إفطار وزارة الداخلية والبلديات: الدولة هي الحصانة الوحيدة

كلمات 10 يوليو 2015 0

أولا اقدم التعازي للمملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين على خسارة قامة ديبلوماسية عربية كبيرة لا تعوض واذكر اللبنانيين ايضا حين كان الامير سعود الفيصل يشرف شخصيا يسلم على استعادة الدولة اللبنانية لعافيتها ولصحتها واتقدم ايضا بالعزاء من الصديق الامير تركي الفيصل وباقي العائلة.
الامر الثاني هناك خبران جميلان اليوم الخبر الاول ان الرئيس جان فهد وعدني قبل ثمانية اشهر ووفى بوعده فابلغني الان ان كل ملف له علاقة بموقوفي فتح الاسلام صدرت احكام فيه وانتهى ولم يعد هناك شيء اسمه ملف فتح الاسلام و ليس هناك اي استغلال لهذا الملف. الخبر الثاني الجيد ايضا هو قيام فرع المعلومات وفي مدة قياسية بثلاثة او اربعة ايام ان تعتقل المسؤول الاول عن خطف الطفل من عائلة جعارة وتعيد الاموال المدفوعة لاهله واعتقد ان ذلك نادرا ما يجري وقد استلم الاهل الاموال.
نجتمع للمرة الثانية في هذه المناسبة، التي اردتها فرصة للتواصل والمشاركة معكم في جو من الإلفة، رغم كل ما يحصل حولنا، في لبنان وخارجه. فمشاغل وزارة الداخلية التي انتم ادرى مني بها، لا تبقي متسعاً من الوقت للقاءات من هذا النوع وبهذا التنوع، لكنها تبقى لقاءات ضرورية لأنها تذكير لأنفسنا اولاً قبل الآخرين أننا في دولة، وفي الدولة جهاز بشري كفوء ومتفاني في تقديم الخدمة العامة، أكان في القطاعات المدنية ام العسكرية والامنية.
ارحب بكم ، من حضر الليلة ومن لم يتّسع المكان لدعوتهم، ومنهم من يتابع في هذه اللحظات خدمته حرصاً على معاملة هنا او خدمة لمواطن هناك.
تعلمون اننا نمر بأوقات صعبة في المنطقة وبمناخات مشحونة في لبنان، وقد تعرضت وزارة الداخلية والمؤسسات المرتبطة بها، بدءاً مني وصولاً الى آخر دركي، لحملات ظالمة وافتراءات شعبوية كانت كلها تراهن على الأخذ من رصيد الدولة وهيبتها ومكانتها لتضيف الى ارصدتها الشخصية وهو ما لم ولن يحصل. مع ذلك لم نضيّع بوصلة العمل الصادق والجهد والمثابرة من اجل إحقاق الحق وتصحيح الخلل وتصويب الخطأ في اصعب الظروف التي تمر بها البلاد ومؤسسات الدولة اللبنانية.

لقد أقدمتم وما تهيّبتم، وسرتم وما ترددتم، وواجهتم المخاطر والتشويش والتضحيات وما ضعفتم.
لن يثنينا شيء عن متابعة ما بدأناه من محاربة للتطرّف والإرهاب مهما قالوا ومهما فعلوا. وأقول لكل من يعتقد أن ممالأة التطرف بحثاً عن شعبية آنية، لا يؤدي إلا إلى تقوية التطرف والارهاب.
ليسمع الجميع كبيرهم وصغيرهم، الهواة منهم والمحترفون. الاعتدال المسؤول هو خيار كبير المعتدلين وقراره. عنيتُ الرئيس سعد الحريري ونحن نلتزم به عن قناعة مسؤولة. ولن ننجرّ كما فعل غيرُنا إلى لعبةِ استعطاف الشارع على حساب الدولة.
في الاسابيع القليلة الماضية، كانت وزارة الداخلية وقوى الامن الداخلي وشعبة المعلومات عرضة لحملة افتراءات واتهامات ومزايدات، وكان ردنا العمل الصادق والتزمنا ما تعهدنا به، وجرت تحقيقات جدية ومهنية وقضائية، من دون ان نسمع من المزايدين من يشير الى هذا الامر.
لقد اعتدنا للاسف في لبنان، سياسياً وشعبياً، على ثقافة التجريحِ ومحاكمةِ النياتِ من دونِ اي حد ادنى من ثقافة الاعتراف بالانجاز وتقديرِه. هذا ليس مطلباً خاصاً لنهاد المشنوق. فأنا وزيرٌ عابرٌ في مؤسسةٍ باقيةٍ فيها ابناءَكم واخوتَكم واهلكَم من كل لبنان، ِ لكم حق الاعتراف بما تنجِزون ولهم حق الصوت المسؤول حين يقصر بعضكم.
اين الحكمة في رمي الطفل مع الغسيل المتسخ؟ اي رمي الدولة مع بعض المتجاوزين هنا وهناك؟
اقول وملؤ فمي القول ان اي دولة، مهما بدت ضعيفة، فهي افضل من قوة الشوارع والحارات والزواريب وامرائها ومتطرفيها.
لقد أنجزنا في سنة واحدة ما لم ينجز خلال عشرات السنوات في العلاقة مع الجيش، السجون وفي ملاك قوى الأمن الداخلي وفي جوازات السفر المتطورة وفي التقدم التقني في الأمن العام والأمن الداخلي في دفاتر قيادة السيارات في معاينة السيارات قريبا وغيرها مما لا يتسع الحديث عنه اليوم.
كل هذا ما كان ليحدث لولا دعم الرئيس تمام سلام والحكومة وكذلك الهبة السعودية الكريمة.
هذه فرصة لأقول فيها أن لا شيء يطال من القامة الوطنية للرئيس سلام. لا كلام أياً كان قائله. ولا فوضى أياً كان فاعلها. ولا تسيُّب طائفي بغيض أياً كان حامل لوائه.
كل هذا يسقط على أعتاب المسؤولية العميقة الجذور في شخصية الرئيس سلام.
وهي فرصة أيضاً لأوجّه التحية إلى وزير المال الذي ما قصدنا خزينَته يوماً إلاّ ووجدناه متجاوباً بمسؤولية الحريص على الأمن والأمان للبنانيين والتطوّر الضروري لكلّ المؤسسات الأمنية المكلّفة بمكافحة الإرهاب وفي ضمان امن المواطنين وبناء سجن للمرة الأولى منذ 50 سنة، وغيرها الكثير رغم معرفتنا بمدى المصاعب المالية العامة.
نعود إلى التطاول على الدولة.
ما يقلقني، أن هذا التطاول ليس ثقافة شعبية فقط بل تحوّل إلى ممارسة سياسية لدى النخبة.
رأينا البارحة فصلاً من فصولها في مجلس الوزراء من خلال محاولة افتعال مشكل لا يقوم على اي أساس دستوري ولا يمت الى معطى قانوني، وكلكم تابعتم التفاصيل.
قلت وأكرر، ماذا يبقى من خيارات الإعتدال ومن مناعة بيئته الحاضنة اذا كان التهور يبلغ بالبعض حد وصف بيئة الاعتدال بالداعشية السياسية؟ المسألة أبعد من التوصيف ومضامينه الاستفزازية، فهو يعبّر عن موقف سياسي يُبنى عليه حراك سياسي وشعبي في واحدة من أبشع صور الاستنفارات الطائفية في تاريخ لبنان، من دون ان يكون لها اي افق سياسي جدي سوى استنفار جهات طائفية مقابلة وافتتاح جولة جديدة من جولات الجنون.
أنا أسأل ببساطة، الم يرفع هذا الفريق عنوان الشراكة في قرار الحكومة وخاض ويخوض معاركه على هذا الاساس؟ كيف يستقيم عنوان الشراكة في الحكومة مع خيار التفرد في اختيار رئيس الجمهورية او تعيين قائد للجيش او اي قرار ترى هذه الجهة السياسية أنه يخصها سياسياً وطائفياً؟ كيف تستقيم معادلة اشارككم في كل شيء في الحكومة  وحبة مسك وتبصمون على خياراتي في الرئاسة بلا شراكة او تفاهم او تسويات؟
إختبر العماد ميشال عون تجربة المنفى القاسية. وإختبرتها انا أيضاً على نحو اقل بعدد السنوات ولكن بقسوة مماثلة. إختبرنا نحن الاثنان إحتمال خسارة الوطن وأوجعتنا كثيراً سنوات الغياب القسري.
من هذا الموقع، الذي اعرف حساسيته عند العماد عون اناشده ان يأتي الى منطقة وسطى تحمي فيها البلاد مع قوى الاعتدال الحقيقي، فلا خيار لنا ولك الا لبنان اولاً. لبنان أولاً قبلنا جميعاً.
المبالغة في رفع المظلومية المسيحية، لا يخدم إلّا المغالين في المظلوميات السنية والشيعية، وهذا فيه الكثير من صب الزيت على نار الحرب الاهلية. فضلا عن أنّها مظلومية غير دقيقة وليست تعبيرا عن واقع سياسي حقيقي.
كلنا نعلم أن الدستور اللبناني يكرس حقوق أصغر الاقليات المذهبية فيه، ويصونها بمثل صيانة حقوق من هم اكبر عدداً. واذا كان البعض سيغالي في التهديد بالعدد والمدد الاسلامي، ليقل لنا هل بوسع كل هذا العدد والمدد ان يلغي مقعداً حتى للاتين؟؟
في لبنان صيغة خلّاقة للعيش الواحد وصيغة تحلم بها وتسعى اليها كل المجتمعات المنفجرة حولنا، فدعونا لا نغامر بها في سبيل موقع أياً كانت رفعته.
في هذا الوطن يا حضرة العماد الصديق ما يستحق الحياة.
الحياة لك ولنا وللاجيال التي مستقبلها ليس في الشوارع بل في جامعاتها ومصارفها ومؤسساتها وشركاتها.
فليتق الله الجميع في لبنان.

أنهي كلامي مرة أخرى في المسألة الأمنيّة. وليسمع من في مسؤوليته الوطنية خلل.
لن نتراجع عن تصحيح الخلل في الخطة الأمنية في أي منطقة من لبنان. ولن نقبل بمعادلة ” مجرمون بسمنة ومجرمون بزيت” مهما طال الزمن وهو لن يطول.
على من وعد أن يفي بوعده ومن تعهّد أن يلتزم بتعهّدِهِ.
ليس هناك “وإلّا”، لأننا لن نرتكب كدولة خطايا وطنية كما فعل من هو خارجها حتى الآن في سراياه أولاً وثانياً وثالثاً.
عشتم. عاشت الدولة. عاش لبنان.