صعوبة ظروف الدول المنتجة للنفط
كتبت رندة تقي الدين في الحياة: أشارت إدارة المعلومات النفطية الأميركية (EIA) إلى أن عائدات دول أوبك في ٢٠١٦ بلغت ٤٣٣ بليون دولار ما يمثل هبوطاً بـنسبة ١٥ في المئة بالمقارنة مع ٢٠١٥ عندما كانت ٥٠٩ بلايين دولار. مع عائدات السعودية بـ ١٣٣ بليون دولار في ٢٠١٦ مقابل ١٥٧ بليوناً في ٢٠١٥. ومعظم دول المنظمة شهدت انخفاضاً في عائداتها، لذا سيسود الوفاق وزراء منظمة أوبك غداً في فيينا لتمديد تخفيض الإنتاج لمدة تسعة اشهر بـ١،٢ مليون برميل في اليوم. ويعقد وزراء أوبك خلال تواجدهم في فيينا غدا مؤتمراً مع دول منتجة خارج أوبك كانت وافقت على المشاركة في التخفيض ولكن التزامها لم يكن بالنسبة العالية التي التزمت بها أوبك وخصوصاً السعودية في قرارها.
وتعقد أوبك اجتماعها غداً في ظل ظروف انخفاض عائداتها وحصصها الإنتاجية في السوق العالمية وأسعار النفط لم تصل إلى ٦٠ دولاراً للبرميل كما كان متوقعاً. والسبب أن دول أوبك لم يعد لها التأثير الأساسي على السوق النفطية بسبب انخفاض حصتها من هذه السوق النفطية. فالعالم يستهلك ٩٦ مليون برميل من النفط في اليوم وأوبك تنتج حوالي ٣١،٨ مليون برميل في اليوم. ولكن المنظمة بإمكانها منع الأسعار من الهبوط إلى مستويات ٣٠ أو ٢٠ دولاراً للبرميل لأنها تحمي هذا المستوى. فأوبك تجابه محاولة تحسين الأسعار ولكنها لا تسيطر أيضاً على الإنتاج الأميركي الذي زاد بـ٥٠٠ ألف برميل ولا على الاقتصاد العالمي وانتعاش الطلب على النفط. ولكن الدولة المنتجة العملاقة الأخرى روسيا التي تنتج اقل بقليل من ١١ مليون برميل في اليوم التزمت بقرارها مع أوبك الذي من شأنه أن يوصلها إلى تخفيض ٣٠٠ ألف برميل في اليوم في نهاية هذا الشهر لتظهر مدى جدية التزامها.
واقع الحال أن إنتاج روسيا في فصل الشتاء ينخفض تقليديا لأسباب تقنية والروس معروفون بعدم صدقهم في الالتزام بتعهداتهم فينبغي الانتظار إلى نهاية هذا الشهر لنرى مدى صحة التزامهم. وعشية المؤتمر في فيينا جاء الخبر عن اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بيع نصف المخزون النفطي الأميركي الذي يحتوي ٦٨٨ مليون برميل من النفط في لويزيانا وتكساس للحصول على ٥٠٠ مليون دولار للسنة الأولى على مدى عشر سنوات. وهذا قد يكون له تأثير معنوي أكثر مما هو فعال على السوق لأنه يمثل خطوة ينبغي أولاً أن يوافق الكونغرس عليها وهذا غير واضح بعد، ثم إنها بعيدة الأمد. فأفضل ما يكون لدول أوبك أن تتعلم أن تعيش مع سعر ٤٠ دولاراً للبرميل. ففائض النفط ما زال مرتفعاً جداً. والمزيد من التخفيضات في حصص أوبك ليس لصالح هذه الدول. فقد خفضت أكبر دولة نفطية وهي السعودية إنتاجها بـ١٧١ ألف برميل وفكرة تخفيض أكبر لحصتها ليست لصالحها، لأن منتجين آخرين قد يأخذون حصتها من السوق العالمية وهو ما لا تريده المملكة أو أي دولة خليجية أخرى.
من الواضح أن الظروف صعبة أمام المنتجين من أعضاء أوبك كون التحديات كبيرة. وحده الطلب على النفط وانتعاشه هو المنقذ من هذه التحديات التي تواجهها دول أوبك. ولكن المنظمة نجحت للمرة الأولى منذ مؤتمرها الأخير في إشراك دول من خارج أوبك معها في العمل على خفض الإنتاج. وهذا يسجل للتفاهم السياسي بين القيادتين في السعودية وروسيا. ولكن رغم هذه الاتفاقية ما زالت هناك مصالح خاصة للبعض في روسيا الذين لا يرغبون في التعاون. إن أسعار النفط أمام كل هذه التحديات ستبقى عند حدود ٤٥ إلى ٥٠ دولاراً للبرميل وعلى دول أوبك أن تتعايش وتكيف حياة شعوبها مع هذه الأسعار.