلامك أن مسألة تشكيل الحكومة بشروطها الثلاثة الأساسية التي ذكرتها وُضعت في الثلاجة، أصحابها وضعوها في الثلاجة؟
ج- المسألة ليست ان أصحابها وضعوها في الثلاجة، ولكن لم يعد بإمكانهم تنفيذها لا رئيس الحكومة المُكلّف ولا رئيس الجمهورية المُكلِف، لا يستطيعون أياً كانت القوى الموجودة في الداخل وأياً كانت القوى الشريكة بالتأليف. نحن ننسى ان هذه التسمّية جاءت من دمشق ولم تأتِ من مجموعة “قوى 8 آذار” فقط.

س- وماذا عن وليد جنبلاط الذي سُمّي رئيس فريق “العتالة” في هذه الحكومة، إذا صح التعبير؟
ج- بصراحة، أنا أعتقد انه بعد التحوّل السياسي وما حصل مؤخراً خلال التكليف بتشكيل الحكومة، لم أعد مُقتنعاً بأن وليد جنبلاط لاعب سياسي، وليد جنبلاط موجود بحجمه وبقدرته وبوضعه الجديد الذي لا يخوّله أن يكون وسيطاً سياسياً أو مركز ثقل سياسي، أنا أقول هذا الكلام، وهذا رأيي، المسألة لا تتعلق بأنه عنده خمسة أصوات أو ستة أصوات التي ساهمت بالتكليف الأخير، ولكن هذه المسألة مسألة تفصيلية أمام حجم وليد جنبلاط السابق، هذا دور تكتيكي بسيط لا يتعلق لا بسنوات وليد جنبلاط ولا بالزعامة التي كان فيها، وهذا أيضاً أصبح من الماضي، وهذا الدور أصبح من الماضي، كفى نُبالغ بالأحجام وبالتصوّرات، ونُبالغ بالتسليفات هذا دور أصبح من الماضي، والواضح ان كل هذه الأدوار ربما ما عدا “حزب الله” الذي له وضع مختلف إقليمياً ودولياً ومدى تمثيله، والمشكلة عند وليد جنبلاط ليست تمثيله لطائفته مع حفظ الألقاب، هو يستطيع أن يُمثّل طائفته مهما شاء، ولكن لا يستطيع تمثيل عدد أكبر من اللبنانيين الذي يخوّله أن يكون وسيطاً سياسياً أو بيضة قبان سياسية، وهو بإمكانياته الحالية تفصيل صغير للعبة كبيرة جداً تحصل في المنطقة ولبنان. لذلك المراهنة على كل هذه التفاصيل التقليدية المشابهة لمرحلة ما قبل التغيير في مصر، هي مراهنة فارغة من أي مضمون وليست جدّية وهي نكتة لكن لا تُضحّك.

س- قبل أن تذكر هذه الخيارات الثلاثة، حكومة مواجهة غير ممكنة مع عدم إيلاء أي قيمة لكلام الأستاذ وئام وهاب بأن هناك تفكير بسحب الثقة من الرئيس ميقاتي؟
ج- هذه مسألة دستورية وهو يعرف انها غير ممكنة، وهذا كلام له علاقة باليوميات.
بالعودة الى الخيارات الثلاثة:
1- حكومة مواجهة وهذا أمر غير ممكن على الإطلاق.
2- حكومة وحدة وطنية وهذه التجربة أسوأ ما مرّ علينا في لبنان منذ اتفاق الدوحة، الحكومتين اللتين مرّتا والتي أساءت للناس ولحاجاتهم، وأساءتا للوضع السياسي، وتبيّن انها حكومة مواجهة في ما بينها، وليست حكومة لخدمة الناس بصرف النظر من هو مُحق.
3- حكومة “سكر خفيف” تكنوقراط تستطيع مواجهة أمور الناس، وهذا أمر يحتاج الى موقف وطني كبير ومغامرة كبرى يتولاها الرئيس ميقاتي.

س- تقول ما يقوله الرئيس سليم الحص؟
ج- أنا أتمنى أن أتحدث كما يتحدث الدكتور سليم، ولكن للحقيقة لم أقرأ هذا الكلام. ما أقوله ان هذه المغامرة تحتاج الى نسبة عالية من الوطنية والشجاعة، وان تأخر وقتها كثيراً، ولكن هناك حسابات وفق هذا الأمر، الرئيس ميقاتي يتصرّف وكأن حلفاءه أو من سمّوه يسلفّونه، ولكن برأيي ان حلفاءه أو الذين سمّوه هم المصيبة التي وقعت على رأسه، وبالتالي هو من يُسلفّهم بالخلاف مع أهله وجماعته وبيئته ومنطقته ومحيطه وطائفته بمسألة التكليف.
وأنا سبق وقلت والرئيس السنيورة تحدث معه، وأنا سمعت ذلك من الرئيس السنيورة، وأنا سبق وقلت على أكثر من منبر إعلامي، إننا على استعداد، أو أنا على الأقل مستعد شخصياً، أن أناقش بحدّة دفاعاً عن إعطاء الثقة لحكومة محايدة، لأن ما يهمني هو حاجات الناس ومصائبهم، ويهمني كيف أدفع عنهم الضرر والخروج من هذا الصراع السياسي الذي لا مصيبة له سوى اتهام الآخرين.
أنا أسأل من أسقط هذه الحكومة السيئة الذكر؟ هل نحن من فعل ذلك؟ أو الرئيس الحريري الذي تحمّل فيها ما لا يتحمله أحد في هذه الحكومة من صراعات ومن شتائم ومن خلافات؟ إذاً ما هو الخيار؟ الخيار الوحيد الوطني المُتاح أمامنا الآن أخذ النزاعات السياسية الى مكان آخر وتشكيل حكومة تكنوقراط. وهذه الحكومة ستواجه أيضا عقبات بما يتعلق بمضمون البيان الوزاري، لأن البيان الوزاري بالتأكيد سيتضمن ما تضمنته البيانات الوزارية السابقة المتعلقة بالسلاح وبالمحكمة الدولية وبأمور كثيرة، والتي يعتقدون ان ميزان القوى اختلف لدرجة أنهم يستطيعون إلغاء التزاماتهم السابقة، في بيانات مجلس الوزراء في الحكومة الأولى والثانية وما قبلها، وما قبل الدوحة وبعد الدوحة، وإذ هذا الأمر غير صحيح لا يمكن صرفه في مكان، وبالتالي تراهم يبيعون الناس عداوات. فكل يوم نشاهد ونسمع على التلفزيون أما الجنرال عون أو أي شخص آخر من “حزب الله” نائب أو من أي تنظيم، يبيعون الناس عداوات واتهامات ولا شيء آخر. وطبعاً نحن أيضاً لم نقصّر في هذا الأمر، بصراحة، ولكن كل هذا لا يخدم الناس، ولا يُقدّم جواب على أسئلة الناس، ولا يحل مشكلة النقل أو مشكلة البنزين ولا أي مشكلة أخرى، وبالتالي فلنذهب الى الموضوع الرئيسي، هناك ناس يعتبرون أنفسهم منتصرين وإن بيدهم تغيير موازين القوى والبيان الوزاري، وهذا غير صحيح ببساطة، والدليل هذه الأزمة التي نعيشها منذ ثلاثة أشهر حتى اليوم، لو كان صحيحاً، فهل نحن من منع تشكيل الحكومة؟ نحن لم نمنع تشكيل الحكومة.

س- لكن جندتم العالم كله لعرقلة تشكيل الحكومة؟
ج- نحن دافعنا عن وجهة نظرنا ولم نُجنّد العالم ولا نستطيع ذلك. لبنان اليوم ليس في أولوية أحد في العالم، لا في العالم العربي ولا في العالم الدولي، واليوم نُقل عن الرئيس السنيورة ان لبنان ليس من أولوياتنا نقلا عن واشنطن، وأنا لا أعرف إذا كان هذا الأمر صحيحاً، ولكنه بالشكل صحيح. نحن لا نستطيع تجنيد أحد ولا لدينا قدرة على تجنيد أحد، نحن لدينا اعتراضات وضعناها منذ اللحظة الأولى التي كُلّف بها الرئيس ميقاتي، وسلمناه أسئلة ثلاثة تتعلق باتفاق الطائف وبالسلاح وبالمحكمة الدولية، ولم نتلقَ أي جواب، وهو لا يستطيع الإجابة عن هذه الأسئلة.

س- تحدثت عن خيارات ثلاث متاحة عن الحكومة، منها حكومة “سكر خفيف” سياسية تكنوقراط؟
ج- هذا احتمال جدّي منطقي وطني، يأخذ بالإعتبار هموم الناس وملفاتها ومشاكلها ويحاول معالجتها بشكل أو بآخر.
س- هل يمكن أن تتخيل للحظة عودة سعد الحريري بصفقة مع السوريين، بأن تفتح الآفاق السعودية-السورية ويرجع سعد الحريري؟
ج- أعتقد ان هذا الباب مُغلق وغير وارد إطلاقاً تحت أي ظرف من الظروف، هذا الأمر لن يتم مناقشته أو التفاهم حوله إلا بعد الإنتخابات النيابية المقبلة، نحن الآن في وضع سياسي مأزوم، الرئيس الحريري ليس جزءاً منه ولا مسؤولاً عنه، وبالتالي هو ليس تعليقة يُعلّق عليها كل المشاكل وبعدها تطلب منه تشكيل حكومة وحدة وطنية فيها فيتو على كل المواضيع، وفيها وزراء كل يوم والثاني يفتحوا جزيرة وزارية منعزلة ويدخلون معك بالمشكل بالشخصي وبالعام، والظاهر اننا نسينا تجربة السنة والنصف الماضية من عمر الحكومة وخمسة أشهر للتأليف وأمور أخرى لا تنتهي، وحدث فيها من الإساءة لشخص الرئيس الحريري ولتياره ولسياسته ولجمهوره ما يكفي،

ونحن لن نكرر هذه التجربة أياً كانت التسويات، نحن نتصرّف وفق الدستور ووفق المنطق ووفق العقل، نحن لا نريد المواجهة لأننا لا نريد أخذ الناس الى مزيد من الصعوبات، والمزيد من المشاكل، والمزيد من عرقلة حياتهم، ونحن نرى ان الدنيا تغلى وتتغير ومشاكل بالسياسة وبالإقتصاد، وبرأيي حتى الآن لم نرَ شيء لأن القادم بطبيعة الحال بما هو حاصل في المنطقة والعالم، ستكون الأمور أصعب وأصعب، والكلام عن الرئيس الحريري برأيي هو كلام اتهام له وليس تكليفاً له، ونحن لا نفتش عن اتهام جديد.

س- لماذا تتدخلون بالشأن السوري؟
ج- أولاً هذا ليس تدخلاً، وثانياً دعنا نتفق ماذا يعني التدخل.

س- التدخل في ما يحصل هناك شأن سوري واحتجاجات سورية، وهناك لبنانيون مُتهمون وفريق سياسي مُتهم بأنه يتدخل بشكل او بآخر؟
ج- هذه على طريقة انه مُخطط سعودي-أميركي التي وردت بالأمس.

س- نعم على طريقة ان هناك مشروع سعودي-أميركي لزعزعة النظام السوري وموقفكم وراء هذا المشروع؟
ج- ياريت تحكي مع السعوديين ليكونوا وراء موقفنا، وأنا قادم من الرياض وأعرف ماذا أقول.
أنا أريد أن أقول اننا لسنا على الحياد، ومن يقول اننا على الحياد من حركة التغيير في العالم العربي يكون كمن يكذب على نفسه، فهل أنا لست مع التغيير في مصر أو مع التغيير في ليبيا أو تونس؟.

س- لكن مصر مبارك حليفتكم؟
ج- نحن مع التغيير الذي حدث في مصر منذ اللحظة الأولى، بصرف النظر، نحن لا يمكن أن نواجه إرادات الشعوب، حتى لو كان في وقت من الأوقات هناك صلة سياسية أو شخصية بين الرئيس مبارك والرئيس الحريري فهذه ليست قاعدة النقاش، الشعب المصري قرر غير ذلك فماذا علينا أن نفعل؟ نحن نسير برغبة الشعب المصري نحو مزيد من الحرية والديموقراطية والعدالة والكرامة، فهل يُعقل أن نخرج خارج كل هذا الكلام، وبالتالي ماذا أكون أُمثّل إذا لم أُمثّل هذه القيم؟ سأقول لك ما الفرق بين موقفي من مصر ومن تونس ومن سوريا. الفرق ان سوريا أقرب فقط والمشكلة انها على الحدود، والموضوع حساس لدرجة ولا يمكن أن يكون موقفنا،أو موقفي أنا أو موقف غيري المُعلن أوغير المُعلن، إلا أن أكون مع هذه العناوين: الحرية والعدالة والكرامة والديموقراطية.

س- لكن أنت تعرف ان من إحدى الأزمات الدائمة والمتلاحقة بين لبنان وسوريا، وكان السوريين منذ عهد الرئيس حافظ الأسد، دائماً يقولون، ان المؤامرات على سوريا بوابتها لبنان؟
ج- أنت تتحدث عن أمور منذ سنة 1970 وهذا كلام أصبح قديماً، نحن الآن نعبّر عن رأينا فقط لا غير، ولا يمكن أن نرى الشعب السوري بما يتعرض له من قمع وقتل وتعذيب وسجن واعتقال ونجلس ونتفرج، ونكون غير معنيين بهذا الشعب، نحن لا نقرر طبيعة النظام، ولا نطالب بإسقاط الرئيس بشار الأسد، ولا نطالب ببقاء النظام السوري، نحن نؤيد ما يريده الشعب السوري.

س- أصبحت تتكلم كما يتكلم الرئيس بشار الأسد الذي كان دائماً يردد نحن مع ما يريده اللبنانيون؟
ج- أنا لا أتحدث عن هذا الأمر من باب التغاضي عن المشكل، أنا أتحدث من باب تحديد المشكل، وتحديد ماذا يعني التدخل، وماذا يعني الحياد، فهل يمكن أن أكون مؤيد لحركة التغيير في مصر، ومعادي لحركة التغيير في سوريا لأن هناك حساسية في العلاقات اللبنانية-السورية؟.

س- لكن هناك عناوين أخرى من ان هناك وجهة نظر في لبنان مؤيدة من شريحة كبيرة من اللبنانيين تعتبر بأن سوريا تُعاقَب على مواقفها في المنطقة، المُمانعة ضد أميركا وإسرائيل، بصرف النظر إذا كنا نُصدّق هذا الكلام أو لا نصدّقه؟
ج- هذا كلام يعرف من يقوله انه غير جدّي وغير رصين وغير دقيق. التلفزيون السوري يقول ان هناك تسعة آلاف مستسلم، أنا لا أُسمّيهم معتقلين، ولكن هؤلاء التسعة آلاف هل هم مندسّون وهناك من جنّدهم ونظّمهم في كل المدن وفي عشرين موقع في نفس اليوم؟.

س- ربما مُغرّر بهم؟
ج- أبداً الناس صادقة وجدّية وعندها مشاكلها، واليوم قرأت في “السفير” ان الرئيس الأسد شخصياً يقول ان ثمة أخطاء داخلية تراكمت وساهمت في تكوين أرضية للوضع الحالي، وبالتالي هو من يقول ذلك، فهل يُعقل أن أقول هذا غير صحيح، وان هناك حريات في سوريا وديموقراطية وحقوق الناس متوفرة.
س- لكن هناك مُمانعة؟
ج- أي مُمانعة، هذه المُمانعة مسألة تتعلق باستعمال لبنان كجزء من الواجهة للمواجهة مع إسرائيل على الأرض اللبنانية، وكفى لف ودوران، ونحن نقبل مرغمين بذلك في موضوع إسرائيل، ولكن ما علاقة الأمور الأخرى؟ الشعب السوري يُطالب بالعدالة والحرية والكرامة، ولديه ألف مشكلة فوق هذه العناوين، ولكن ما هي الأجوبة على كل ذلك؟ حتى الآن ليس هناك أي خطاب سوري من أي مسؤول سوري موجّه للشعب السوري، وكل ما يحصل مجموعات تُستدعى ويجتمع معها وتُغادر وكأن في الأمر مراضاة.

س- لقد تحدثوا عن فتح حوار في المناطق والمحافظات؟
ج- الحوار يكون مع الشعب السوري، ما هو حاصل الآن علاجاً أمنيا، لكن طراز قديم باعتبار ان هذه المناطق بؤر أمنية، فهل يُعقل ان هناك 30 بؤرة أمنية في نفس البلد، وهناك آلاف الناس تتظاهر، أليس لهؤلاء مطالب؟.
المطلوب الآن التغيير وحدث النموذج المصري لا يمكن إلا أن يكون في كل مكان، والفرق هو بالتوقيت، ناس تتأثر بسرعة، وناس تتأخر، وناس طبيعة نظامها مختلف قد تأخذ وقتاً أطول، وناس تواجه شعبها مثل ليبيا، ولكل واحد طريقته، لكن هذا نموذج التغيير أصبح ساري المفعول في كل منطقة في العالم العربي، ومن يقول خلاف ذلك يكون كمن يكذب على نفسه.

س- مشاهد يسأل: في ظل غياب مجلس النواب عن دوره في حل الأزمة، الشعب يريد إسقاط مجلس النواب ماذا ستفعل؟
ج- ندعو الى انتخابات مُبكّرة ربما.

س- مشاهد يسأل: هل أنت من المؤيدين أن يشرّع المجلس في غياب الحكومة؟
ج- الأمر غير دستوري في غياب الحكومة، فإذا كان مجلس النواب يستطيع ذلك، فالحكومة تستطيع ذلك في ظل تصريف الأعمال وان تتخذ نفس القرارات.
س- يعني ذلك شيء من التعويم؟
ج- إذا كان هناك أمر طارىء يستطيع المجلس أن يتخذ قراراً بشأنه، فحكومة تصريف الأعمال تستطيع ذلك.

س- على هامش هذا السؤال: برأيك لو كان هناك أمر طارىء هل يمكن أن تجتمع حكومة تصريف الأعمال لاتخاذ قرار بشأنه؟
ج- أنا لست خبيراً دستورياً، ولكن بالتأكيد أنا مع هذا الرأي منطقياً وليس دستورياً.

س- مشاهد يسأل: هل هناك خلل في النظام عندما يكون هناك وزير مستقيل، يُصرّف الأعمال ويزاول الأعمال في نفس الوقت بشكل طبيعي؟ أم يجب أن يكون عمله مختصر في إطار تصريف الأعمال؟
ج- النص الدستوري واضح، يستطيع أن يزاول عمله بأضيق الحدود، وغير ذلك يكون تجاوزاً للدستور ومخالفة.

س- أكثر من مشاهد يقول: أنا أدعو فخامة الرئيس لتسمّية نهاد المشنوق رئيساً للحكومة؟
ج- أيوا.

س- مشاهد يسأل: هل أصبحنا أمام خيارين أما السقوط المدوي لنظام البعث في سوريا، أو حرب ضروس تُشعل المنطقة برمتها، وعند انطلاق هذه الحرب تبدأ عملية التحضير لخيمة التفاوض وأول بند هو بقاء النظام. على هامش هذا السؤال : ماذا عن تجميع الأوراق الإقليمية؟
ج- هل هذا تجميع أوراق أو فقدان أوراق؟.

س- مارون الراس، الجولان أوراق رُميت؟
ج- هذه حركة سياسية مُبررة وشرعية بمواجهة إسرائيل التي صوّبت على الناس لقتلهم، ونحن لا نريد محاسبة الناس لأنها ذهبت واعترضت، لكن هذه الحركة لا تعيد ورقة أحد الى أحد، هذا الكلام قاله رامي المخلوف رجل الأعمال، عندما قال “نحن نحمي الأمن الإسرائيلي وإذا تخلخل وضعنا سنخرّب أمن إسرائيل”، هذا كلام تهديد متوتر لا يُعبّر إلا عن المزيد من الأزمات، ولا يُعبّر عن فكرة عاقلة أو عن ناس عاقلين، أين هو المشروع السياسي الذي يواكب هذه العملية العسكرية الكبرى في عشرين موقع ومدينة وقرية سوريا؟ هل من يرشدني الى هذا المشروع؟ أو هل من لاحظ وجود هذا المشروع؟ كل ما هو حاصل هو أحداث أمنية لا تستوجب أي طرف سياسي لا داخلي ولا خارجي، والحديث عن المُمانعة هل هي المُمانعة على طريقة رامي مخلوف؟ ولكن السؤال ليس هنا، السؤال هل لهذا الوضع السياسي جوانب داخلية أم أنها كلها خارجية؟ أليس للناس حقوق ومطالبات ورغبات؟.

س- لكن يٌقال ان الإصلاح بدأ؟
ج- أُبلغ الرئيس الأسد بجدول أعمال يلبي حاجات الناس، يجب إجراء انتخابات حرّة لمجلس الشعب، ويجب إلغاء المادة التي تنص على ان حزب البعث هو الحزب القائد، ويجب السماح بوجود الأحزاب، ولا يزال هناك وضع دولي وإقليمي يُراهن حتى هذه اللحظة على أن ما حدث في مصر، سيحدث في سوريا بوجود الرئيس الأسد المُنتخب، وهذا الكلام قيل بالأمس وأول أمس والشهر الماضي وما قبله.

س- هذا كلام ورد اليوم من واشنطن على هامش العقوبات على الرئيس بشار الأسد الذي يقول: قيادة الإنتقال السياسي او الرحيل عن السلطة؟
ج- هذا المعروض عليه خلافاً لكل الآخرين، قيادة الإنتقال السلمي للديموقراطية.

س- بمعنى أن يبقى ويذهب النظام؟
ج- يذهب النظام أو يذهب الحزب لا فرق، ولكن هل كان الرئيس الأسد موافق على النظام أصلاً؟ كل من اجتمع به ومن يعرفه وكل من كتب عنه، كانوا ينقلون عنه شكوى من النظام الحزبي ومن تخلفه المستمر منذ أربعين سنة.

س- لكن لا يوجد شيء في سوريا اسمه النظام أو الحزب، هناك شيء اسمه جهاز مخابرات ورئيس؟
ج- أنت تتحدث عن فترة الأزمة، ولكن في سوريا يوجد حزب بشكل أو بآخر عمره أربعين سنة تعب ولم يعد يستطيع أن يُلبي، ويوجد نظام عمره أربعين سنة أصبح يلزمه تغيير، ويُقال دولياً وإقليمياً سواء عند التركي أو عند الأميركي أو عند كل الجهات المعنية، إنه تفضّل ياسيادة الرئيس وابدأ عملية الإصلاح هذه. ولكن برأيي ان طبائع النظام السوري لن تسمح بهذا الإصلاح، ربما يبدو غداً أو بعد غد بأن هذه الأحداث انتهت وانه لم يعد هناك أحداث أمنية كبيرة، ولكن في السياسة هذه الأحداث لن تنتهي، هذا الشعب خرج يُطالب بحقوقه الطبيعية وسيعود الى المطالبة بها، لأن أي كلام آخر يعني ان كل ما فعله هؤلاء الناس هو خلاف أمني أو حادث أمني وهذا غير صحيح.
المعروض على الرئيس الأسد الآن إنقاذ سوريا وليس إنقاذ نفسه أو إنقاذ نظامه، إنقاذ سوريا بمعنى إجراء الإصلاحات. من قال ان هؤلاء الناس لا يجيدون اختيار ممثليهم؟ ومن عيّن نفسه بأنه أفهم من الشعب؟ ما من أحد فعل ذلك إلا وخسر. الرئيس الأسد مُعترف بوجود أزمة ومُعترف بالأخطاء، فكيف تتم ترجمة هذا الأمر؟ المعروض عليه إنقاذ سوريا.

س- هل تخشى أن يتم اللعب بالورقة اللبنانية من باب تجميع الأوراق والمقايضة؟
ج- برأيي لم يعد من الممكن تجميع أوراق ولن يشتري أحد لا منه ولا من غيره الورقة اللبنانية، ولن يدفع أحد ثمناً وليس هناك من يهتم بنا، كفى مُبالغة في هذا الموضوع، وهذه تشبه قصة المشروع السعودي-الأميركي المنطلق والذي يدعم ولكن أين هذا المشروع؟.
دعني أروي لك رواية بسيطة، فقد كنت في الرياض أشارك في مؤتمر في مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية لمدة 48 ساعة. فمنذ ثلاث سنوات حتى اليوم، وبسبب تقدير أشخاص لا أعرف مدى جدّية تقديرهم، هناك 29 مؤسسة إنسانية وتعليمية وتربوية وخيرية محرومة من أي مساعدة سعودية رغم الإلتزام والوعد والعهد، فأي مشروع سعودي-أميركي هذا الذي يتحدثون عنه؟ فهناك 29 مؤسسة إسلامية وغير إسلامية منذ ثلاث سنوات وبقرار سياسي لا يصلها أي قرش دعم رغم خسائرها، ورغم معرفة وضعها الصعب، ورغم مشاكلها، ورغم انها تبيع عقاراتها وأوقافها لكي تستمر، ولن أتحدث عن دار الإفتاء وغيرها، وبالتالي أين هي هذه الهجمة السعودية التي لا تستطيع تحمّل قرار بالتزام التزمته تجاه 29 مؤسسة؟ وهل يُعقل أن يكون لديها مشروع سياسي لمواجهة النظام السوري في لبنان؟.
نحن جزء من التغيير في العالم العربي، جزء من مصر وجزء من تونس ومن ليبيا ومن كل مكان يشهد تغيير الى الأسلم، تغيير نحو الديموقراطية والحرية، وبالتالي غير صحيح اننا سنكون معادين للتغيير في سوريا بسبب حساسيات أطراف لبنانية أو غير أطراف لبنانية. هذا التغيير مطلوب للأسلم، وهذا تغيير حتى هذه اللحظة يحفظ الدولة، ولكنه لا يحفظ الحزب الذي عمره 40 سنة، ولا يحفظ الظلم ولا أجهزة الأمن، إنما يحفظ حريات الناس التي تريد اختيار ممثليها. أنا أعتبر نفسي ناقص التمثيل لأني قبلت بقانون الإنتخابات على قاعدة القضاء، أنا أعتبر نفسي كنائب ناقص التمثيل بسبب عقل القضاء هذا الذي تم على أساسه قانون العام 1960، فهل أنتظر أن أكون أفهم من الشعب السوري وأنا أقرر عنه، كيف أُقرر عنه؟ فهو يُقرر ما يشاء، ولكن لا يمكن أن أتمنى له سوى القدرة على تحقيق حريته وعدالته وكرامته وانتخاب ممثليه.

س- هل يستطيع الهروب الرئيس الأسد الى حرب إقليمية عبر البوابة اللبنانية أو مباشرة؟
ج- برأيي لا يستطيع ذلك، وهذه أيضا مبالغات بالأحجام ومبالغات بالقدرة على استخدام الآخرين، وباعتقادي انه لا جمهوره ولا جمهور القوى المتحالفة معه مستعدة للدخول في مغامرة من هذا النوع، أو أن يتقبلها، لأنه معروف ان أفقها مسدود وليس لها أي معنى. ولا أعتقد ان قيادة “حزب الله” تُفكر بهذه الطريقة، أو تقبل التفكير بهذه الطريقة من آخرين، وأعتقد ان كل واحد يُفكّر بأموره ويُفكّر بالطريقة التي بواسطتها يستطيع تحقيق بقاءه السياسي والطبيعي في بلده وفي منطقته وفي شارعه، فهؤلاء ناس لبنانيين ومعنيين بجمهورهم وبناسهم.

س- ماذا يعني ان التحوّلات كبيرة لدرجة ان لا أحد باستطاعته خوض مغامرات كبيرة؟
ج- طبعاً وأقصى مغامرة فينا نحلم فيها هي تشكيل حكومة محايدة، ونجلس ونناقش هموم الناس.

س- هذا الكلام للرئيس ميقاتي الذي عليه أن يُغامر؟
ج- هو ورئيس الجمهورية الذي أقدّر مواقفه وتصرّفه المسؤول تجاه فهمه للمتغيرات على الأقل، وليس الإندفاع نحو أفكار بسيطة سخيفة من نوع دفتر الشروط السابق.

س- مشاهد يسأل: هل أصبحتم في “14 آذار” عاجزين عن أخذ المبادرة؟
ج- أي مبادرة هذه، نحن لا نأخذ المبادرة لأنها ستعتبر مبادرة مواجهة، ونحن لا نفتش عن مواجهة، فلو كنا نريد ذلك لكنا دخلنا في المواجهة بعد إسقاط هذه الحكومة، ونحن ذهبنا في المسار الديموقراطي الطبيعي باعتبار ان تتقدّم حاجات الناس على رغباتنا أو مواقفنا.

س- هل تعتقد بأنه في المدى المنظور صديقك الأستاذ نجيب ميقاتي سوف يقدم في هذا الإتجاه لإنقاذ هذا الوضع ولو سقطت حكومته في المجلس؟
ج- أنا لا أعتقد انها ربما تسقط، وعلى كل حال من المُبكّر على هذا السؤال، وأعتقد ان الوقت يسبقنا جميعا ولا نعرف ربما عندما يُقرر ذلك لن يجد أحد يتجاوب معه وتكون الدنيا قد تغيّرت كثيراً، الوقت يسبقنا، فبعد شهر من الآن ستجد وتشاهد التلفزيون وسترى ان أمور كثيرة تغيّرت، وكذلك بعد شهرين وثلاثة وأربعة نحن نشهد حالة تغيير كبرى شعبية حقيقية صادقة، تبحث عن الديموقراطية وتريد الحرية وتريد كرامتها، وأي كلام آخر واي اتهامات كلام سخيف وفارغ ولا قيمة له.