افتتاح مؤتمر الأمن في الشرق الأوسط: لا خروج من أزمتنا كلبنانيين إلا بالعودة للدستور

كلمات 08 سبتمبر 2015 0

نواجه عدواً غير تقليدي ما يتطلّب تحسين القدرات التحليلية والاستطلاعية لأجهزتنا الأمنية.
3 مشاهد تتزعم المنطقة العربية: الارهاب والعولمة، واللامبالاة الدولية في سوريا، واليقظة العربية باليمن
سأعمل من موقعي على صدّ محاولات شيطنة قوى الأمن وحماية التظاهرات والمتظاهرين سلمياً

ألقى وزير الداخلية البلديات نهاد المشنوق كلمة باسم الرئيس سعد الحريري في افتتاح معرض ومؤتمر الأمن في الشرق الأوسط الذي يعقد في بيال.
وقال المشنوق: شرّفني صاحب الشجاعة المسؤولة الرئيس سعد الحريري بحمل تحيّاته الى القيّمين على المعرض الثالث للأمن في الشرق الأوسط والحضور بالطبع.
للقيّمين ليس فقط بسبب تنظيمهم المعرض، فهم يفعلون ذلك في أكثر من عاصمة، انما الأهم في هذه المناسبة أنها تحصل في بيروت . العاصمة العربية الوحيدة التي تحتمل استعراضين في الوقت نفسه . الأول للسلاح والحديث عن الامن، بما هو تحقيق للأمن والأمان للمواطنين أما الاستعراض الثاني فهو للشباب الذين بمعظمهم يحملون عناوين الحياة الطبيعية الحقّة ، لكل المواطنين من دون استثناء .

منذ العام 2005 والمحاولات لا تتوقف لجرّ لبنان الى الدم والانقسام الداخلي وإدخاله في دوّامة الفوضى تحت عناوين سياسية أو أزمات معيشيّة حقيقية أو من خلال قلق مقيم لبعض مكوّنات الشعب اللبناني .

رغم ذلك تهتزّ الدولة ولا تقع . يتفرّق المجتمع ثم يعود ليتماسك بأقوى مما كان . تسري الأكاذيب في كل الأنحاء ، فتأتي الحقيقة لتكشف الأكاذيب وأصحابها وشاشاتها . ليس فيما ذكرت سرّاً ، الا في هذا الفرد اللبناني المصر على النجاح والقادر عليه متجاوزاً أزمات الدولة وتفرّق المجتمع وقبل وبعد كل ذلك الأكاذيب .

السيدات والسادة
يحمل لقاؤنا اليوم رمزية ملفتة ودلالات تتعلّق بالمكان والزمان والعنوان .
لسنا في العام 2009 طبعاً ولا في العام 2011 زمن المعرضين الأول والثاني للأمن في الشرق الأوسط. تغيّر المشهد كلياّ .

هناك ثلاثة مشاهد تتزعّم المنطقة العربية اليوم. المشهد الأول هو الارهاب المعولم وجرائم ومجازر المجموعات الارهابية ما جعل المنطقة العربية ومن بينها لبنان تواجه خطراً غير مسبوقاً، فداعش والمنظمات الإرهابية الأخرى يهددون إستقرار وأمن المنطقة بأكملها. وقد دأبت هذه المجموعات على مهاجمة المراكز الحدودية للجيش اللبناني بإستمرار ولا تزال هذه المنظمات تختطف منذ شهر آب من العام الماضي جنودا لبنانيين وعناصر من قوى الأمن الداخلي.
المشهد الثاني هو مشهد الطفل السوري “ايلان الكردي” البالغ من العمر ثلاثة أعوام والذي غرق إلى جانب شقيقه وأمِّه أثناء محاولة أسرته المهاجرة من سوريا العبور بحراً من تركيا الى اليونان في مركب للمهاجرين السوريين. هذا المشهد الذي أبكى العالم يختصر مأساة الشعب السوري الذي يُعاني منذ العام 2011 من القتل والتهجير والإبادة.

فَضَحَ هذا المشهد اللامبالاة الدولية لإيجاد حل سياسي في سوريا يستجيب لتطلُّعات وأمال الشعب السوري، بعد أربع سنوات ونيف من مواجهة النظام للشعب السوري بأبشع أدوات العنف والتهجير والبراميل.

المشهد الثالث هو اليقظة العربية في اليمن. بدأتها السعودية والامارات العربية المتجدة وانضمّت القوات المصرية البحرية اليها ليكتمل القمر العربي بما قرأناه اليوم عن توجّه القوات القطرية المقاتلة الى تخوم صنعاء . فلا بدّ من عروبة صنعاء مهما طالت المشاريع الغريبة عن اليمن. وهي مناسبة لأتقدم باسمي وباسم كل اللبنانيين بالتعازي الحارة الى المملكة العربية والسعودية ومملكة البحرين ودولة الامارات العربية على شهدائها الذين سقطوا على ارض اليمن دفاعا ليس فقط عن عروبة اليمن بل عن عروبة كل دولة تشهد تدخلا امنيا ايرانيا فاضحا على ارضها.

السيدات والسادة،
نعود الى بيروت التي تشهد حراكاً مطلبياً يتمحور حول عناوين معيشية وخصوصاً أزمة النفايات، اضافة إلى عناوين أخرى مثل أزمة قطاعي الكهرباء والمياه والاهتراء المستمر للإدارة.
ليس جديداّ القول إن الحق بالتظاهر مكرس بالدستور اللبناني وهو ليس منّة منّي أو من أي أحد.

لكنني من موقعي في وزارة الداخلية لن اتردّد في أمرين:
الأول، صدّ محاولات شيطنة قوى الأمن الداخلي والأصرار بالاعتداء على عناصرها.
والثاني، حماية المتظاهرين سلمياً والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة.

لبنان اليوم مُعطّل، ما فعله الحراك هو انه اطلق صافرة انذار سمعها الجميع٬ وعلينا جميعا ان نتحمل مسؤولية التعامل معها من داخل المؤسسات ومن قلب النظام.
لذا فإنه ليس هناك من مخرج للأزمة التي وصلنا اليها إلّا بالعودة الى الدستور، والبدء في تنفيذ خارطة طريق إنقاذية، تكون أولى خطواتها إنتخاب رئيس للجمهورية، ثم تشكيل حكومة تشرُف على إقرار قانون إنتخابات عصري، يفسح المجال أمام المعارضين والقوى الشبابية الجديدة والمستقلّين لكي تتمثل بالمجلس النيابي والدخول إلى مؤسسات الدولة التشريعية. ثمّ الشروع في إجراء إنتخابات برلمانية تُعيد إنتاج النخبة السياسية. وهذا ما ينتظره الجميع من طاولة الحوار غداً مهما ظهر من صعوبات .

السيدات والسادة

ارتأت اللجنة المنظمة لهذا المعرض في دورته الثالثة التركيز على موضوع تعزيز القدرات العسكرية والأمنية لمكافحة الإرهاب. وأجدها مناسبة للتأكيد على أنّ فريقنا السياسي ومنذ تشكيل الحكومة الحالية، إستطاع أن يضع حدّاً لمسألة إنتشار الفكر الارهابي في مجتمعنا، وإن الحديث أو الاسطورة، عن بيئة حاضنة للإرهاب لم يعد موجوداً. السبب الأساسي لهذا الإنجاز هو أنّ فريقنا السياسي يستمد قوته لمواجهة كل اشكال التطرف من تجربة شهيد الاعتدال الرئيس رفيق الحريري ومن رمزية الرئيس سعد الحريري المستمر في المواجهة .

لقد سبق وأعلنت مرات عدة أن لبنان بحاجة ماسة إلى إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب. وقدمت خلال مؤتمر وزراء الداخلية العرب الذي عقد في شهر أذار من العام الحالي ركائز ثلاث لهذه الإستراتيجية المبنية على ثُلاثية التماسك الوطني والاحتراف الأمني والشجاعة الفقهية.
لبنان يحتاج أولاً إلى الحدّ الأدنى من التماسك الوطني لهذه المواجهة. ومن هنا نحن ننظر بإيجابية إلى الحوارات الثنائية بين الأحزاب اللبنانية ومن بينها الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، اضافة إلى اللقاء الحواري الذي سيعقد غداً بدعوة من رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، وهي خطوات تساعد على تحصين لبنان وحمايته من الحرائق المنتشرة حوله.

الركيزة الثانية: في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب هي تطوير الإحتراف الأمني وتحسين قدرات الأجهزة الأمنية في لبنان تدريباً وعدةً وعتاداً .

نحن نواجه عدواً غير تقليدي، وهذا يتطلّب تحسين القدرات التحليلية والاستطلاعية لأجهزتنا الأمنية. لسنا بحاجة الى محاربة المجموعات الارهابية فحسب، لكن الاصح اننا سعينا ونسعى الى إجهاض عملياتها قبل حصولها، وهو ما نجحنا به مراراً في الجيش اللبناني اولا وفي قوى الامن الداخلي ثانيا وفي الامن العام.

لقد تمكنا، خلال العام الماضي، من تطوير التنسيق والتعاون بين الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى. واستفاد لبنان من دعم ومساهمات أصدقائه، خصوصاً المملكة العربية السعودية، من أجل شراء أسلحة للجيش اللبناني، وتدريب القوى الأمنية اللبنانية وتجهيزها.
الركيزة الثالثة من الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب هي الشجاعة الفقهية. إن أحد الشروط الرئيسية لهزيمة التطرّف هي تدمير خطابه الديني والثقافي. ونحن بحاجة ماسة إلى ثورة عقائدية تستعيد روح الإسلام دين الاعتدال والتسامح. متطلّعين إلى شيخ الأزهر الشجاع حيث ندرت الشجاعة والمواجهة حيث انكفأ الجميع وإلى سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان بعلمه وصبره ودماثة أخلاقه وغيرهما أيضاً لقيادة هذه الثورة العقائدية.
وأخيراً أودّ توجيه التحية إلى جميع من عمل على إنجاح هذا المعرض والمؤتمر وأتمنى للشركة المنظمة كل التوفيق بمبتغاها، ولزوار لبنان إقامة طيبة.

عشتم
عاشت بيروت
عاش لبنان