“الإستحقاق” مع علي حمادة – حكومة ميقاتي والاستقرار الكاذب


س- هل عندك شعور أو هل عندك معلومات بأنه صدر قرار كبير بتحريك الداخل اللبناني كيفما اتفق الأمر؟
ج- سبق وقلنا في أكثر من بيان بأن رسالة سفير النظام السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري وضع فيها معلومات نسبها الى أجهزة أمنية لبنانية، هي بمثابة قرار بإعلان الحرب، بمعنى انه عندما يصدرعن السفير الجعفري سمّى فيه قطر والسعودية و”تيار المستقبل” بالإسم ويتهمها بأنها مسؤولة عن الإرهاب في لبنان، وعن أفكار وأحلام وتسليح ومنطقة عازلة في شمال لبنان، هذا الكلام واضح انه إعلان حرب مع ما يستوجب ذلك من استنفار كل القوى الحليفة معه للقيام بأعمال عسكرية بدأت في طرابلس وانتقلت الى عكار باستشهاد الشيخين عبدالواحد ومرعب ثم الى الطريق الجديدة، ولا أعتقد انها ستقف هنا.

س- هذا الإعلان الحرب الذي بدأ بهذه الرسالة، أو أُعلن إذا صح التعبير بشكل رسمي عبر هذه الرسالة الى الأمم المتحدة ماذا نُسمّيها؟
ج- هذه حرب سياسية وحرب أمنية واخطر ما فيها انها حرب سياسية، يعني هناك استخفاف بمضمون هذه الرسالة، فعندما تصدر هكذا رسالة تتهم دولتين عربيتين دولة عربية رئيسة ودولة مهمة، الأولى السعودية والثانية قطر، فضلاً عن “تيار المستقبل” الذي هو طبعاً ليس بحجم الدولتين ولكن له تأثيره وقدرته على الصعيد اللبناني، فليس غريباً أن يتبع ذلك خضّات أمنية وسياسية كبرى.

س- هل يمكن ربطها بمحاولة اغتيال الدكتور جعجع انه بهذا السباق بدأت الأمور للتحريك الداخلي أم أننا نلعب في ملعب آخر اليوم؟
ج- هناك تشبيه جدّي وموثّق مثّله الدكتور رضوان السيد مولانا في “الشرق الأوسط” يقول فيه انه في كل مرة النظام السوري القديم والحالي والسابق إن شاء الله، في كل مرة يقرروا فيها بأن عندهم اشتباك مع السنّة يفتعلون اشتباكات أمنية وعسكرية في طرابلس والشمال، وهذا مستمر منذ أكثر من 30 أو أربعين سنة. في كل مرة كلما يشعرون بمشكل مع المسيحيين يذهبون الى الإغتيالات السياسية، وكلما شعروا بمشكل مع الدروز يمسكون برقبة وليد بك، وبالتالي الوصف هو وصف دقيق، رغم انه يظهر للحظة الأولى انه افتراضي، ولكنه دقيق. إذا راجعنا التاريخ القديم منذ عشرين سنة نجد ان هذا الوصف دقيق، لذلك من غير المُستغرب أن يقوم النظام السوري وجماعته بافتعال الإشتباكات في منطقة طرابلس على الطريقة التقليدية، المشكلة الحقيقية ليست بالقرار السوري، ولا برغبة النظام السوري، هذا أمر تقليدي تعودّنا عليه، موجود وليس مُستغرباً، يعني من يقتل شعبه بهذه الطريقة منذ 14 شهراً ليس غريباً عليه القيام بهذه الأعمال، ومعروف انهم عندما كانت أحوالهم أفضل بكثير من الآن كانوا يقومون بمثل هذه الأعمال فالآن ربما السبب أحسن.
أنا أحاول أن أقول ان الأغرب والمسبّب فعلاً لعدم حالة توازن في البلد، هو مسار آخره الحكومة الموجودة حالياً، وسأحاول أن أكون موضوعياً في هذا المجال.
هذه الحكومة منذ اللحظة الأولى لتكليف الرئيس ميقاتي في 25 كانون الثاني 2011 يوم سقوط الرئيس المصري حسني مبارك، كان واضحاً أن هذه الحكومة هي حكومة مواجهة وعزل لفريق سياسي كبير ووازن في البلد ومواجهة معه، واستغرق تشكيل الحكومة ستة أشهر، وتشكّلت أيضاً على قاعدة المواجهة، يعني مثلما حصل في التكليف من حيث استعراض القوات المسلحة السوداء التي أدت الى تغيير الأكثرية، حصل في التشكيل أيضاً، بمعنى انه شُكّلت الحكومة التي كان بالإمكان تشكيلها في شباط، أي قبل خمسة أشهر، لأن طبيعتها وشكلها وتوصيفها وعضويتها هي حكومة مواجهة وليست حكومة استقرار، استمرالأمر شهر أو ثلاثة أشهر، وعندما وقعت محاولة اغتيال الدكتور جعجع تبيّن ان هذه الصفة التي اسمها الإستقرار ذهبت عن الحكومة، ذهبت بالمعنى الأمني، وذهبت بمعنى التوافق، لأنه إذا كان رأي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية العلني بحركة الإتصالات انه يجب على وزارة الإتصالات إعطاء داتا الإتصالات والوزارة لا تعطيها، فهذا يعني ماذا؟ هذه حركة اغتيالات وليست حركة اتصالات، هذه حركة المقصود منها تسهيل الإغتيالات، وبدأ التدهور الإقتصادي والإنمائي والتدهور الأمني. هذه الحكومة بشكل أو بآخر أخلّت بالتوازن الحقيقي للبلد، وبالتالي بطبيعة الحال استمرارها سيجعلها أضعف وأضعف تجاه تلبية مطالب النظام السوري.
س- أنت تقول الحكومة موجودة للقتال الى جانب النظام السوري؟
ج- طبعاً وأثبتت ذلك أكثر وأكثر، يعني كل محاولات إعطاء الحكومة صورة النأي بالنفس هي محاولات مضحكة، فعندما يتحدث وزير الدفاع مرتين علناً عن وجود قاعدة في لبنان، وفي وقت وزير الخارجية يتصرّف بتعليمات من رئيس الحكومة كل الوقت، وفي كل المحافل العربية والدولية، دعما للنظام السوري، بمواجهة كل الدول العربية ما عدا العراق.

س- الرئيس ميقاتي قال عدّة مرات، انه في عدّة أمور لم يكن على علم وان وزير الخارجية تصرّف من عندياته؟
جد- لنفترض ان هذا صحيح ماذا فعل هو تجاه وزير الخارجية؟.

س- ماذا يستطيع أن يفعل؟
ج- يستطيع أن يفعل كل شيء، بإمكانه اتخاذ موقف سياسي علني مخالف، والدليل موجود اليوم وليس بالأمس، يتعلق برسالة السفير الجعفري ردّ عليها اليوم رئيس الجمهورية، وأولاَ ردّ عليها رئيس الحكومة ولم يجد فيها سوى تأجيج للخلافات، يعني ردّ عليها بكلمتين، وقد كلّفت هذه الكلمة بأن أربع دول من مجلس التعاون تسحب رعاياها وتمنعهم من زيارة لبنان.

س- هذا تقديرك؟
ج- طبعاً هذا ليس تقديري فقط، بل معلوماتي أيضاً تقول ان هناك جهة عربية طلبت من الرئيس ميقاتي الرد على بيان الجعفري، فكانت النتيجة انه قال انها تأجيج للخلافات، وبالتالي أربع دول من مجلس التعاون، باعتبارنا دولة عظمى نتحمل مقاطعة الدول وعدم زيارتنا، لأن الوضع الإقتصادي عظيم وممتاز، فنحن لسنا بحاجة أبداً لزيارة أو لمقيمين من إخواننا العرب، أربع دول أصدرت قرارات بسحب رعاياها ومنع دخولهم.
اليوم رئيس الجمهورية صدر عنه كلاماً يُعبّر فعلاً عن النأي بالنفس، لأنه عندما يقول ان هذه المعلومات لا تستند الى وقائع مًثبّتة، وان التقارير الواردة من قيادة الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية تشير الى عكس ذلك تماماً.

س- علماً ان الجعفري يقول انه استند في معلوماته الى تقارير أجهزة أمنية لبنانية؟
ج- هذه الفضيحة الأكبر عندما نسمع سفير في الأمم المتحدة للنظام السوري يصدر تقرير مُسند لتقارير من أجهزة أمنية لبنانية لبلد آخر، اللبنانيين لا يعرفوه، الوزراء لا يعرفون هذه المعلومات.

س- لكن هل عندك شك بإن هناك أجهزة تُنسّق مباشرة؟
ج- وصلنا الى لُب المشكلة. أولاً أريد القول ان سياسة النأي بالنفس هي الموقف الذي اتخذه رئيس الجمهورية اليوم، لأن أنت ياحكومة لبنانية لا يمكنك بمفردك أن تقول ان هذا تأجيج للخلافات، هذا دوران حول الموضوع بقضية كبرى، وهناك دولتان عربيتان متهمتان استناداً الى تقارير لبنانية وليس استناداً الى رأي سوري فقط أو لرأي النظام السوري.

س- لكن في موضوع جزر الإمارات بيّضها؟
ج- كل هذه محاولات دوران حول الموضوع، والموضوع أكبر من الكلمتين اللتين قالهما، هذه الحكومة بتركيبتها وبتشكيلها وبعقلها السياسي، وبإداراتها الأمنية والقضائية تحديداً، حكومة مواجهة مع العرب وليس مع لبنان فقط، وليس مع فريق من اللبنانيين، هذا الأمر يجب أن يكون واضحاً.

س- في هذا الإطار أنت يمكنك أن تقرأ حركة الأجهزة الأمنية اللبنانية مؤخراً في توقيف شادي المولوي؟
ج- ما هو تفسيرك بصرف النظر عن الإتهام صحيح أو غير صحيح لشادي المولوي، بصرف النظر أنا أعرف ان القاضي أخلى سبيله بكفالة ومنعه من السفر لاستكمال التحقيق، وبالتالي القاضي أخذ الإجراء القضائي الذي يناسبه، حتى الآن لم يصدر ولا تفسير مُقنع أو مُحترم أو رصين، لماذا تمت العملية بالطريقة التي تمت باستدراجه الى مكتب وزير واعتقاله؟ ما هو أساس كل هذه القضية؟ دعني أورد معلومات: شخص أردني يُقال انه ينتسب الى القاعدة، ذهب من دمشق الى طهران مُنع من الدخول بعد أن كان دائماً يدخل ويخرج، لكن هذه المرة مُنع من الدخول فأعادوه من حيث أتى، الى دمشق حيث لم يسأله أحد في مطار دمشق لماذا مُنع من الدخول، وكانت النتيجة انه استقل الطائرة وأتى الى لبنان، الأميركيون أبلغوا الأمن العام لأنه كان يوم أحد، وعندهم معلومات انه سيغادر ويجب توقيفه في مطار بيروت، فمن أعطى المعلومات للأميركيين؟ السوريون أعطوا هذه المعلومات وهذه سياسة تقليدية قديمة للأمن السوري ليس فيها أي ابتكار أو اختراع.
إذاً وصلت المعلومات واعتقلوا الشخص في المطار وتم التحقيق معه وتحدث عن عدّة أسماء، أياً تكن هذه الأسماء فلا يوجد واحد ممن تحدث عنهم تمّ التحقيق معه أو التصرّف معه بشكل طبيعي، باستثناء عبد العزيز العطية القطري، والذي قرأت في الجريدة انهم دخلوا عليه الى المستشفى في غرفة معقمة بعد أن كان خضع لعملية زرع كلية، وتصرّفوا معه على الأقل بطريقة لا تستند أبداً الى حالته الصحية.
أنا لا أريد أن أدخل في التفاصيل، ولكن لماذا يحدث كل هذا ولتحقيق ماذا؟ لتحقيق مزيد من الإضطراب، فلا يكفي أن يكون جهازا غربيا أعطى المعلومات لكي تكون هذه المعلومات مُبرّر للتصرّف على قاعدتها في كل الوسائل التي أُستعملت.

س- يعني بتقديرك انلعب بالجهاز الغربي؟
ج- أنا لا أدّعي اني خبيراً، أنا أقرأ الأمور بشكل بسيط ومتتالي. الأمور تقول هذا الشخص ذهب من الشام الى طهران مُنع من الدخول وعاد الى دمشق، ثم ركب السيارة وأتى الى بيروت وهناك جهة أبلغت الأميركيين بأنه موجود في بيروت وسيسافر يوم الأحد عبر مطار بيروت، وبدورهم الأميركيين لجأوا الى الأمن العام باعتباره السلطة القادرة على التصرّف في المطار وأُلقي القبض عليه.
إذاً ما الذي يمنع من أن تكون كل القصة كما قال وليد بك مثل قصة اتوعدس؟ أنا لا أريد أن أجزم بهذه المسائل وإصدار أحكام، ولكن ما الذي يمنع؟ وأين الحكمة في التصرّف باعتبار ان وضع البلد حساس ويجب مداراة الأمور، وهناك انقسام سياسي كبير، وهناك حكومة عزل سياسي، أين ظهر ذلك في عكار أو طرابلس دُلني أين؟ هناك تجرؤ غير طبيعي بالتصرّف السياسي والأمني وبعض الأحيان القضائي، لأني لا أريد أن أشمل الناس، هناك تصرّف عدواني على جزء كبير جداً جداً من اللبنانيين، فكيف يجوز ذلك؟ لماذا هذا الإستخفاف بأنهم يمكن أن يفعلوا كل شيء بكل الناس، ولكن تحت غطاء الأجهزة الأمنية أو تحت غطاء بعض الأجهزة القضائية؟ وأنا لا أريد التعميم.
وهذا يأتي من عقل يعتقد انه بدأ بالإعتصام في بـ7 أيار، ثم باتفاق الدوحة، ثم بإقالة الحكومة مخالفين لاتفاق الدوحة، ثم بتشكيل حكومة بقوة السلاح، ثم مواجهة العالم العربي كله بهذه الحكومة، ومن يقول اننا نريد مواجهة العالم العربي وعلى أي قاعدة؟.

س- لكن هذا ليس هدف الرئيس ميقاتي بالتأكيد؟
ج- أنا لا أعرف هدف من؟ أعرف النتيجة وأعرف ان العمل الحكومي وتصرّف رئيس الحكومة السياسي هو الذي أدى الى هذه النتائج.

س- حصل حادث كبير في منطقة عكار وقُتل شيخان وهما متوجهان للمشاركة في مهرجان دعماً للثورة السورية، لم نعرف كيف قُتلا؟ هناك رواية الأهل ورواية مناقضة للجلس؟
ج- كلا حتى الآن ليس هناك من رواية رسمية مُعلنة للجيش حول هذا الحادث.

س- لكن هذه الحادثة أدت الى تدهور كبير وواسع في بيروت لماذا في بيروت؟
ج- حصل أيضاً في البقاع والناعمة.

س- لكن لماذا بيروت؟
ج- ماذا تنتظر من الناس التي فاضت بها، هناك شيخان ومعهما مرافقين حصل إشكال معهما على الحاجز، لنفترض حصل إشكال على الحاجز أياً كان هذا الإشكال المهم انه لم يكن إشكالاً مسلحاً، كان تلاسناً أو سمّه ما شئت، ولكن كيف يمكن أن تطلق النار وتصيب شيخين بـ38 طلقة وتُسمي ذلك حادث، والسيارة مُطلَق عليها النار يميناً ويساراً وواجهة ومن الخلف ومن فوق أيضاً.

س- ما هو استنتاجك كنهاد المشنوق؟
ج- استنتاجي بسيط وهو أياً يكن الضابط أو الضابط المسؤول عنه الموجود في تلك المنطقة، في تلك اللحظة بالتأكيد هؤلاء الجنود معبأين بأنهم موجودين في منطقة معادية وإلا لا يمكن أن يتصرّفوا بهذه الطريقة، وبطبيعة الحال أنا أفترض انه ليس لديهم أوامر ولا مُكلّفين بهذا الأمر، لنفترض ذلك، ولكن عليّ أن أفترض ايضاً ان 38 رصاصة على شخصين، هذا ليس حادثاً هذ ا عقل موجود يجب الإعتراف به وإيجاد وسيلة لمعالجته والتعامل مع ما حدث في عكار بأنه أمر ممكن المرور عليه هذه صارت أوهام من الماضي، هذا الحادث أكبر بكثير مما يعتقد أي إنسان.

س- يعني أدى الى نعرة سنية في البلد؟
ج- تعبير نعرة لا أوافق عليه.

س- لنقل ثورة او انتفاضة؟
ج- الناس فاض فيها ولا تُصدّق ان هناك أي تنظيم وراء الناس التي نزلت الى الشارع أو أي نائب أو أي وزير أو أي زعيم، بالعكس غامر الرئيس الحريري برصيده ليُخفّف قدر الإمكان من الأضرار التي تقع سواء في طرابلس أو في عكار أو بيروت، أو أي منطقة أخرى، ولكن الناس فاض فيها ولم يعد بإمكانها أن تتحمل هذا العقل السياسي والأمني.

س- هل هناك شعور بالظلم والقنوط واليأس عند الناس؟
ج- أنا لا أوافق أبداً على كلمة اليأس، هناك شعور بأنهم لن يسمحوا أبداً لا أهل طريق الجديدة ولا عكار ولا طرابلس ولا أي مكان، لن يسمحوا لأي كان بأن يعتدي عليهم سوءا رسمياً أو غير رسمي.
في السابق كان الشكل غير رسمي فكان بالإمكان أن نتهم ونأخذ مجال بالإتهام وتبقى الأمور ضمن المنطق الآخر.

س- ما هو مأخذك على الرسمي؟
ج- مأخذنا الرسمي انه لكل اللبنانيين وليس لجهة.

س- مأخذك عليه عدم المساواة؟
ج- ياسيدي الرسمي لكل اللبنانيين ومسؤول عن كل اللبنانيين ويخص كل اللبنانيين، نحن خيارنا الإستراتيجي الوطني هو الجيش اللبناني وليس لدينا خيار آخر ومشروعنا هو الدولة والجيش هو أداة من أدوات الدولة، لذلك أنا لا أحاسب الجيش، أنا مشكلتي بالسياسة مع الحكومة، المسؤولية السياسية والوطنية تقع على الحكومة وليس على قيادة الجيش. أنا أتفهم تماماً ما قاله الزملاء خالد الضاهر ومعين المرعبي، بصرف النظر ما إذا كنت أوافق معهم أو لا أوافق، ولكن المشكلة أولاً من حيث الأجهزة الأمنية ومنها الجيش لا يمكن الضابط أو الضابطان أو الثالثة المعنيين بالحادث والعسكريين، لا يمكن إطلاق النار على شيخ مُعمّم ومعه شخص وهو شيخ آخر وصديقه ورفيقه، لا يمكن أن تُطلق النار عليهم 38 طلقة بكل أنواع الأسلحة باعتبار انك تقوم بعملية عسكرية في منطقة معادية أو بوجه أعداء، وهذا لا يمكن أن يكون نتيجة توتر فقط، بل نتيجة تعبئة بأن هؤلاء الجنود موجودين في منطقة معادية ويتصرفوا مع أي إشكال لفظي يقع بينهم وبين شخص آخر باعتبار ان هذا أمر يجب إطلاق النار فوراً.

س- لكن في حال لم يكن هناك شيء مُبيّت؟
ج- أنا لا أستطيع الإفتراض بالمسائل المبيتّة، ولكن ما حصل في طريق الجديدة ليس أقل اعتداءً بمعنى ان هناك شباب نزلوا الى الشارع وربما أحرقوا الإطارات او اعترضوا أو رفعوا صوتهم باعتبارانهم مُعترضين ويُعبّرون عن غضبهم باغتيال الشيخين في عكار، ولكن ماذا كانت النتيجة؟ النتيجة كانت ان هناك تنظيم أو منظمة تعمل أما مع السوريين وأما مع “حزب الله” وأما مع الأجهزة الأمنية والمخابرات وغيرها واحد من هذا التنظيم يُطلق النار على اثنين من المُعترضين وقبل أي نقاش الشخصان موجودان في المستشفيات، والمُعترضيبن أطلقوا النار وردوا عليهم هذا صحيح، ولكن الحادثة بدأت بهذه البساطة، بمعنى انكم ممنوع تتضامنوا مع أهل عكار، وبالتالي هناك جنون بتقدير استكانة الناس للظلم، هذه المرحلة انتهت ويجب أن يعرف الجميع بأن هذا الظلم انتهى أياً كان سببه ومهما كانت أسلحة الخصم فيه، وأياً يقدر ومهما عملوا، هذا الظلم انتهى ولم يعد باستطاعة أحد تحمّله، ولكن عنوان هذا الظلم الرئيسي الذي أدى الى هذا الإنهيار الكبير هو تشكيل حكومة عزل سياسي مواجهة لفريق كبير من اللبنانيين ومواجهة لكل العرب.

س- تقول طفح الكيل في الداخل من فئة مُعيّنة هناك رسالة الملك عبدالله الملك السعودي الى رئيس الجمهورية يتحدث عما معناه انه طفح الكيل؟
ج- اسمح لي أن أُمرّر جملة قبل المناقشة في رسالة الملك. ما حصل ان كتلة نواب بيروت اجتمعت وبدأت بكلمة من الرئيس سعد الحريري عبر “السكايب” وناقشنا كل الوضع وأصدرنا بياناً بالدعوة لاستقالة رئيس الحكومة لأن الواضح ان التعبئة والتوتر كبير لدرجة لا يمكن أن ينتهي بأقل من استقالته، وأي كلام آخر من الآن أقول لك هو إضاعة للوقت سيبقى هذا التوتر وهذه التعبئة قائمة الى أبد الآبدين إذا بقيت هذه الحكومة على ما هي عليه. إذاً ماذا كانت النتيجة؟ النتيجة كانت ان رئيس الحكومة يرد في بيان على المطالبة باستقالته بأن ذلك غيرة وحسد ورغبة بالجلوس فلان مكان فلان، ونحن منذ 14 شهرا نقول علناً وسراً وبكل المحافل، وقالها الرئيس السنيورة من على منبر مجلس النواب أننا نريد حكومة حيادية في المرحلة الإنتقالية من الآن وحتى الإنتخابات المقبلة، ولكنه، أي الرئيس ميقاتي لم يرَ إلا اننا نرغب بتشكيل الحكومة، برأيي وبكل بساطة لو كانت الحكومة فقط من “14 آذار” لكانت تسبّبت للبنان بالأزمة نفسها. حجم التوتر في المنطقة الإقليمي كبير لدرجة انه يستدعي حكومة حيادية، وهذا التوتر هو الذي أدى الى برقية من العاهل السعودي لرئيس الجمهورية اللبنانية، اعتقد انها البرقية الأولى في تاريخ السياسة الخارجية السعودية التي تتضمن تعابير لا علاقة لها بالطبيعة السعودية منذ تاريخها، منذ إنشاء المملكة، وبالتالي إذا كان حجم التوتر الإقليمي وحجم المشكلة كبير لهذه الدرجة وان أكبر معبّر عن هذا التوتر وهذه المشكلة هو الحكومة، فلماذا يُفترض أن هذه الحكومة لا تزال حكومة استقرار وان الخلاف على الكراسي، ما هذا الكلام السخيف والتافه؟.
عندما يقول العاهل السعودي ان استهداف إحدى الطوائف الرئيسية التي يتكوّن منها الشيخ الإجتماعي اللبناني، هل سمعت جملة مماثلة سعودية في فترة سابقة؟ هذه أعلى درجة سياسية ممكنة من الإستنفار وهذا الكلام طبعاً يعني السنّة ولا يعني شيء آخر إذا قرأتها بدقة.

س- يعني ان هناك استهداف للسنّة؟
ج- وهناك إنذار آخر في هذه البرقية يتحدث عن بذل المملكة ودول مجلس التعاون كافة الجهود في سبيل دعم لبنان اقتصادياً لتحقيق إنمائه وازدهاره ولعلكم تثقون فخامتكم بأن هذه الجهود مهما بلغ حجمها سوف تظل قاصرة ان لم تستجب كافة الأطراف اللبنانية الفاعلة لها. وتغليب مصلحة الوطن اللبناني أولاً على ما عداه من مصالح فئوية ضيقة، أو خدمة مصالح أطراف خارجية لا تريد الخير للبنان لا للمنطقة العربية عموماً، وهذا الكلام يعني إيران، وبالتالي إذا كانت هذه الحكومة تُمثّل المصالح الخارجية الإيرانية والسورية والأطراف المشاركة فيها تُمثّل مصالح فئوية ضيقة.
تضيف برقية الملك السعودي وإن لخطورة الأزمة وإمكانية تصاعدها لإحداث فتنة طائفية في لبنان، هذه لغة سعودية لا سابق لها في تاريخ الدبلوماسية السعودية. وأنا أعتقد بأن كل كلمة وردت في هذه الرسالة هي تتضمن وتعني وتتحمل مسؤولية ما يجري فيها، ولكن أهم ما في هذه الرسالة انها إدانة كاملة لهذه الحكومة ولرئيسها ولسياسته. لأن النأي بالنفس لا تكون بتصرّف وزير الخارجية اللبناني، ولا يكون بدعم النظام السوري في المحافل الدولية، ولا يكون بإعلان وزير الدفاع مرتين عن قاعدة، هو لا يعرف شكلها ولا لونها ولا فكرها، ولا يكون بالنأي بالنفس عن الرد على موقف سوري في الأمم المتحدة يتهم السعودية وقطر قبل “تيار المستقبل” باحتضان أو بتمويل الإرهاب في لبنان، وبالتالي النأي بالنفس الوارد في الرسالة السعودية لا يُشبه أبداً وعلى الإطلاق النأي الذي يُشبه الرئيس ميقاتي وسياسته، النأي بالنفس في هذه الرسالة يعني اتخاذ مواقف مسؤولة ورصينة من كل تطورات الأزمة السورية، وهو ما فعله رئيس الجمهورية العماد سليمان اليوم، وليس المرة الأولى التي يتحمل منفرداً حجم الأخطاء التي ترتكبها الحكومة.
أما في موضوع الحوار، أنا أريد أن أؤكد ان هذه البرقية مع احترامي لكل جدّية ما ورد فيها، لا تُغيّر شيئا من قواعد الحوار التي تحدث عنها الجميع وآخرهم الرئيس الحريري بردّه منذ أسبوع على الدعوة للحوار.
. هناك ثلاثة بنود:
البند الأول المتعلق ببيروت وكنت قلت قبل ذلك الحمدلله انتقلنا من اليوم المجيد الى أحداث مؤسفة في آخر خطاب للسيد حسن نصرالله، وهذا يعني خطوة الى الأمام.
البند الثاني: مطلوب إنزال رتبة المتهمين باغتيال الرئيس الحريري من قديسين الى مُتهمين.
البند الثالث: هو عنوان السلاح وهذه البرقية لا تعني أبداً تغيير قاعدة عنوان السلاح في أي حوار، وهذا يحتاج الى وقت طويل الآن، وأفترض ان رئيس الجمهورية سيبدأ بحوارات ثنائية أو قرأت اليوم في الصحف انه ممكن أن يزور السعودية لمتابعة هذا الموضوع.

• بعد عرض أغنية مخصّصة للربيع العربي باللغة الفرنسية لجانين داغر

س- ما رأيك بالأغنية؟
ج- أعتقد أني لا أجيد الفرنسية وأنا سمعتها، ولكن أعتقد انها جميلة مثل “14 آذار” وعلى كل حال صوت الفنانة جانين جميل.

س- ما هو تعليقك على فكرة ان الحاكم العربي لا يحب شعبه في الأساس؟
ج- الحاكم العربي يعتقد بأن شعبه يحبه ولا وقت عنده لكي يحب أو يكره، بل بتلقى فقط محبّة الشعب، وبالتالي يقع لأنه يصدّق بأن كل الشعب يحبه كما حصل لكل الحكام العرب ومثل حالة الإنكار الكاملة الموجودة الآن في سوريا بأن هناك 12 ألف شهيد و70 ألف مفقود، ربما الرئيس السابق للنظام السوري ينبري ويقول انه لا يحصل شيء في سوريا، وإن الدنيا بخير، وجرت انتخابات مجلس الشعب وان الإنتخاب يتم بالبطاقة مما يسمح بالإنتخاب في أكثر من مركز دون أن ينتبه أحد مادام ليس هناك لوائح شطب.

س- بالإنتقال الى الخلاصات لهذه الجلسة، الآن هذه الحكومة موجودة، رئيس الحكومة لن يستقيل؟
ج- هذا رأيك.

س- أنتم عاجزون عن تغيير هذا الواقع؟
ج- أيضاً هذا رأيك، وهذه ليست أسئلة أنت تفرض وقائع على الأقل وقائعك.

س- لكن وقائعي هذه مستمرة منذ أكثر من 17 شهراً أنا لم أخترعها؟
ج- لا بأس ولكن الحكومة شُكّلت في تموز.

س- أنا أقصد منذ تشكيلها؟
ج- دعنا نتحدث عن موضوع الحكومة، هذه الحكومة طالما أنها موجودة فهي لا تستطيع إلا أن تكون بمواجهة الغالبية الكبرى من اللبنانيين وبمواجهة كل العرب.

س- ما هو الحل؟
ج- الحل هو باستقالة رئيسى الحكومة والحكومة، ونحن قلنا ذلك في بيان الكتلة وفي “14 آذار” .

س- ممكن إعطاءه جائزة ترضية، جائزة ترؤس حكومة حيادية؟
ج- كلا، نحن لا نُعطي جوائز لأحد، وهذا غير وارد وغير صحيح وغير منطقي وغير عاقل، نحن رهاننا الشعب اللبناني، هذا الشعب الذي نزل في 14 آذار وهو الذي أخرج الجيش السوري من لبنان، وهو الذي استعاد الحرية والسيادة والإستقرار والإستقلال، مررنا بظروف صعبة أنا متأكد وعندي ثقة كاملة بأن الشعب اللبناني هو الذي سيقول كلمته وهو الذي سيُقرّر من يبقى رئيس الحكومة ومن يرحل.

س- مؤسف ان أسألك هذا السؤال، هل استنتج من كلامك بأننا قادمون على مرحلة من الإهتزازات الكبيرة في لبنان؟
ج- نحن لن نترك حركة سلمية قانونية ديموقراطية إلا وسنعتمدها ولو وصلنا الى ما ليس خيارنا الأول الى العصيان المدني.