إفطار بيروت – البيال: السلاح ليس معياراً للوطنية

كلمات 12 أغسطس 2012 0

مساء الخير

مساء رفيق الحريري شهيدنا وكبيرنا وصانع نهضتنا في حياته وفي مماته حتى صار لضريحه الكلمة الفصل بين الحرية والاستعباد.

مساء سعد الحريري الغائب الحاضر في كل منا راعياً وحبيباً ورفيقاً وزعيماً “للبنان أولاً” خيار سياسي وحيد واكيد ودائم.

تحيةً الى اهالي الشهداء الذين سقطوا مع الرئيس الشهيد وهم بيننا نفتخر بصبرهم وصلابتهم، امهات وشقيقات وأشقاء وأهل، نؤدي معاً عهدَ الوفاء بالعدالة وبلبنان الباقي للجميع ومن اجل الجميع
تحيةً الى شهداء السابع من أيار الذين مضوا على الطريق ذاته، طريق الظلم والعدوان والغدر والاستباحة.
أما التحيةُ الأم فتبقى لبيروت .
الملهمة للثورة القادرة على الحرية.
بيروت رئة العروبة وبوصلة الاحلام بالربيع الذي صار حقيقة. بيروت الصابرة. الصامدة. الصلبة كصخرتها.
بيروت مدينة الأمن ودار الأمان. بيروت رفيق الحريري.
اترك الباقي لشاعرة المهن الحرّة بشرى عيتاني.

أين الأمن والامان ؟
سوف ابدأ بالحديث عن سوريا .
بعد ايام يدخل العيد على المسلمين وفي جوارنا رئيس سابق لنظام سابق يرى ان القتل هو الوسيلة الوحيدة لإقناع الشعب السوري بالتخلي عن حقه في الحرية والكرامة والعدالة.
عشراتُ آلاف الشهداء ومئات آلاف المفقودين والمعتقلين وسبعة عشر شهراً من القتال لم تقنعه – ولن تقنعه – أن هذا الشعبَ البطلَ اخذ خيار الحرية ولن يعود عنه.
لم يتعلّم لا من تونس ولا من ليبيا ولا من مصر ولا من اليمن … لكن الشعب السوري سيعلّمه كيف سيكون مصيره لأن الطغاة ليس لهم الا لعنةَ التاريخ والانتهاء مسجونين او منفيين او مقتولين.
نحن نفتخر بالانتصار لحرية الشعب السوري و لا ننأى بأنفسنا عن الحق .
من منا لا يتذكر عشرات السنوات من القهر والظلم والاغتيالات والتفجيرات ؟؟ من النظام السوري السابق في لبنان .
صحيح أننا انتصرنا عبر انتفاضة الرابع عشر من آذار وأخرجْنا جيشَ الاسد من لبنان لكن سياسة النظام السوري وحلفاءَه هي ذاتُها لا تتغيرُ ولا تتبدل.وهي السياسةُ التي تحترفُ القتل ولا تصدّر سوى التفجيرات والصواعق والخيانة والفتن المذهبية …

لذلك حين تستعصي حماه بالعاصي وتشمخ حمص بخالد بن الوليد وتستعلي مآذن درعا بالعُمَري وحلب بقلعة صلاح الدين ودمشق بأمويتها، تنهضُ منابرُ بيروتَ ولبنان داعمةً لحرية الشعب السوري.شاءَ مَن شاء وأبى مَنْ أبى.
من البديهي انسانياً أن لا يختلفَ لبنانيان على حق المواطن السوري في الحياة. الحياة فقط.
ما تفعلُهُ عصاباتُ النظام السابق ليس أقلّ من إلغاءٍ مطلقٍ لاحتمالات الحياة في سوريا، كأنّ حياةَ هذه العصابة لا تستمرُّ الا بمقدار موت الآخرين.
من البديهي أخلاقياً أن لا يختلفَ لبنانيان على حق المواطن السوري بمواجهة الظلم . فقط مواجهة الظلم ..
ومن البديهي سياسياً ان لا يختلف لبنانيان على حق المواطن السوري بالحرية والديموقراطية،
لكنْ للأسف فإنّ هذه البديهيات الثلاث مختَلفٌ عليها سياسياً في لبنان وذلك ليس بسبب تعدّد الآراء حولها. فلا رأْيَ بين القاتل والمقتول ولا رأيَ بين المجرم والضحية ولا رأي بين السكّين والرقبة المستباحة. هذه البديهيات مختلَفٌ عليها سياسيًا بسبب سطوة وثقافة نظام السلاح غير الشرعي أولاً وثانياً ودائماً.

يتقدمُ منا حزبُ السلاح بعروض ثلاثة :
العرضُ الاول: ان نعقد مؤتمراً تأسيسياً باعتبار ان انقلابهم نجح واننا نعيش في دولة لا دستورَ فيها ولا مؤسسات . سعياً وراء نظام سياسي يضع السلاح غيرَ الشرعي في واجهة الدولة وليس في كَنَفها.
العرضُ الثاني : أن ننضمَّ الى المحور الايراني سياسةً وجيشاً وإنماءً لنحفظ رأسنا من سلاحه وننعُمَ بالماء والكهرباء والطرقات والسلاح ايضاً.
باعتبار أنّ العالم ينقسم الى معسكرين : معسكرالخير الموجود في السياسة الايرانية , ومعسكر الشر المنتشر في الغرب والدول العربية.
معسكر الخير هذا يضم الضباطَ القَتَلةَ الذين قَضَوا في انفجار دمشق والذين أنعم عليهم حزبُ السلاح بلقب شهداء سوريا ، أما عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والرجال من شهداء الشعب السوري البطل فليس لهم سوى صفة القتلى في قاموس الحزب .
ثالث العروض ان نعيش في ظل حكومة قطّاع الطرق خاضعين لكل مقرراتها ننتظر الاغتيالات والتفجيرات وقانون الانتخابات العجيب الغريب الوقح….أي ببساطة ان نترك كرامتنا وحريتنا في المنزل قبل ان نخرج في الصباح.
بصراحة …. فشروا بالثلاثة …

قبل ايام قليلة وجد في سوريا رئيس نجيب حقاً
(الصيت إلنا والفعل للسوريين)

مارس فعلا سياسة النأي بالنفس.. النأي بالنفس عن الجريمة والقتل والارتكاب واستنزاف عناصر المناعة في المجتمع السوري الان وفي المستقبل
وُجد في سوريا رئيسٌ نجيبٌ حقاً عرف أنّ الاستمرار في حكومة النظام غير الشرعي ليس سوى مكابرة مجنونة.
وجد في سوريا رئيس نجيب حقاً لم يتردد في الاعتراف ان لقب رئيس الحكومة المنشق أشرفُ لصاحبه من لقب رئيس الحكومة المندس.
وُجد في سوريا رئيسٌ نجيبٌ حقاً يعرف ان مراسيم التعيين تصنعها شرعية الانتخابات وليس شرعة قمصان التشبيح وسلاح التشبيح ومنابر التشبيح.

من هنا من قلب بيروت تحيةً للرئيس النجيب حقاً تحيةً للرئيس المناضل الصادق مع نفسه وشعبه رياض حجاب.
اما في لبنان، ثمة شائعةٌ أنّ لنا رئيسَ حكومة نجيباً.
أمام رئيس الحكومة اللبنانية الآن واقعة .
بالامس صدرت مذكرة توقيف بحق وزير ونائب سابق بنقل متفجرات من سوريا الى لبنان لقتل الناس وترويعهم وافتعال فتنة طائفية في الشمال. الشريك المعلن بحسب المذكرة القضائية هو رئيس المخابرات السورية الذي زوده بالسيارة والمتفجرات والمال.
اليس هذا اعتداءً جرمياً سورياً على لبنان ؟
اننا نطالب بقطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري والتقدم بشكوى بحق النظام السوري الى مجلس الامن الدولي يضيف جريمة جديدة الى سجل النظام ونطالب ايضاً بمد مهمة قوات الطوارئ الدولية الى الحدود السورية اللبنانية منعاً لاعتداءات النظام السوري على الاراضي اللبنانية وحماية القرى الحدودية واهلها.
فهل سينأى الرئيس النجيب بلبنان عن حريق النظام السوري ام سينأى بنفسه عن أي موقف وطني حاسم؟
ما لم يفعل فليرحل. فليرحل. فليرحل.

واجه اللبنانيون مع هذه الحكومة منذ تشكيلها خمسة نزاعات امنية اساسية .

الاول:عدم تحريك أي ساكن بخصوص القتلة الاربعة الذين سمّتْهم المحكمة الدولية في عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري .بل لقد جرت ترقيتُهم من رتبة متهمين الى مصاف القديسين!

الثاني : محاولة اغتيال الدكتور سمير جعجع في مقره بقناصات مميزة

الثالث: النأي بالمشتبه به في محاولة اغتيال الشيخ بطرس حرب والذي تقدم بطلب تصنيفه في مرتبة القديسين أسوةً برفاقه في أمن حزب الله.

الرابع: ما ذكرناه عن متفجرات المخابرات السورية التي حملها ميشال سماحة بتكليف من اربابه

الخامس: والدائم الاعتداءات المتكررة لقوات النظام السوري، خطفاً وقصفاً على اهلنا في الشمال وفي عرسال.

وبانتظار المزيد ينأى ” النجيب ” بنفسه عن وطنيته ولبنانيته باعتبار ان هذه الحكومة تؤمن الاستقرار .
هل هذا هو الاستقرار ؟
الجواب عندكم …
لقد مددنا اليد مرات ومرات مطالبين بحكومة محايدة من الاختصاصيين تتولى شؤون البلاد والعباد فجاءنا الجواب إمّا بمحاولات الاغتيال التي تطول لائحتها وإمّا بالتفجيرات.

لكننا لن نسكت ولن نستكين حتى نُخْرجَ نظامَ سلاح حزب الله من الدولة اللبنانية.
فعلتم ذلك سابقاً مع الجيش الإسرائيلي ثم مع الجيش السوري وحان الآن دورُ السلاح الايراني… وحكومة هذا السلاح.
لقد بات إسقاطُ نظام السلاح هو المشروعُ الوطنيُ الملحُّ في لبنان، من اجل انهاء حالة الشواذ التي يمثلها نظام السلاح بما يفتح المجال للبنانيين كل اللبنانين ان يتفقوا ويختلفوا ضمن اطار سياسي ديموقراطي صحي وصحيح. ودون إرهاب من فريق على آخر أو استقواء من لبناني على آخر تحت أي عنوان .

السيداتُ والسادة
إن إسقاط نظام السلاح غير الشرعي ليس لانتزاع عنصر قوة من يد الطائفة الشيعية في لبنان. فالشيعة ناضلوا من اجل العبور الى الدولة لا من اجل انشاء دويلة.
ناضلوا من اجل حضورهم في النظام السياسي اللبناني لا من اجل ان يتحولوا الى قوة تعطيل للنظام السياسي اللبناني. فهذا السلاح اليوم هو من أوضح علامات ضعف البيئة الحاضنة له في لبنان، حيث يتفشى منطق الشللية، وأمراء الاحياء والاشتباكات المسلحة بين العائلات وتبييض الأموال والمخدرات …..
والأخطر الاخطر، الخوف… الخوف من الذات والخوف من الاخر.
هل يُعقلُ ان يصبحَ السلاحُ هو العنوان الوحيد للحضور السياسي الشيعي في النظام اللبناني ؟
هذا احتلالٌ للعقل والعاطفة مهما كانت الشعارات التي يحملها هذا السلاح. والحياة الوطنية بين اللبنانيين لا تقوم على الاحتلال .
فلا السلاح هو معيارٌ للاسلام ولا هو معيار للوطنية أو التقدّم او الانماء او المعرفة .ولا الشيعةُ الذين نعرفهم ويعرفووننا يريدون ذلك .

قرأتُ مقالاً منذ ايام عن المقاومة وعمى الالوان ينسب الى الراحل الكبير السيد محمد حسين فضل الله قوله “إنّ مشكلة البعض انه ليست لديه نيّة في تغذية نفوس الناس وعقولها بقيم الاسلام من غير ملعقة المقاومة”.
لم يبق في ملعقة المقاومة غير “السمّ الايراني” فهل يريده اللبنانيون ؟
فوق ذلك يأتي مندوب ولاية الفقيه الى لبنان وسوريا معلناً لبنان أرضاً للجهاد وسوريا ضلعاً للمقاومة بصرف النظر عن رأي الشعوب . المهم في نظره قرارُ رأس محور المقاومة !

ببساطة مرةً أُخرى نحن لا نريد ولاية فقيه سياسية او تسليحية او إعمارية في لبنان .
نحن نقدّر لفخامة الرئيس القواعد الوطنية التي وضعها في خطابه يوم عيد الجيش وموقفُنا من الحوار مشاركةً أو إحجاماً ليس موقفاً منه . لكن الحوار بالمبدأ يفترض قبول الطرفين بجدول أعمال واضح في النص ومحدّد في الزمن .
ونحن لا نطالبه الاّ بما أقسم عليه في الدستور وهو أن للدولة وحدها حقَّ حصريّة السلاح .
ما لم توضع هذه القاعدة سنعود الى حوار الطرشان كما فعلنا منذ العام 2006 حتى اليوم .

السيدات والسادة
في لحظة سقوط الاستبداد العربي سيسقط استبداد السلاح في لبنان . وفي زمن سقوط أنصاف الآلهة العرب سيسقط أنصاف الآلهة في لبنان.
وفي زمن ولادة الحرية لن نسمح بإعادة فتح السجن الكبير.
نحن أيضاً نريد اسقاط النظام . نظام السلاح غير الشرعي .
عشتم . عاشت سوريا حرة . عاش لبنان .