إطلاق الضباط الأربعة براءة للمحكمة الدولية

مقابلات مكتوبة 09 مايو 2009 0

مرشح تيار المستقبل عن الدائرة الثانية في بيروت نهاد المشنوق في حوار شامل مع “الجزيرة”:
بيروت – منير الحافي

الجلسة مع نهاد المشنوق، تأسرك لسحره و(كاريزمته). يُعرّف عنه موقعه الخاص على الإنترنت بأنه (كاتب سياسي منذ العام 2005) في عدد من الصحف اللبنانية والعربية. لكنني أنا على الأقل، لا أستطيع تعريفه إلا بأنه (قائد صحافي وإعلامي) في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري. جلستي معه في مكتبه الخاص في الصنائع، ذكرتني بجلسات كانت تجمعنا في القصر الحكومي القديم على بعد أمتار من هنا، قبل خمسة عشر عاماً. يومها، كان المستشار السياسي للرئيس الحريري، وكان (مستشارنا) غير المعلن، نحن الصحافيون. فكنا نرجع إليه في كل أمر صحافي أو إعلامي جلل. يذكر أن المشنوق عمل مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري من العام 1989 حتى العام 1998، حين دفع الى مغادرة عمله وبلده في ذلك العام، من قبل (الأمن السوري).

قبل ذلك، ساهم المشنوق في تأسيس (اللقاء الاسلامي) برئاسة المفتي الشهيد حسن خالد في العام 1983، وهي الهيئة السياسية التي دعت الى (إنهاء الحرب الداخلية ووقف الهيمنة السورية على السياسة اللبنانية) في منتصف الثمانينات.
المشنوق الصحافي والإعلامي، وقف دائماً (في البقعة المتداخلة بين الصحافة والسياسة) شأنه في ذلك شأن الكثير من الصحافيين. ولطالما قيل إن (خيطاً رفيعاً – غير مرئي- يفصل بين الصحافة واليساسة).
هو اليوم مرشح تيار المستقبل في الدائرة الثانية في بيروت وإن كان لا يستخدم كلمة (تيار المستقبل) ويفضل (جمهور رفيق الحريري) مع التزامه كتلة التيار.
جلسة طويلة مع (أبو صالح) كما يسميه أصدقاؤه، لا تشفي الغليل، إذ يختزن هذا الرجل أفكاراً وربما (معلومات) تحتاج إلى أكثر من ساعتين لمقابلة. وتركت لنفسي، وللقراء، أن أنهي بعد 7 حزيران، موعد إجراء الانتخابات النابية، جزءاً ثانياً من حديثي مع (سعادة النائب) نهاد المشنوق.

في ما يلي نص الحديث كاملاً.

أستاذ نهاد، الموضوع الأول الذي يطغى اليوم على الحياة السياسية في لبنان، هو موضوع اطلاق الضباط الأربعة. كيف تنظرون إلى ذلك؟ وهل تعتقدون انهم قد يكونون ابرياء؟ وكيف تفسر ما قيل بحق الضباط خلال الفترة السابقة؟

– انا مسلّم بداية بحقيقة المحكمة الدولية. واعتبر ان قرار إخلاء الذي صدر دليل براءة للمحكمة لأن الاتهامات التي وجهت اليها، أكبر بكثير من الاتهامات التي وجهت الى الضباط.
ثانياً، نحن سلمنا بان المحكمة هي المسؤولة عن الملف، فلماذا الاجتهاد؟ عندما قررت لجنة التحقيق الدولية برئاسة القاضي ديتليف ميليس التابعة للمحكمة، توقيف هؤلاء الضباط استندت الى ما لا نعرفه. واليوم افرج القاضي بلمار او رئيس المحكمة عن الضباط لاسباب معلنة، وأوضح بشكل صريح انه ليس هناك من ادلة كافية لاحتجازهم، ولم يقل أنه لا يوجد ادلة.
انا برأيي ، أخذ التحقيق ثلاث درجات: الدرجة الاولى هو التحقيق من قبل الجهات اللبنانية، اما التحقيق الثاني فقامت به لجنة التحقيق الدولية برئاسة بيتر فيتزجيرلد الذي كان واضحا بقوله ان هذه الاجهزة الامنية لم تكن مؤهلة لحماية الشخصيات والمسؤوليين.
التحقيق الثالث اجراه رئيس لجنة التحقيق الدولية دتيليف ميليس وهو تحقيق يملك تصوراً كاملاً، لكن ليس بالضرورة ان يكون باكمله صحيحاً.
التحقيق الرابع لسيرج برامرتس الذي قام بامتحان لتحقيق ميليس. فهو اعاد كل التحقيق واعاد كل مرحلة منه عدة مرات للتأكد من صحتها.
المرحلة الخامسة مع القاضي بلمار الذي قال في تقريره ما قبل الاخير: لقد توصلنا الى معلومات جدية حول مصادر تمويل هذه العملية، وهي المرة الاولى التي يرد فيها تقرير من هذا النوع في كل تقارير اللجنة الدولية. بلمار قال ايضا في مؤتمره الصحافي ، انه يبحث للوصول الى ادلة لا يرقى اليها الشك.
وبذلك لم يترك مجالا للاجتهاد، وهو يقول اليوم ان لديه تصوراً وتحقيقاً، وربما لديه بعض الادلة، لكن لا يوجد لديه ادلة لا يرقى اليها الشك بعد. لذلك يجب ان نحترم ما قاله ونسلمه هذا الموضوع من أوله الى آخره.
اذاً، البراءة التي صدرت براءة كبرى، ولكن هي لصورة المحكمة على التلفاز. فالصورة الأولى هي ليست صورة الافراج عن الضباط بل جلوس المحكمة الى القوس والى يمينها المدعي العام والى يسارها محامي الدفاع وقاضي الاجراءات التمهيدية يتلي قراره بكل جدية وعلناً وبكل مسؤولية واحترام. ما حدث شيء كبير لجميع اللبنانيين، وهو ليس انتصاراً للضباط ولا لقوى الثامن من آذار، بل لجمهور رفيق الحريري ولسعد الحريري، قبل غيره من قيادات الرابع عشر من آذار، بصفتيه ولاية الدم ثانياً، والولاية السياسية أولاً.

لكن فيما يتعلق بالضباط أنفسهم، هناك شريحة واسعة ايدت خروجهم واحتفلت بهم، وهي تعتقد ان الضباط ابرياء وكانوا مظلومين، فيما المحكمة الدولية التي يثق بها تيار المستقبل، اعلنت براءتهم؟

هناك فرق بالاحتفال فرحاً وبين الاحتفال للعداوة. ما رأيناه يوم اطلاق الضباط هو احتفال حقد وليس احتفال فرح، وهو احتفال موجه للجمهور الآخر.
انا من الاشخاص الذين فرحوا بانعقاد المحكمة وبقرارها ايا كان، وكذلك بالصورة. وبعد كل هذا النضال والعمل السياسي والدم والشهداء، تعقد محكمة دولية من اجل الاغتيالات السياسية في لبنان واولها الرئيس الشهيد رفيق الحريري. هذا له قيمة كبرى في تاريخنا وليس الافراج عن الضباط، وهذا سيظهر مع الوقت اكثر فأكثر، لان من وافق وقبل بقرار المحكمة الافراج عن الضباط، سيضطر بقبول كل ما سيصدر عنها فيما بعد. فلا يمكنك ان تأخذ المحكمة بـ”المفرق”.

ماذا تقول عن دخول حزب الله على خط الضباط، وما قيل من قبل العديد من السياسيين إن الحزب يغير مهمته من المقاومة الى النكاية.

صحيح، لكن ما ظهر في الاحتفال المحدود المدعويين حيث الشعارات كانت حزبية والجمهور هو جمهور الحزب وليس جمهور جميل السيد او جمهور لبناني عام ، الواضح في خطابهم السياسي انهم يحاولون استغلال هذه الحادثة باعتبارها انتصاراً سياسياً لهم.
اقول انها نشوة معنوية مؤقتة، لكن دعونا نرى الى متى ستستمر النشوة والى ماذا ستوصل، اذا كانوا يبحثون عن عناوين للاشتباك مع اللبنانيين الآخرين فهناك الكثير من العناوين.
واذا كانوا يبحثون عن عناوين وفاق وتوافق فهناك عناوين محدودة. واعتقد انه يجب ان تكون اولوية حزب الله المطلقة بايجاد المزيد من السلم الاهلي لحماية المقاومة، وليس المزيد من الانشقاق الاهلي عبر الفرح بالافراج عن الضباط.

كان هناك لوم على حزب الله انه وزع أعضاء له في استقبال كل ضابط اطلق سراحه. فكان هناك قيادي في الحزب يرافق جميل السيد يدلي يخطاب أمام الجمهور الذي يستقبله، وآخر مع حمدان وثالث مع الحاج…

صحيح، انا ارى في ذلك عملا تنظيميا، يشير الى انهم تصرفوا للاستفادة منه سياسيا ولشد عصب جمهورهم اكثر لدفعهم اكثر نحو الاقتراع يوم الانتخابات.

هل يرتبط هذا الامر فقط بالانتخابات؟

لا اعتقد، انهم يتصرفون وكأنهم يريدون تبرئة كل العهد السابق من العام 1995 حتى العام 2005، وهذا اخطر ما في الامر لان الظلم والقهر والارتكاب تم من قبل هذه الاجهزة خلال هذه الاعوام السابقة، ونشير هنا الى كلام الرئيس (السوري بشار) الاسد لصحيفة كويتية، قال فيها ان الضباط الاربعة هم المسؤولون عن الامن. وايضاً (رئيس لجنة تقضي الحقائق بيتر) فيتزجيرالد قال ذلك وليس (ديتليف) ميليس… لكن قاضي الاجراءات التمهيدية افرج عنهم لان قانون المحكمة محدد ولا يسمح بالاعتقال اكثر من ثلاثة اشهر بصفة مشتبه بهم. نحن نسلم امرنا للمحكمة الدولية ونسحب من التداول اللبناني هذا الموضوع الذي ليس لدينا فيه اي تأثير ولا اي قرار.

هناك تخوف من موضوع معين، انه اذا ارادت المحكمة الدولية استدعاء احد هؤلاء الضباط مجددا، فمن سيكون لديه الجرأة لاستدعاء جميل السيد مثلا، في ظل التخويف من تاريخ السابع من ايار، والبؤر الامنية المتواجدة في بعض المناطق اللبنانية، لا سيما في الضاحية الجنوبية حيث لا تستطيع القوى الأمنية الدخول اليها؟

حزب الله لا يستطيع ان يتبنى مجرمين وان يغطي عليهم. والمجتمع الدولي هو المسؤول، وهو مسؤول عن تنفيذ ما تقرره المحكمة، والوقت سيكشف ما اذا كانت المحكمة الدولية ستستطيع السير باجراءاتها. ونطرح جدلا انه في حال لم تستطع المحكمة استدعاء احد من الضباط، فالقانون يسمح بالمحاكمة الغيابية. فما الفائدة من ذلك في ظل المحاكمة الغيابية؟ وكل من تطلبهم المحكمة يذهبون بصفة شاهد او مشتبه به او متهم.

هناك مسؤولون من حزب الله، يطالبون بتغيير الأكثرية النيابية اليوم، وكان هناك تصريح لرئيس كتلة حزب الله محمد رعد سحبه من الصحافة، يقول: (كما ذهب اولمرت وبوش يجب على هذه السلطة ان ترحل) ما رأيك؟

هذا التصريح سبب لي قلقا شديدا، لكن يجب ان نتعامل معه كخطاب انتخابي عابر. واذا تعاطينا معه كخطاب سياسي وكأننا نفتح اشتباكاً مبكراً، مما يعني التبرع للأذى تجاه الوفاق اللبناني. فلننتظر نتائج الانتخابات ونتصرف على اساسها ولتأخذ المسألة الديمقراطية مداها.

هناك كلام حقيقي من 8 آذار، يقول إنه يجب على هذه القوى ان تأخذ الاكثرية؟

إذا اختار الناس أن تأخذ هذه القوى الأكثرية فلتفعل. الوصول الى الاكثرية عبر صناديق الاقتراع هو وسيلة ديمقراطية، بدل اخذها بالقوة.

حزب الله وحلفاؤه يلوحون دائما بورقة 7 ايار، بالقول اذا لم نربح في الانتخابات….

(مقاطعاً) يجب ان نأخذ السابع من أيار بنتيجته السياسية وليس الامنية. جمهور رفيق الحريري خسر، في هذا التاريخ، معركة لم يخضها، وليس صحيحا انه كان هناك مواجهة ربحت فيها 8 آذار. جمهور رفيق الحريري هو جمهور سياسي يواجه بالسلم والكلمة، والحق هو اقوى من اي سلاح، واذا ثبَت السابع من ايار نتيجة سياسية، فهي اتفاق الدوحة.
فانا ادعي، لا استطيع القول عن النائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط من دون ان اسألهما، ان كل السبعات في كل الاشهر، لن تلزمنا كمجموعة سياسية بتوقيع اي اتفاق سياسي لا نرى فيه توافقاً وميثاقاً وديمقراطية طبيعية و سياسة سليمة وسلما اهليا…

حتى ولو اعيدت نفس الظروف او ربما اشد منها؟

ايا كانت الظروف، وايا كان السلاح فالكلمة هي اقوى من اي سلاح… الكلمة الصلبة غير المرتبطة بالسلاح ولا بالقدرات بل بالايمان، بالايمان بما نقوله.. هناك اجواء توافقية في المنطقة افضل من التي نسمع بها واعتقد ان الاولوية الاستراتيجية لحزب الله يجب ان تكون في الحفاظ على المقاومة بوجه العدو الاسرائيلي، هذه الاستراتيجية التي تتطلب المزيد من السلم الاهلي، والمزيد من التفاهم والوفاق والحوار. ويجب ان يكون عنوان المرحلة المقبلة “الحوار سيد الاحكام”.

هل سيقبل حزب الله وحلفاؤه ان يبقوا الاقلية النيابية اذا خسروا في الانتخابات؟

هذه مسألة تقررها الصناديق، ولا نستطيع ان نقبل او نرفض النتيجة. فاذا اقرينا بمبدأ الانتخاب يجب ان نقبل بالنتائج. واذا اراد البعض الاعتراض على النتائج، يستطيع ان يخلق معادلة ما، مثلما حصل في الدوحة، وهي الثلث المعطل.
وهذا امر لن يتكرر، لا من جهة جمهور رفيق الحريري ولا من جهة حزب الله. اولا هم وعدوا بموجب اتفاق الفينيسيا قبل الدوحة بانه لا استعمال للسلاح. اضافة الى ان الدستور ، كما في كل الدساتير وكل الكتب، يقول ان الديمقراطية التوافقية التي تستوجب ثلثا معطلا، هي نظام يُتبع في دول توجد فيها اثنيات مختلفة او اعراق واجناس مختلفة. ونحن شعب من جنس واحد وعرق واحد…
لذلك، مسألة الثلث المعطل سياسية مخالفة للدستور وللديمقراطية ولمبدأ المواطنية. واذا اردنا التكلم عن الديمقراطية التوافقية فلماذا نجري انتخابات، فلتُشكل مجموعة من ستة اشخاص، نسمها حكومة، بدون اجراء انتخابات.

كلامك يعني ان حزب الله سيقبل بنتائج الانتخابات ولن يطالب بالثلث المعطل؟

حزب الله سيطالب بالثلث المعطل، ولا بد من ابتكار صياغة عبر الحوار تطمئن القلقين ولا تخالف الدستور. هي معادلة صعبة ولكن لبنان يجد دائما المخارج للمسائل الصعبة. اضافة الى ذلك، فان الجو العربي يساعد على هذا الموضوع، واعتقد ان مشكلة حزب الله ليست مع اللبنانيين بل مع النص السياسي السوري والايراني، وهما دولتان حليفتان له. النص السياسي السوري يقوم بالتفاوض غير المباشر مع اسرائيل لمدة اربع سنوات، ثم بعد العدوان على غزة يعلن عن رغبته في التفاوض مباشرة مع اسرائيل وبرعاية اميركية، ثم يأتي وزير الخارجية السوري ويقول نحن نريد مجددا مفاوضات غير مباشرة.
وفي الايام القليلة الماضية، اعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، وللمرة الاولى منذ عام ال 80 موافقته على حل الدولتين، اي بقاء اسرائيل وانشاء دولة فلسطينية. وهذ امر يناقض النص السياسي والشرعي لحزب الله، فالسيد حسن نصر الله قال: لا انا ولا اولادي ولا احفادي ولا احفاد احفادي، يمكن ان نعترف باسرائيل او نقبل بوجود دولة اسرائيل. اذاً، مشكلة حزب الله ليست مع اللبنانيين.
وانا كمواطن لبناني عروبي مؤمن بان المقاومة يجب ان تبقى بوجه اسرائيل، وهي استطاعت فعلا ان تحرر الارض اللبنانية بواسطة عملياتها عام 2000، وان تصمد بوجه العدو الاسرائيلي في الـ 2006، بصرف النظر عن نقاط الاختلاف في هذا الموضوع. ويجب على حزب الله عدم اضاعة كل هذه العناوين في المزيد من الاشتباكات مع العمق اللبناني ويكفي المشاكل مع السياسيين والعمق السوري والايراني.

اذا انت مقتنع بان المقاومة استطاعت ان تحرر الارض وانت تريد لحزب الله ان يبقي على دوره في المقاومة والا يدخل الى (الزواريب اللبنانية)؟

يجب عدم البحث عن عناوين اشتباكات وعناوين خلافية على قاعدة توازن قوى، بل يجب البحث عن المزيد من عناوين الوفاق والاجماع..
يجب ان نجد صيغة تضم الدولة الى جانب المقاومة، وهذه الصيغة تشكل وطناً. لا نستطيع ان نعيش في دولة مواجهة للمقاومة ولا نستطيع ايضا ان نعيش في نظام المقاومة.. الاطار الوحيد الجامع لللبنانيين هو الدستور والدولة، ولا يوجد اطار آخر يجمعهم.

حضرتك في حال نجحت في الانتخابات، ستدخل الندوة البرلمانية، فكيف يمكن اقناع حزب الله بهذه الصيغة؟

عبر الحوار، ولا يوجد وسيلة أخرى للتفاهم غير الحوار، ليس هناك من مفهوم آخر. وكل جمهور رفيق الحريري جمهور يقاوم سلميا بواسطة صلابته وصموده ورغبته الدائمة بالحوار.

كيف تنظرون إلى الدور السعودي وجهود خادم الحرمين الشريفين، في تقريب وجهات النظر العربية؟
خادم الحرمين الشريفين قام بخطوة كبيرة من خلال اعادة الحوار مع سوريا والعمل على التفاهم معها، وهذه خطوة نشكره عليها في تجاوزه للماضي والنظر الى الامام لمصلحة الامة العربية والقيام بمزيد من الحوار والتفاهم.
اما بالنسبة الى الدور السعودي في لبنان، فقد كان دائما داعما للسلم الاهلي ومؤكدا على الحوار، ونحن نستقوي باسلامه وعروبته، ويستطيع ان يكون مطمئنا باننا لن نتخلى عن عروبتنا..

هل ستنعكس هذه المصالحة السعودية – السورية برأيكم على المحكمة الدولية؟
ليس هناك من شيء سياسي يستطيع ان يؤثر على المحكمة الدولية.. نظرا الى انها محكمة محترفة ستقوم بعملها على اكمل وجه بصرف النظر عن اي اعتقاد سياسي بالتسييس…
والقرار الظني الذي سيصدر يشترك فيه حوالي 300 محقق من مختلف الجنسيات، فلا اعتقد ان احدا يستطيع ان يلزم كل هؤلاء الاشخاص بتغيير امر ما…
الحقيقة، هناك الكثير من التطورات في المنطقة، منها موقف خادم الحرمين في قمة الكويت، هذه مسألة لم نعرف انها ستحصل ، كذلك المناورات العسكرية السورية – التركية وكلام الرئيس الايراني عن تقبلهم لحل الدولتين، لم نكن متوقعين حصوله….
اعتقد ان الامور متجهة باتجاه آخر لسببين: السبب الاول ان لدى الادارة الاميركية الجديدة فترة سماح كادارة جديدة، وكل الناس تريد ان تعطيها فرصة، والسبب الثاني ان هناك خطوات متقدمة لاطراف رئيسية في العالم العربي والاقليمي. الدور السعودي من جهة والدور التركي من جهة اخرى ان كان لجهة التنسيق، فهما يتكاملان باتجاه نفس الهدف.
والواضح ان خادم الحرمين انهى ترتيب البيت الداخلي وانتقل الى التعامل مع مسألة الاقليم بهدوء وتروي كعادته ودون الالتزام باجندة اميركية، بل الالتزام باجندة حاجات شعوب المنطقة. وهناك استنتاجات كبيرة لدى كل القوى نتيجة الانتخابات الاسرائيلية، وعلى رأسها السعودية التي ستجعلها تعيد النظر في سياستها وتؤكد اكثر على السلام وليس على مفهوم السلام الاسرائيلي باي شكل من الاشكال.

هل انت متفائل بالنسبة الى لبنان؟

يوجد اجواء وفاقية في المنطقة لا بد ان تنعكس على لبنان وتؤكد على الحوار وتشجع السلم الاهلي. ووزير الإعلام السعودي د. عبد العزيز خوجة متخصص في الحوار، فهو محاور من الدرجة الاولى، ولو في زيارات سرية.

هل سيتم الحوار اللبناني – السوري؟

يجب ان ننتقل الى مرحلة اقامة علاقات طبيعية مع سوريا، دون ربط هذه العلاقات باي شيء آخر. لا احب تعبير (المميزة) والمبالغ فيه من دون مضمون، بل علاقات طبيعية بين دولتين جارتين ينتميان الى نفس الهوية العربية لا بد من ان تقوم بينهما علاقات طبيعية.
هناك اخطاء شائعة، لبنان ليس مختلفاً مع العروبة نحن لسنا مختلفين مع تاريخنا. هناك خلاف حدث في وقت من الاوقات ولا يزال مستمراً بشكل او بآخر مع القيادة السورية، بسبب الجو السياسي والقضائي بعدما سمى ديتليف ميليس او اوحى بمسؤولية قياديين سوريين عن عملية اغتيال الرئيس الحريري. نحن لم نعتمد كجمهور على فراغ في تسمية سوريا او غيرها…
لكن إلى ان تبت المحكمة وتصدر قرارها، يجب ان تكون هناك علاقات طبيعية بين البلدين. وقعت الكثير من الاخطاء في العلاقات، لكن الاخطاء في لبنان صدرت عن مجموعة من القوى. وهذه القوى مهما بالغنا في حجمها تعبر عن افراد ولا تعبر عن دولة. سوريا دولة مركزية في الامن والسياسة وفي القرار، وبالتالي العتب واللوم ليس في نفس المستوى، لا نستطيع ان نظلم افراداً ونحملهم مسؤولية بنفس الظلم والمسؤولية التي نحملها للدولة.
سوريا قادرة اكثر ان تكون مسؤولة عن علاقات طبيعية وان تعطي الانطباع بقدرتها على القيام بهذه العلاقات، حيث تتجاوز ما يسمى بثأر الخروج من لبنان، اما الافراد فلا يستطيعون ان يتحملوا نفس المسؤولية. لبنان وفي عز ازمته السياسية الاخيرة، لم يقصر في اعلان رغبته ببناء علاقات طبيعية.
ويجب ان نتذكر ان وزير الدفاع ذهب الى سوريا وقائد الجيش ايضا، للتنسيق في كافة المجالات التي تزيد القلق السوري من اي احتمال تعاون عسكري لبناني معه. الوزير الياس المر ذهب حاملا معه اتهامات شعبية غير مؤكدة بانهم المسؤولون عن عملية الاغتيال، لكنه تجاوز الامر وذهب الى سوريا. وزير الداخلية ذهب ومعه كبار معاونييه الامنيين والعسكريين من مدير عام الامن العام و … وزير الخارجية ايضا على تنسيق دائم معهم وتم التبادل الدبلوماسي بين البلدين، وهذه خطوة متقدمة وكبيرة.

سؤالي عن جمهور رفيق الحريري والرئيس فؤاد السنيورة، ونحن لا نعرف من سيكون رئيسا للحكومة المقبلة ؟؟

السؤال هنا: هل رئيس الحكومة المقبل ايا كان سيكون معنيا ومسؤولا عن اقامة علاقات طبيعية مع سوريا؟ هذا دوره الطبيعي ولا يستطيع ان يقوم بدور آخر …. وافتراضا، سعد الحريري كرئيس حكومة سيكون معنيا باقامة علاقات طبيعية بين لبنان وسوريا. هو مسؤول ومعني بهذا الامر وهذا واضح في خطابه الاخير حين اُطلقت الوثيقة السياسية لتيار المستقبل، كذلك في خطابه عقب صدور قرار المحكمة، حيث قال انه سلم هذا الامر للمحكمة، فلم تعد المسألة مسألة شخصية.
اما زيارته الى دمشق، يجب ان تسأله شخصيا، لكنني متأكد انه في حال ترأس الحكومة سيكون مسؤولا ومعنيا في صياغة علاقات طبيعية بين البلدين. واذا شاوره وزراء الدفاع والداخلية والخارجية بالذهاب الى دمشق بالتنسيق، لن يرفض.
وفي وقت من الاوقات، وافق الرئيس السنيورة على زيارة وزير الداخلية والدفاع الى دمشق. ووافق سعد الحريري على الزيارة الولى والوحيدة للرئيس السنيورة إلى دمشق.

نعود الى الانتخابات النيابية. اليوم فيما يتعلق ببيروت وبالنسبة الى الناخب البيروتي، هل ترون ان المعركة سهلة بعد ما حصل في 7 ايار، هل انتم مرتاحون لمعركتكم في بيروت؟ علماً أن اتفاق الدوحة طالب بتوافق في الدائرة الثانية، وتوجد بعض الصعوبات في الدائرة الاولى (المسيحية)…

لست قلقا وسنقوم بما يجب ان نقوم به والكلام الذي سيسمعه الناس قبل الانتخابات سيسمعه نفسه بعد الانتخابات ولن نقول لهم كلاما فيه مبالغة…
وهنا لا يوجد لا معركة ولا توافق، بل عملية انتخاب طبيعية، الناس تقرر من يمثلها، نحن متحالفون بشكل علني وواضح وباتفاق بين الشيخ سعد الحريري والرئيس نبيه بري على ان تكون اللائحة مؤلفة من ممثل عن تيار المستقبل وآخر عن حركة امل ….

في آخر لقاء بين هذين الطرفين صدر كلام عن عين التينة عن (امكانية توافق لينجح نهاد المشنوق ومرشح أمل هاني قبيسي)…..

كلا، منذ اللحظة الاولى التي توصلا اليها بترشيح الاستاذ هاني قبيسي، اكد الرئيس نبيه بري انه ملتزم. وابلغ الشيخ سعد وابلغني وكل المعنيين، اننا على لائحة واحدة….

هل هو اتفاق نهائي بين حركة امل وتيار المستقبل؟

حول الانتخابات في الدائرة الثانية، لا يوجد تردد ولا تراجع عند الرئيس بري… فهو ثابت على موقفه ولم يتغير منذ اللحظة الاولى التي اتفق فيها مع الشيخ سعد خلالها على تسمية المرشح قبيسي…

ماذا عن حزب الله؟

لا يزال يقول انه على وعده وعهده في اتفاق الدوحة، لكن هذا الامر لم يتم تنظيمه ولا تظهيره بعد…

هل هذا سيستدعي من بقية المرشحين ان ينسحبوا…

بعد تاريخ الثاني والعشرين من الشهر، الانسحاب لا يغير من طبيعة العملية الانتخابية.

لم أقصد سحب الترشيح من وزارة الداخلية، بل عدم خوض المعركة؟؟

انا افضل اجراء الانتخابات بشكل طبيعي، والا يصل المرشح الى البرلمان بنتيجة اتفاق، ليست واضحة معالمه بعد.

فيما يتعلق بالمرشح نهاد المشنوق، على الصعيد الانتخابي ماذا تفعل يوميا، ماذا عن يومياتك الانتخابية وانت كنت تشارك الرئيس الشهيد رفيق الحريري في انتخابات سابقة وان من وراء الستارة…

صحيح عملت في ادارة الانتخابات لفترة طويلة، خلال دورتين انتخابيتين ودورة انتخابات بلدية بيروت التي كانت اصعب من الانتخابات النيابية، وكان الرئيس الشهيد رفيق الحريري حريصاً على ان تكون بيروت مناصفة بين مسلمين ومسيحيين، والناس لبتنا واتينا بلائحة فيها مناصفة.

انت كمرشح تلتقي بمجموعات…..
التقي بمجموعات من الناس، اناقشهم واتحاور معهم وارى طريقة تفكيرهم وعناوينهم الرئيسية واولوياتهم. انا مرشح سياسي ولا اقوم بتقديم الخدمات التقليدية للناس، لكن افعل ما استطيع فعله….

في السياسة، ماذا تقول للناخب البيروتي؟
اتكلم مثلما ارى الامور ولا اتكلم كلاما انتخابيا، انا اعد الناخب البيروتي بانني سأكون مدافعاً عن كرامته السياسية والشخصية، وساعمل بكل جهدي الا يكون هناك تنازلات في السياسة نتيجة اي اعمال عسكرية.