منير الربيع كتب في “المدن”: “المستقبل يستعيد خطاب المواجهة.. والمفتي يبارك”
إختار وزير الداخلية نهاد المشنوق توقيت الردّ على التسريبات التي تلت الاجتماع الشهير لكلتة المستقبل، الذي جرى خلاله التطرّق للبحث في إمكانية انتخاب النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية. لا ينفصل كلام المشنوق عن مسار سياسي جديد أو هو تمهيد له، خصوصاً أن البيروتية والمذهبية. اعتبر المشنوق أن ما سرّب غير صحيح، لافتاً إلى أن التسوية المقترحة من غير المقبول أن تكون على قاعدة الإستسلام.
وفي هذا السياق ربط بين الموقف السياسي وإعلان أن المستقبل لم يعد مستعداً ليكون تيار الإنتظار أو الإستسلام، وبين الموقف التصعدي ضد سرايا المقاومة، التي وصفها بسرايا الفتنة والإحتلال. وفي هذا تلويح منه باحتمال فتح هذا الملف ووضعه قيد التداول. كل ذلك يأتي بعد فشل المقترح بميشال عون (لرئاسة الجمهورية) مقابل سعد الحريري (لرئاسة الحكومة)، خصوصاً أن المشنوق اعتبر أن رئاسة الحريري للحكومة أمر طبيعي بموجب التمثيل الشعبي ودم الشهداء وهو ليس منّة من أحد. هو الردّ الأول على المبادرة التي اقترحها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
خرج المشنوق بهذا الموقف، وسط تحوّلات إقليمية ودولية، خصوصاً التصعيد في اليمن، والتحولات الروسية في المنطقة ربطاً بالمواقف الإيرانية والتركية، وهذا يعني أن التسويات مؤجلة. وبالتالي فإن المستقبل غير مضطّر إلى توفير الغطاء لأي طرف آخر، وثمة من يعتبر أن المستقبل يحضّر الجو الشعبي لتصعيد مرتقب، على قاعدة رفض ما يريده حزب الله، أي إما الخضوع أو الإستسلام. فهل يتقدّم خيار المواجهة في هذه المرحلة، إستناداً إلى نتائج معركة حلب؟
مازال المستقبل متمسّكاً بما يعتبره إنجازات المحور الذي ينتمي إليه، كف يد إيران المطلقة في اليمن ومحاصرة تدخلها في البحرين، وتقليص سيطرة إيران والأسد في سوريا… كل ذلك لا يسمح للبنان أن يكون خاضعاً بالكامل لحزب الله، خصوصاً أن المستقبل يعتبر أنه ليس بمقدور الحزب فعل شيء بدونه، فرغم غلبة السلاح هناك توازن سياسي موجود ولا يسمح لطرف بالسيطرة على الآخر أو تخطيه.
قبل أيام، فاتح أحد الوزراء المستقبليين الوزير جبران باسيل بواقع الحكومة، وذلك بعد إعلان باسيل أن الحكومة فاشلة ولا تحترم القانون والدستور. ويقال إن الوزير المستقبلي توجه إلى باسيل بالقول إنه حان الوقت للإنسحاب من الحكومة. في هذا الكلام دغدغة لمشاعر وزراء تكتل التغيير والإصلاح، على قاعدة إستدراج مزيد من العروض الرئاسية. لكن المصادر تنفي أن يكون وزراء التغيير والإصلاح في هذا الوارد، فيما هناك من يعتبر أن من يريد دفعهم إلى الإستقالة هو الضغط على حزب الله لإجباره على الذهاب إلى تسوية، لأن الحزب يريد إستمرار الحكومة والحد الأدنى من الإستقرار الذي توفره.
في وقت كان المستقبل يعاني أمام جمهوره من غياب مشروعه أو طروحاته السياسية، شكّل تصويب المشنوق على سرايا المقاومة إشارة جديدة على أن المستقبل يتمسك بمشروعه، وهو ضد السلاح غير الشرعي وتعزيز عمل المؤسسات، وإنسحاب حزب الله من سوريا. وصحيح أن هذا المشروع تمّ وضعه جانباً لفترة، إلا أنه جاهز للإبراز حالما تقتضي الحاجة إلى ذلك.
في المقابل، ثمة من يعتبر أنه لا داعي لتحميل كلام المشنوق كل هذه الإشارات، إنما ياتي في سياق تبسيطي أكثر، أولاً الرد على موضوع سرايا المقاومة الذي أثير مؤخراً، وثانياً الردّ على مبادرة نصرالله. فيما يصرّ آخرون على أن التصعيد آت.
لكن الجملة المفتاحية في كلام المشنوق الجديد هي أن “فريقنا كلما أعطى.. يُطلب منه أكثر”. وبعد كلامه صعد مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان إلى المنبر وقال: “لقد تحدث الوزير المشنوق باسمكم جميعا”. وكان الحديث أمام ممثلين عن أهالي بيروت. وهذا المشهد ليس تفصيلا.