” الإستحقاق” مع علي حمادة – تكليف ميقاتي: الاسد وصياً من جديد

مقابلات تلفزيونية 15 يونيو 2011 0


س- بداية دعني أتحدث معك كصحافي أكثر مما أنت نائب وسياسي، كيف وُلدت هذه الحكومة وهل تجمعت لديك معلومات؟
ج- لا توجد أسرار، وكفى مبالغة بالتجميل واللبننة التي نزلت فجأة خلال 24 ساعة على كل الناس واستطاعوا بواسطتها تشكيل حكومة، كان يمكن تشكيلها منذ اليوم الأول، وبالتالي بطبيعتها وبأسمائها وبتوجهها السياسي، هذه حكومة مؤلفة منذ 7 أيار حتى اليوم، يعني هذه حكومة استمرار غلبة السلاح خارج الدولة وخارج إرادتها وخارج إدارتها.

س- لكن أنت سمّيتها جسر الشغور؟
ج- هذه قراءة أخرى، ولكن هذه الحكومة هي استمرار كما هي حكومة الرئيس السنيورة الأولى لكي لا نظلمهم بمفردهم، دعنا نظلم أنفسنا جميعاً، كل الحكومات التي أُلّفت منذ اتفاق الدوحة الى اليوم، هي حكومات 7 أيار والقرار فيها دائماً للسلاح سواءا بالوهج أو بالحضور أو بالإستعمال أو بالكلام عنه وبالتهديد به.

س- ولكن تفسير لما حصل في اللحظة الأخيرة؟
ج- ما حصل في اللحظة الأخيرة، ومع احترامي لما قاله فخامة الرئيس في مجلس الوزراء، ربما موقعه يفرض عليه أن يقول ما قاله، موقعه كرئيس جمهورية مُتبني لتشكيل الحكومة يفرض عليه هذا الكلام، ولكن هو يستطيع أن يقول ما يريد، ولكن هذا لا يعني ان ما قاله هو الواقع، فالواقع ان هناك قراراً سورياً صدر بتشكيل هذه الحكومة، والحسم السياسي في لبنان على غرار 7 أيار، بنفس الوقت الذي اتخذ فيه قرار الحسم العسكري في سوريا منذ عشرة أيام في كل المناطق، باعتبار ان ما يحدث في سوريا هو صدام أمني بين مجموعة من المسلحين وبين الدولة، وبالتالي عندما تقرأ ان ما يحصل في سوريا ليس صراعاً بين الشعب وبين النظام، أيضا تقرأ في لبنان أنك تستطيع أن تحسم سياسياً وتُشكّل حكومة فيها الرأي الغالب لغلبة السلاح وحلفائه، وهو نفس الرأي الذي سيطر على الحكومة الأولى بعد اتفاق الدوحة، والذي أسقط الحكومة الثانية بعد اتفاق الدوحة، كل الحكومات التي أُلفّت منذ 7 أيار حتى اليوم هي حكومات غير شرعية بالمفهوم الشامل للبنان، رغم التمثيل فيها، ودعني أكون دقيقاً لأن هذا الكلام يحتمل جدلاً كثيراً. هذه حكومة 7 أيار، هذه استمرار لـ7 أيار مثل الحكومة الأولى، هذه ثالث حكومة تؤلّف بعد 7 أيار، وهذه الحكومة هي الحكومة السورية الأولى التي أُلفّت منذ العام 2005، كفى لف ودوران.

س- يعني أمر من مفارقات الدهر، ومن مفارقات الحياة السياسية اللبنانية ان النظام السوري رغم أوضاعه، يفرض حكومة في لبنان ويعيد لبنان الى العام 2004؟
ج- النظام السوري يخوض صراع شديد داخل سوريا، وقادر في لبنان. هناك مقال من ألطف ما يمكن كتبه الصحافي الكبير الأستذ عباس بيضون عن كم هي مضحكة المفارقة بين القدرة السورية في لبنان، والقدرة السورية في سوريا، وان سوريا في لبنان تستطيع إخراج مظاهرات مضادة للمظاهرات، وتستطيع منع اجتماعات والسماح باجتماعات، وتستطيع خوض مواجهات، بينما في سوريا هي تدخل في صراع كبير، وفي مواجهة ثورة شعبية كبرى عمرها الآن ثلاثة أشهر، وليس مجموعات أمنية، وإذا كان هذا النظام استطاع السيطرة على كل المناطق السورية باعتبار ان كل هذه المجموعات الأمنية انتشرت في كل سوريا دفعة واحدة خلال شهر، فيكون ذلك غير دقيق وغير محترم على الأقل.

س- إذاً أنت لا تشك لحظة ولا تقبل أن يتم التشكيك بالفكرة التي تقول بأن هذه حكومة النظام السوري؟
ج- هذه نكتة، وأي كلام آخر هو نكتة، هي حكومة 7 أيار زائد القرار السوري.

س- نكتة بما فيها كلام الرئيس ميشال سليمان بأنها حكومة لبنانية مئة بالمئة؟
ج- أنا لا أريد أن أتعرّض لفخامة الرئيس، وأقول ان موقعه ربما يفرض عليه أن يقول هذا الكلام، ولكن أعتقد انه غير مقتنع بهذا لكلام.
س- وماذا عن كلام وليد جنبلاط بأن هذا تداول للسلطة، وان عليكم احترام تداول السلطة، وهذا الكلام قاله وهو يخرج من عند رئيس الحكومة؟
ج- أنا لم أسمع هذا الكلام، ولكن مبدأ تداول السلطة يتم حين لا يكون السلاح هو الغالب والمقرر في الحياة السياسية اللبنانية، وتداول السلطة لا يكون بأن تُقرر في ثلاث حكومات، تُفرط الأولى، وتُقيل الثانية، وتؤلف الثالثة بواسطة غلبة السلاح ولو الوهمية بعد استعماله الفعلي عدّة مرات بعد 7 أيار، وبعد اتفاق الدوحة، لا يمكن أن نقول ان ما حدث هو تداول للسلطة.
طبعاً، نحن مع تداول السلطة، ولكن تداول السلطة له شروطه وموجبات والتزامات، هذا التداول الذي تمّ ليس تداولاً طبيعياً وليس نتاجاً طبيعياً لأكثرية طبيعية، وهنا أريد تذكير وليد بك بأن سبعة نواب من الذين ذهبوا الى الأكثرية الجديدة جمهور رفيق الحريري، شارك في انتخابهم، فهل نُسمّي هذا تداول سلطة؟ وأنا هنا لا أريد الدخول في هذا النقاش التفصيلي المحلي، هناك شيء أساسي حصل وهو انه للمرة الأولى منذ العام 2005 أتت حكومة بقرار سوري، وأكثر من ذلك رأيي ان قرار تشكيل هذه الحكومة مساوي وموازي لقرار التمديد في العام 2004 والذي أدى بالبلد الى أكبر مشكل وللهاوية، لأن نفس القرار السياسي ونفس المنطق السياسي الذي تحكّم بالتمديد، رغم أنف المجتمع الدولي والمجتمع العربي، ورغم أنف غالبية اللبنانيين، هو العقل نفسه الذي أخذ قراراً بتشكيل هذه الحكومة. نفس العقل السياسي الذي اتخذ قرار التمديد اتخذ هذا القرار، ونفس العقل السياسي الذي أخذ قرار التمديد هو الذي أخذ قرار المواجهة مع شعبه في سوريا.

س- يعني هذه الحكومة ستأخذ البلد الى الإغتيالات؟
ج- أنا لا أتحدث عن الجانب الأمني، أنا أقرأ بالمفهوم السياسي للأمور، في العام 2004 كانت الإغتيالات وسيلة الإقناع، ومنذ العام 2008 الى الـ2011 السلاح هو وسيلة الإقناع المعتمدة في تشكيل الحكومات، وفي تداول السلطة، وفي كل العناوين السياسية التي نتجه إليها بمواجهة عبر هذه الحكومة، دون أن يكون للبنانيين رأي لا بالقرار ولا بالمضمون ولا بالتفاهم حول أي عنوان سياسي.

س- هناك أشياء لافتة في شكل هذه الحكومة، أولاً “حزب الله” وحلفائه حصل على 18 وزيراً إنما الـ12 وزير الباقين هم ما يُسمّى بكتلة الوسط كما يُسميها الرئيس ميقاتي، هذه كتلة وازنة تمنع انحراف الوزراء الـ18 الآخرين نحو مواجهة؟
ج- لكن أين وضعت فيصل كرامي؟ هل وضعته في عداد الـ18 أم الـ12 وزير؟.

س- وضعته في إطار الـ18 وزيراً، ولكن هناك أمر يمكن يدغدغ عواطف السُنة في لبنان، هو تنازل الطائفة الشيعية عن أحد وزرائها لمصلحة الطائفة السنية؟
ج- مع محبتي للرئيس بري المعلنة، فهذه نكتة بالنهاية هذه طائفة سياسية وليست دينية، كل هذه المجموعة، كل المسلمين فيها هم من طائفة سياسية واحدة، وليس من طوائف سياسية، وكل المسيحيين سيتصرفون تدريجياً على أنهم من طائفة سياسية واحدة، يوجد طائفة سياسية عند المسيحيين الآن تتصرف بأنها قادرة على ان تُعلن الإحتفال والإنتصار باعتبار أنها مُقررة لسياسة انتقامية للعشرين سنة الماضية، وانه حان وقت الإنتقام من الطائف، لقد حان وقت الإنتقام من كل الذين تعاقبوا على السلطة، منذ إقرار الطائف حتى اليوم، طبعا مستثنين سوريا منها، لأن سوريا هي كانت الطائف حتى العام 2005، ولكن هم يريدون فتح كل الملفات في كل المشاكل، وقد ظهر من الإحتفال الذي تم عند الجنرال عون بأنه هو يستطيع تشكيل الحكومة التي يريدها بمسيحييها، بوزرائها، بحقائبها، وهو يًعلن انه يريد من خلال القانون أن يثأر وأن يحاسب كل من تعاقب على السلطة منذ العام 90 حتى اليوم، بمن فيهم الشهيد رفيق الحريري، فكيف يمكن أن تكون هذه الحكومة جزءا من حل؟.

س- لكن سؤالي هو عن الوسطيين الذين يمنعون الإنحراف؟
ج- سأتحدث بشكل موضوعي، هؤلاء الوسطيين سيبدوا وسطيين، ولكن العقل الذي قرر تشكيل هذه الحكومة سيحوّلهم عند المفاصل الرئيسية الى جزء من عملية الكيد والثأر والإنتقام والمواجهة، هم سيبدأون وسطيين ولا أنكر ذلك، ولكن لن يستمروا وسطيين، لآن كل مفصل وكل استحقاق مقبل في سوريا أو في لبنان، مطلوب من هذه الحكومة أن تتحول الى حكومة مواجهة للمجتمع الدولي، والى حكومة مواجهة للعالم العربي، وللمجتمع العربي، والى حكومة مواجهة للبنانيين الآخرين، فكيف أن تكون هذه حالة وسطية قادرة ونافذة؟ لو كان هناك قدرة على الوسطية والقرار الوسطي لما تشكّلت هذه الحكومة. تشكيل هذه الحكومة ألغى وسطيتها، فإذا كنت تريد العودة الى التفاصيل، وأنا لا أحب الخوض في التفاصيل، ولكن هذه الوزارة فيها كل الوزراء الإستفزازيين بعكس ما وعد الرئيس الوسطي الرئيس ميقاتي، وفيها كل الحقائب التي كان لا يجب أن تذهب من وجهة نظره، الى وزراء استفزازيين أخذوها الوزراء الإستفزازيين، عملياً جاء قرار ولم يكن بإمكانه الخروج منه بعد خمسة أشهر وإلا هذه الحكومة بالذات، لو شُكّلت بعد عشرة أيام من تكليف الرئيس ميقاتي ألم تكن لتبدو طبيعية، وألم تكن ممكنة؟ هل يريدون إقناعنا بأن لبنانيتها الخلاف حول الحقيبة الواحدة استغرق نقاشه خمسة أشهر، أو الإنتقال من 9 حقائب الى 8 حقائب استغرق خمسة أشهر، انتقال وزارة الإتصالات من الدكتور شربل نحاس الى نقولا صحناوي استغرق خمسة أشهر، هذه الحكومة كان يمكن تشكيلها بعد عشرة أيام من تكليف الرئيس ميقاتي، وكانت طبيعية، أما الآن فهي قرار جاء من الخارج لأننا أصبحنا جزءاً طبيعياً من معركة النظام السوري داخل سوريا، وفي العالم العربي وفي المجتمع الدولي، وأي كلام آخر هو ضحك على الناس وإقناعهم بأمور وهمية.

س- لكن ألا يتناقض ذلك مع شخصية الرئيس ميقاتي، مع طموحاته السياسية، وأنا أعرف انه صديقك وهو صديقي بالرغم من الإختلافات السياسية، ولكن ألا يتناقض ذلك مع طموحاته؟
ج- هو صديقي وأعتز بصداقتي العائلية معه، وهو صديق مع كل الناس، والآن نحن نتحدث في السياسة، ولكن يُفترض أن هذا صحيح وبصراحة، أنا أعتبر ان هذا تناقضاً تاماً مع شخصيته، لكن يبدو أنه نُصب له فخ ووقع فيه أول مرة بالتكليف رغم كل المشكل الذي أُثير حوله، ووقع فيه مرة ثانية بالتأليف لأن كل الدنيا من حوله تغيّرت، بالنتيجة هو لم يكن الخيار الأول، بل كان الخيار الأول الخيار السوري.

س- يعني عمر كرامي كان الخيار السوري وكان جدياً خيار عمر كرامي؟
ج- طبعاً، وخيار 8 آذار كان الرئيس عمر كرامي، ولكن أتى الرئيس الأسد وقال لا نحن نريد القيام بهذا الإنقلاب، ولكن يجب تجميله بالرئيس نجيب ميقاتي، وقد وافق الرئيس ميقاتي على دفتر الشروط الذي وُضع في ذلك الحين. الآن لما حان الإستحقاق وكبرت الأمور في سوريا، ووصلت الى مواجهة عسكرية لا تتوقف في عدد من المواقع والمدن، اضطروا بأنه يجب تشكيل حكومة في لبنان، حكومة مواجهة دون أخذ رأي أحد من العرب، ودون الإهتمام الى أي رأي دولة.

س- يعني الرئيس ميقاتي غطّس نفسه بمواجهة عربية – عربية؟
ج- لا أعرف ما إذا كان غطّس نفسه أم غطّسوه، باعتقادي انه أخذ خياراً سياسياً، كان واضحاً تكليفه منذ اللحظة الأولى انه سيوصل الى هنا، وأعتقد هو انه يستطيع القيام ببعض التحسينات أو التعديلات، فتبين بالنتيجة ان كل هذه أوهام سواء ما يتعلق بالحقائب أو ما يتعلق بما سمّاهم الإستفزازيين أو غير ذلك، فانتهت الأمور بأنه نحن الآن نواجه حكومة سياسية، خيارها وقدرها وطريقة تشكيلها ودفتر شروطها قائم على المواجهة، كما حدث في العام 2004 عندما اتخذ العقل السياسي نفسه قرار التمديد للرئيس لحود ومواجهة كل الكرة الأرضية.

س- قيل ان رئيس الجمهورية نُقل عنه مراراً وتكراراً خلال الخمسة أشهر الأخيرة انه هو لن يوقّع على حكومة غير ميثاقية وغير متوازنة ممكن أن تشكّل غلبة فريق على أخر ومع ذلك وقّع؟
ج- هذا ما أحاول أن أقوله، ان هناك وقائع متعدّدة عند رئيس الجمهورية، وعند رئيس الحكومة الحالي، إذا عُدت الى تصريحاتهم منذ خمسة أشهر الى اليوم، تجدها مخالفة تماماً للتشكيل الذي صدر، أما مقولة 7 وزراء سُنة و5 شيعة فهؤلاء 12 وزيرا من طائفة سياسية واحدة وليس من طوائف سياسية، وهل عليّ أن أبلّغ الرئيس ميقاتي ما هي مشاعر الناس الحقيقية في طرابلس، وقد رأينا الذين احتفلوا في طرابلس وفرحوا ورأينا ردود فعل طرابلس، وبالتالي لا يمكن تصغير الأمور، فالقصة أكبر من ذلك بكثير، كلهم يعرفون ان هناك أزمة بهذا الحجم، وأنهم أخذوا البلد سياسياً وليس أمنياً الى اعتبارها جزءاً من الصراع على سوريا وداخل سوريا، وارجو أن لا يُفسّر كلامي على أني أريد المشاركة في الحكومة أو الى تشكيل حكومة من لون واحد من “14 آذار” فهذه ليست التركيبة التي أعتقد انها تناسب البلد في هذه المرحلة. هناك من يأتي ويقول أننا في لبنان على الحياد من الأحداث في سوريا، أولاً اسمها ليس الأحداث السورية بل هذا صراع، وهناك صورة شعبية سورية الآن موجودة في سوريا، وهناك صراع لم يأخذ بعد مداه الكامل، بل سيتسع أكثر وأكثر وأكثر، ونأتي ونقول نحن على الحياد في هذا الموضوع، صحيح نحن نريد أن نكون على الحياد، ولكن هل هذه الحكومة على الحياد؟ وهذه الحكومة التي شُكّلت دليل على ان لبنان يستطيع أن يكون على الحياد؟.

س- لكن أنت لا تريد الإستماع الى الرئيس ميقاتي من خلال كلامك هذا، وهو يقول لا تحكموا على النوايا ولا تحكموا على الأشخاص، احكموا على الأفعال؟
ج- أولاً أنا لم أحكم على الأشخاص ولا على النوايا، أنا أتحدث عن وقائع سياسية، هناك قراءة استراتيجية للوضع في لبنان وفي سوريا وفي المنطقة، هذه لا يتحكم فيها الرئيس ميقاتي ولا تتحكم فيها نوايا الرئيس سليمان ولا تتحكم فيها تسمية الوزراء سوءاً أكانوا ناجحين أم فاشلين، مسيحيين أو مسلمين، شيعة أو سُنة، هذا كلام خارج السياق الطبيعي لتطوّر الأمور، إذا كان نريد حكومة تحفظ لبنان أمام هذا الصراع الكبير الذي يجري في سوريا وعلى سوريا، فبالتأكيد هذه الحكومة هي جزء من الصراع، وليس جزءاً من الحل أو جزءاً من الإستقرار، أو جزءاً من الموازنة، لأن هذه الحكومة قامت على نفس مفاهيم 7 أيار 2008. دعنا نتذكر ماذا يعني ذلك في السياسة وليس فقط في الأمن وفي الشارع، يعني بالسياسة فرض وجهة نظر معيّنة بالتدرج مرة بالمشاركة البسيطة، وبعدها بالمشاركة الشاملة، وبعدها بإقالة الحكومة ثم تشكيل حكومة مواجهة، دعنا نقرأ الأمور كما هي، هذه ليست مسألة شخصية في أن نحب فلان أو نكره فلان، هذا أمر أكبر من ذلك بكثير، نحن الآن وُضعنا من خلال هذه الحكومة في قلب الصراع على سوريا، وفي قلب الصراع داخل سوريا.

س- ما هو الذي تخشاه من هكذا حكومة في ما يتعلق بسلوكها في الداخل وبتعاطيها السياسي في موضوع الحريات والمؤسسات؟
ج- أعتقد بأن هذه الحكومة ستبدأ بأن الوسطية هي التي تُقرر فيها.

س- وبعد ذلك؟
ج- بعد ذلك سمعنا ماذا قال الجنرال عون في اجتماعه مع الوزراء، ولا أريد تكرار الكلام، ولكن هذا كلام عشرة وزراء، وهذا كلام حلفاء هؤلاء الوزرا العشرة من أي طائفة كانوا.
س- يعني أنت عمليا تضع 30 بـ30 وليس 18بـ12؟
ج- طبعا، ما هذا المزح، ومن لا يريد منهم أو ليس من طبيعته أن يكون من هذا الصراع سواء كان وزراء رئيس الجمهورية أو وزراء رئيس الحكومة، من لا يريد منهم أن يكون في هذا الموضوع سيُجر الى هذا الموضع بالقرار نفسه الذي أتى بتشكيل هذه الحكومة، مع الإشارة الى ان وليد بك لم يُقصّر بالتسليف المسبّق في الموضوع السوري.

س- ما هي خشيتك على صعيد بعض الملفات التي تتعلق بالمؤسسات الأمنية وغيرها في موضوع التعيينات؟
ج- أعود وأقول سيبدأوا لمدة أسبوع أو أسبوعين أو ثلاية بالإيحاء بأنهم ذاهبين باتجاه المنطق والعقل والمعقول والمقبول، وستنتهي هذه الحكومة حكومة مواجهة ثأرية في الداخل وفي الخارج، بكل معنى الكلمة، وفي كل مفصل سياسي سيظهر أمامنا، ستظهر هذه الحكومة أنها قادرة على أن تكون بنجاح عظيم، ومُلزمة بأن تكون جزءاً من الصراع على سوريا وفي سوريا.

س- هناك تعليقات وردود فعل دولية، هناك مطالبات من فرنسا والإتحاد الأوروبي أن تفي هذه الحكومة بالتزامات لبنان الدولية، ولا سيما القرار 1701 والمحكمة الخاصة في لبنان، هل كان لموضوع المحكمة دوراً في التسريع بتأليف الحكومة؟
ج- هناك كلام من هذا القبيل، ولكن أنا لازلت على رأيي الذي بدأت فيه.

س- إذاً ستواجه هذه الحكومة المحكمة؟
ج- لا أعرف كم تستطيع أن تواجه، باستطاعتها القول انها معنية بالإستقرار في لبنان، وعندما يصدر القرار الظني تدرسه، ولكن هذا الموضوع لا يعني مواجهة مع القرار الظني، ولا مواجهة مع الـ1701، فالإستحقاقات القادمة تتعلق بسوريا ولا تتعلق فقط بلبنان.

س- لكن النظام في سوريا لايزال متماسكاً، فمن ناحية لا نستطيع أن نغش أنفسنا ونقول لا توجد مظاهرات في كل مكان ومواجهات وسقوط أكثر من 1400 قتيل، ومن ناحية ثانية هناك شعبية لهذا النظام لاحظنا ذلك في التظاهرة الكبيرة صباح اليوم في دمشق، وأكبر علم في منطقة الشرق الأوسط في سوريا؟
ج- هذا جيد، ينفع لـ”غينيس”، لكن ألم يحدث نفس الشيء في اليمن وفي ليبيا، وألم تقم مظاهرات لصالح علي عبدالله صالح ومظاهرات جدّية، ومظاهرات للرئيس القذافي، هل هذا يعني ان النظام ليس لديه مشكلة مع شعبه، كذلك في مصر قامت مظاهرات مؤيدة للرئيس مبارك، ولكن هل حُلّت المشكلة أو أعطت انطباعاً جدياً؟ هل نكرر الأمور أو نعيدها، فهذا الأمر حصل بالأمس في اليمن وفي ليبيا ومصر لا لزوم لتكرارها، ويجب أن يكون ذلك واضحاً. صحيح انه لو قبل ثلاثة أشهر ترشح الرئيس الأسد للرئاسة لكان نجح في الإنتخابات، ولكن يجب أن نعرف انه في الثلاثة أشهر الأخيرة فقد جزءاً كبيراًً من رصيده، وكل يوم يتأكد ان المواجهة العسكرية لا توصل الى أي نتيجة، وطالما أنت لا تعترف بأي قوة سياسية ولا تحاور أي قوة سياسية جدّية، ولا تستطيع القيام بأي إصلاح جدّي، تكون مازلت تقف في مكانك، وإلا ماذا يمكنه أن يغيّر في هذا الموضوع؟ هل بتنظيم مظاهرة، ولكن هذا تمّ وكأنه فوتوكوبي لم تنتج أي شيء.

س- هناك البعض من رفاقك في قوى “14 آذار” حذّروا اليوم من انتظار البيان الوزاري والحكم عليه، لأنه سيكون مشبعاً بالكلام الإيجابي الجيد الذي يُرضي كل اللبنانيين، لكن المهم هو العبرة بالتنفيذ؟
ج- هذا صحيح، وبكل سهولة إذا أردت أن أضع صياغة للبيان الوزاري، ممكن القول تلتزم الحكومة بكل القرارات الدولية التي صدرت عن مجلس الأمن، ولكن ماذا يغيّر هذا الأمر من طبيعتها ومن طبيعة تنفيذها؟ نحن هنا نتحدث عن استحقاقات، برأيي هي خارج القرار 1701، نتحدث عن استحقاقات ستأتي وليس جاءت سابقاً، هذه استحقاقات ستزيد وتزيد وتزيد، وأعود وأقول ما قلته في أول لحظة، هذه حكومة ستجعل من لبنان جزءاً من الصراع السوري، وستزيد عليها مشاكلنا الداخلية والمواجهة الداخلية، والعقل الثأري والعقل الإنتقامي والعقل الكيدي، وإذا أردت أن نجري حساباً سياسياً مسلياً، نستطيع زيادة الـ98 على الـ2004 فينتج عن ذلك خلطة عظيمة من خلال المقاربة.

س- ما هو تعليقك على بيان وزارة الخارجية الأميركية اليوم، ان التشكيلة الحكومية في لبنان مُخيّبة للآمال، في المقابل صدر كلاماً لطيفاً عن وزارة الخارجية الإسرائيلية حيث اعربت إسرائيل عن أملها في أن يُسهم تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، في تعزيز الإستقرار والحفاظ على النظام والقانون في لبنان وعلى امتداد حدودها، وان إسرائيل تتوقع من حكومة لبنان أن تتقيد بجميع قرارات مجلس الأمن الدولي، خاصة القرار1701؟
ج- هذا ما يعنيها وحتى الأوروبيين، وكان هناك حديث للسفير الفرنسي منذ أيام بأن الأوروبيين يريدون جهة رسمية لمخاطبتها والتعاطي معها عند حدوث أي شيء في بلد لهم فيه قوات، وأنهم يطالبون بالأمن لإسرائيل، وبالنتيجة أنا لا أعتقد ان الأميركيين ضمانة، ولا أعتقد ان إسرائيل معنية باستقرارنا وأمننا.

س- أيضا لم تصدر حتى الآن مواقف واضحة من الدول العربية، ولا سيما من القوة العربية الأساسية التي كانت تُشكّل الثنائي مع سوريا في تأثيرها في لبنان، المملكة العربية السعودية، ما هو تقديرك من دون أن ندخل في علم الغيب؟
ج- هناك دولتان واضح انهما غائبتان عن السمع أو عندهما مشكلة في السمع السياسي، حتى الآن سواءا ما يتعلق بسوريا أو ما يتعلق بلبنان، هما مصر والسعودية، لماذا وكيف لا أعرف، ولكن إذا كنت أتفهم الموقف المصري بسبب انشغالاتهم الداخلية، ولكن لا أستطيع فهم ضعف السمع السياسي السعودي بالموضوعين، ولا أعتقد ان المراهنة على عقلنة الحكومة اللبنانية وعلى الإصلاح في سوريا سيوصلان الى نتيجة، وأعتقد ان كلاهما لن يوصلا إلا الى المزيد من التوتر والإرتباك والإشتباك السياسي في لبنان، فضلاًُ عن المزيد من نهر الدم الذي لا يتوقف في سوريا.

س- هل تعتقد بإمكانية ربط علاقة مع هذه الحكومة من قبل المملكة العربية السعودية؟
ج- لا أعرف، ولا يمكن أن أجاوب على هذا السؤال، ولكن لا أعتقد ان السعودية على عجلة من موقفهم من هذه الحكومة، وأعتقد ستأخذ المملكة وقتها في هذا الموضوع.

س- وماذا عن الأتراك؟
ج- أعتقد ان الأتراك والأميركيين يتصرفون على انه مازال هناك أيام أو أسابيع أو أمل ضعيف للإصلاح في سوريا، غدا سنرى، وباعتقادي خلال يوم أو أسبوع أو أسبوعين ستتغيّر اللهجة، حتى اللهجة التركية ستتغيّر.

س- لكن أردوغان أهدى انتصاره لبيروت؟
ج- هو أهدى انتصاره لكل مكان ليس لبيروت فقط، بل لبيروت ودمشق وغزة وساراييفو وآسيا الوسطى وأوروبا، وأنا أعتبر ان هذه احتفالية إنتخابية ليس بالضرورة أن تكون التزاماً سياسياً، ولكن أعتقد ان الموقف التركي لن يستغرق أكثر من اسبوع أو أسبوعين باتجاه الحسم واتخاذ الموقف أما بالحزم وأما بالقطع وأما بالجزم بأنهم قادرين ضمان استقرار سوريا من وجهة نظرهم، باعتبار انهم يتصرفون الآن بأن سوريا جزءاً من أمنهم القوي بسبب تركيبتها أو تنوّعها الداخلي، أو تركيبتها المشابهة وحدود الـ800 كلم. ولكن المُستغرب أن يصل التوتر بالقيادة السورية غير الرسمية الى حد تناول تركيا، مثلما سمعنا على التلفزيونات من كلام كبير بعد سنوات من التحالف. يعني مرة تركيا ومرة قطر ومرة فرنسا، دعنا نعود ونتذكر هذه الصورة في الشام، الرئيس الأسد والرئيس ساركوزي، أمير قطر، رجب طيب اردوغان أصدقاء الرئيس الأسد أين أصبحت؟ وهذه القمة التي عُقدت وبعدها الملك عبدلله بن عبدالعزيز والرئيس السوري في سوريا ولبنان أين أصبحت هذه الصورة؟ أنا أرى ان الإشتباك مفتوح مع الجميع، وهذه الحكومة تأكيد على القدرة على الإشتباك مع كل هذه القوى.

س- يعني هذه الحكومة تمخضت عن عبقرية التمديد؟
ج- نفس العقل السياسي هو الذي أوصل لبنان وسوريا الى هذا المكان، ربما هم يعتقدون انه كما صمدنا في الـ2004 يستطيعون ذلك الآن، أنا أعتقد الدنيا تغيّرت والمشكلة أنهم لا يعترفون ان الدنيا تغيّرت ولبنان تغيّر.

س- ما هو برنامج عملكم المستقبلي كقوى “14 آذار” وكيف ستواجهون هذه الحكومة؟ كذلك هناك أسئلة من المشاهدين: أنت كنائب سني وفي كتلة تُمثّل الأكثرية السنية الواضحة، ما هو موقف سعد الحريري و”تيارالمستقبل” وبرنامج عمله إزاء شعور الأكثرية السنية بالغبن والغضب الكبيرين؟
ج- الموقف أُعلن في اجتماع الكتلة بالأمس، وأعتقد اني أقول رأيي في هذا الموضوع، ولكن أقوله بصفتي نائب سني بيروتي لبناني.

س- هل هناك غُبن سني؟
ج- أعتقد أنك يجب أن تسأل غيري في هذا الموضوع، ولكن أنا متأكد انه لا يوجد أي شعور بالرضا عند السُنة من طريقة تشكيل الحكومة، ولا بما خصّ تمثيلهم داخلها، فضلاً عن ان بيروت سياسياً غير مُمثّلة.

س- لكن تمّ تمثيل طرابلس، وبيروت مثل طرابلس؟
ج- أنا لا أعرف ما إذا كان هناك رضى، فالرضا شيء آخر، هناك فرق بين أن يكون عندك طبل وزمور وتأييد، وبين أن يكون عندك رضا بمعنى أنك موجود في كل مكان. أنا أعتقد ان هناك خيبة أمل ستظهر أكثر مع الوقت.

س- كيف ستواجهون هذه الحكومة، هل بمعارضة بناءة أم ماذا؟
ج- بالتأكيد سنكون بالمعارضة، ولكن المعارضة اللبنانية الوطنية التي تأخذ بعين الإعتبار طبائع تشكيل الحكومة، ولكن أريد أن أقول انه يجب أن نعترف كمجموعة سياسية بأننا يجب إعادة حساباتنا بكل إدارتنا وبكل مفاصلنا وبكل مشاكلنا، لأنه لا يمكن وضع كل هذا الأمر على أكتاف غيرنا فقط، لا بد أن يكون على أكتافنا مسؤولية نتحملها بالسياسة وبالتنظيم وبالإدارة السياسية، وبكل الأمور التي حان الوقت فعلاً لمراجعتها ومناقشتها، وألا نكون أيضاً نتصرّف بأن هناك دائما من يحيك المؤامرات ضدنا وإننا لا نخطيء.

س- هل تخشى من الكيدية ومن أن يتغيّر وجه البلد بسرعة قياسية خلال أربعة أو خمسة أشهر؟
ج- مشكلتي ليست القدرة على التغيير، فأنا متأكد أنهم لن يستطيعوا التغيير، فهذا جمهور رفيق الحريري حيطه عالي جداً جداً ولا يزال بأذهان الناس أكبر من أي شىء آخر، ولا أحد يمكنه القفز فوقه، أنا لا أخاف من أن يستطيعوا، أنا أخاف من أنهم لا يستطيعون أن يقوموا بغير الإشتباك، لأنه لن نوصل الى نتيجة. يُقال من لا يستذكر التاريخ محكوم بإعادته، فمن لا يتذكر تاريخ البلد يتوهم بأنه يستطيع القيام بأمور كثيرة، ويتبيّن في النهاية انه لا يستطيع أن يقوم بأي شيء فعلي في هذه المنطقة، قد يستطيعوا أخذنا الى اشتباك سياسي كل يوم، ولكن بالتأكيد لا يستطيعون أخذ البلد حيث يعتقدون أنه يمكنهم ذلك.

س- ختاماً وبكلمة واحدة ما هي الصفة المحببة إليك التي تطلقها على هذه الحكومة، حكومة جسر الشغور، وغيرك يقول حكومة المحكمة الدولية؟
ج- هذه حكومة الصراع على سوريا وفي سوريا، وأنا استعملت جسر الشغور باعتباره رمزية قرار بالمواجهة العسكرية مع الشعب السوري، وليس قرار المواجهة مع عصابات، وهذا قرار كبير، رافقه قرار بالمواجهة السياسية في لبنان مهما كان ثمنها ومهما كان نتائجها.

س- ستواجهون؟
ج- طبعا سنواجه، وكل ما نراه لن يعيش طويلاً، أشهر قليلة ويتغيّر كل المشهد في لبنان وفي المنطقة.

س- هل يصح القول بأن من أتى بهم سيذهبون معه؟
ج- سيذهبون معه أو سيذهبون مع سياساته واحدة من الإثنتين.