إنها رياح التغيير

قالـوا عنه 23 مايو 2016 0

انتخابات-بلديات-لبنان

أرهقتهم جميعاً هذه الإنتخابات! أرهقت الكتل والتكتلات والأحزاب… ولكنها أراحت المواطن الذي تعامل معها إما بالإقبال الطوعي عليها في نُسب متفاوتة، وإما بمقطاعتها تعبيراً عن موقف، وإما بتفضيل العطلة الأسبوعية بعيداً عنها.

أرهقتهم جميعاً إلاّ نهاد المشنوق المفترض انه الأكثر إرهاقاً جراء التنقل بين الدوائر… ولكنه مرتاح سياسياً ونفسياً  من دون أدنى شك بعدما ربح الرهان الكبير على إجراء هذه الإنتخابات في أجواء مثالية عموماً.

لقد عبر الناخبون عن آرائهم بحرية نجزم بأنها فريدة في العالم الثالث الذي، من أسف، بتنا ننتمي اليه بامتياز… وها نحن نسعى الى الخروج منه…

وفي تقديرنا ان المطلوب من القوى السياسية أن تبادر، فوراً، الى إعادة النظر في طبيعة علاقتها مع الناس. المكابر وحده ينكر أن الناس لم يعودوا »مأخوذين« بشعارات هذا، وتهريجات ذاك، ونظريات ذلك، والطلة البهية لرابع هنا وخامس هناك وسادس هنالك.

لقد أثبت إحتدام المعركة الإنتخابية ان »التمرد«(بالمعنى السياسي) هو سمة هذه المرحلة مع فارق أن أطرافاً وأحزاباً وتكتلات استأثرت بهذا »الفضل« وتفوقت على سواها فيها. ولقد يكون التيار الوطني الحر أكثر المستأثرين بهذا التمرد من القاعدة ومن بعض الكوادر. فليس مصادفة أن يكون نحو 15 مرشحاً من »التيار« خاضوا المعارك ضدّ بعضهم البعض في كلٍ من اللائحتين المتنافستين في سن الفيل، وفي الحدث… بحيث إستمعنا الى رؤساء اللوائح الأربع المتنافسة في كلا البلدتين يعلنون، كل على حدة، إن قوام لائحته التياريون أو العونيون… وفي تقديرنا إن هذا ليس دليل صحة على الإطلاق… وهذا الواقع بلغ ذروته في دائرة جزين ليس على صعيد البلدية وحسب، بل خصوصاً على صعيد الإنتخابات النيابية حيث يوجد ثلاثة مرشحين ينتمون الى التيار الوطني الحر من أصل أربعة مرشحين على المقعد الواحد؟!. وأما »ثالثة الأثافي« كما يقول المثل المأثور فما حصل في الدورة الماضية في جل الديب حيث خاض نائب من التيار معركة مكشوفة ضد اللائحة المدعومة من قيادة التيار… وكان فارق الفوز ببضعة عشر صوتاً!

وإذا كانت حال التيار مكشوفة، فإن حالات مستورة أظهرتها المراحل الثلاث من الإنتخابات البلدية ما جعل معظم الكتل والأحزاب تعاني إهتزازات وإن ربحت! فمن كان ليصدّق أن الأمين العام السابق لإحدى الجماعات يخوض المعركة ضد اللائحة التي تدعمها هذه »الجماعة« جنوباً؟ ومن كان ليصدّق إن التحالف الثنائي الشيعي مضطر أن ينزل بقضّه وقضيضه الى الساحة الجنوبية (»مربط خيله«) لكي يستطيع أن يسوّق للوائحه المشتركة التي ولو ربحت فإن شيئاً ما قد إنكسر، ويجب الإعتراف به؟! ومن كان ليصدق ان تيار المستقبل إضطر لعقد هذا الكم من التحالفات مع خصوم الأمس في معظم الساحات السنيّة؟! ومن كان ليصدق أن سليمان فرنجية اضطر لعقد تحالف إنتخابي مع الخصم (السياسي) اللدود ميشال معوض؟!.

إنه مزاج الناس.

وهو لم يعد مخفياً، لأنه ظهر ليس فقط من خلال ما تفرزه الصناديق بل كذلك من خلال »الحرية« التي لمسناها لدى الناخبين (من الإتجاهات كلها) وهم يدلون بتصريحاتهم علناً، عبر شاشات التلفزة، فينتقدون هنا، ويشككون هناك ويعطون »الدروس« هنالك؟!

إنها رياح التغيير التي تلفح الجميع من دون استثناء.