أول مسمار في نعش الفساد؟””

قالـوا عنه 02 يونيو 2016 0

getImage

لم يظهر من البركان سوى بداية دخان بسيط، خرج من صناديق الإقتراع في الإنتخابات البلدية التي تقدمت فيها السياسة كل ما قيل عن الإنماء، دخان يوحي بأن الأرض تغلي ضد الوضع المريض الذي يكاد ان يدمر لبنان.

كانت عملية سياسية خالصة نحن لم نقرأ برنامجاً إنمائياً واحداً، إستمعنا الى ترهات، وقد تتحول بداية بركان ضد السياسة والسياسيين. لقد شبع الناس وهذه صرخة أولى في وجه الفحش الذي طغى على كل شيء يتعلّق بالعمل في الشأن العام، حزبياً أو مرجعياً أو سياسياً أو زعامتياً أو وصاية تُقام على الناس باسم الأرض أو السماء!
أرفض ان يحدثني أحدٌ عن النسب والمئويات، فثمة زجاج مكسور من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال، الأدهى ان ثمة من لم يعد يرى زجاجاً في الواجهات بل يرى وحلاً معيباً. ليس كافياً ان تستجيب القوى السياسية لدعوة وزير الداخلية الصديق نهاد المشنوق الذي أدار عملية إنتخابية ممتازة يستحق عليها التهنئة الى “إعادة النظر في أدائها وعناوينها السياسية تجاوباً مع عنصر الشباب الذي أثبت قدرته على التغيير، والإنتخابات أنقذت لبنان من ان يتحول دولة فاشلة”.
صحيح هذا الدخان الإعتراضي ليس إلاّ رداً متنوعاً في تلويناته وتنوعه ودوافعه، على الفحش السياسي المتمادي، دخان يخفي غضباً عند الشجعان الذين تجرأوا اليوم على مواجهة المستوى السياسي الذي يدفع لبنان منذ أعوام الى حافة الدولة الفاشلة. وصحيح ايضاً قول المشنوق إن الإنتخابات أعادت جزءاً من معنى السياسة الى لبنان، ليس لأن السياسيين سيغيّرون غداً ألعابهم وتلاعبهم بالناس والبلد، بل لأن الشجاعة عدوى والذين قالوا اليوم لا للتابويات السياسية والطائفية سيجرّون غيرهم غداً الى هذه الـ”لا”، بما سيجعل المستوى السياسي الآن أكثر تمسكاً بقانون الستين التزويري الإلغائي في الإنتخابات النيابية.
دعونا من كل ما قيل ويقال عن اللوائح والتحالفات والحسابات والرهانات الخاطئة، وتعالوا لنبحث وسط هذا الزجاج المحطم عن ملامح المرارة الشعبية الساكتة، التي تجاسرت أخيراً لتقول لا وتطلق دخاناً بركانياً من الصناديق:
النقمة عارمة من وكلائنا السياسيين، والقنوط عارم من العبث السياسي في ذبح البلاد، فالفساد فاحش في العقود والتلزيمات، وغياب المحاسبة فاحش بسبب التعطيل يمارسه السياسيون، وغياب الدولة فاحش في وظائفها ومسؤولياتها وأدوارها فها هو لبنان مزبلة، والسمسرات فاحشة تنكشف أرقامها المليونية فلا يذهب سارق واحد من الأطهار وأبنائهم الى السجن، والسرقات فاحشة ومتوحشة والناس بلا كهرباء وبلا ماء.
لقد كان صمت الناس فاحشاً، ورضوخهم فاحشاً، وذلّهم فاحشاً، وغشمهم فاحشاً، فهل ان زمن الفحش الذي جعل لبنان دولة فاحشة قد بدأ ينحسر؟!